قَوْلُ (آمِينَ) بَعْدَ الفَاتِحَةِ مُبْطِلُ الصَّلَاةِ.

سِيرَوَان مُحَمَّدٌ:      السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.      يَسْئَلُ أَحَدُ أَبْنَاءِ العَامَّةِ وَأَرْجُو مِنْكُمُ الجَوَابَ؟      سُؤَالِي هُوَ بِخُصُوصِ آمِينَ، حَيْثُ إِنَّ عُلَمَاءَ الشِّيعَةِ لَمْ يَتَوَحَّدُوا عَلَى جَوَابٍ وَاحِدٍ:      فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ آمِينَ تُبْطِلُ الصَّلَاةَ لِأَنَّ أَيَّ زِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ فِي الصَّلَاةِ هُوَ مُبْطِلٌ لِلصَّلَاةِ، مَعَ أَنَّكُمْ تَسْتَحِبُّونَ بِقَوْلِ شَيْءٍ آخَرَ غَيْرِ آمِينَ، وَلَا أَتَذَكَّرُ بِالضَّبْطِ القَوْلَ الَّذِي تَقُولُونَهُ بَعْدَ ((وَلَا الضَّالِّينَ)).      فَهَلْ يُوجَدُ حَدِيثٌ يُحَرِّمُ أَوْ يَنْهَى عَنْ قَوْلِ آمِينَ، سَوَاءٌ فِي كُتُبِ العَامَّةِ أَمْ فِي كُتُبِكُمْ؟

: اللجنة العلمية

     الأَخُ سِيرَوَان المُحْتَرَمُ.. السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

     ذَهَبَ مَشْهُورُ الفُقَهَاءِ عِنْدَ الطَّائِفَةِ الإِمَامِيَّةِ إِلَى القَوْلِ بِحُرْمَةِ قَوْلِ كَلِمَةِ (آمِينَ) بَعْدَ سُورَةِ الفَاتِحَةِ وَأَنَّهَا تُبْطِلُ الصَّلَاةَ [الذِّكْرَى - لِلشَّهِيدِ الأَوَّلِ - 3: 345]، بَلِ الإِتِّفَاقُ وَالإِجْمَاعُ عَلَى كَوْنِهَا بِدْعَةً فِي الصَّلَاةِ [الإِعْلَامُ بِمَا اتَّفَقَتْ عَلَيْهِ الإِمَامِيَّةُ مِنَ الأَحْكَامِ - لِلشَّيْخِ المُفِيدِ -: 32].

     قَالَ الشَّيْخُ الصَّدُوقُ (قُدِّسَ سِرُّهُ) :وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ بَعْدَ قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الكِتَابِ: (آمِينَ); لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَتْ تَقُولُهُ النَّصَارَى. [مَنْ لَا يَحْضُرُهُ الفَقِيهُ، ج 1، ص 390، ذَيْلُ الحَدِيثِ 1155].

     وَجَاءَ عَنِ السَّيِّدِ الخُوئِيِّ (قُدِّسَ سِرُّهُ) فِي كِتَابِ "الصَّلَاةِ": (التَّأْمِينُ المَبْحُوثُ عَنْهُ فِي المَقَامِ يُتَصَوَّرُ عَلَى أَنْحَاءٍ :

     فَتَارَةَ: يُقْصَدُ بِهِ الجُزْئِيَّةُ كَمَا قَدْ تَفْعَلُهُ جَهَلَةُ العَامَّةِ وَعَوَامُّهُمْ فَإِنَّ عُلَمَاءَهُمْ يَقْصِدُونَ بِهِ الإِسْتِحْبَابَ - وَلَا رَيْبَ حِينَئِذٍ فِي البُطْلَانِ لِكَوْنِهِ مِنَ الزِّيَادَةِ العَمْدِيَّةِ القَادِحَةِ سَوَاءٌ أَتَى بِهِ جَهْرًا أَمْ سِرًّا، بَعْدَ الفَاتِحَةِ أَمْ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، إِمَامًا كَانَ أَمْ مَأْمُومًا أَمْ مُنْفَرِدًا لِاتِّحَادِ المَنَاطِ فِي الكُلِّ.

     وَأُخْرَى: يُقْصَدُ بِهِ الدُّعَاءُ أَيْ طَلَبُ الإِجَابَةِ بِهَذِهِ الكَلِمَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ أَسْمَاءِ الأَفْعَالِ بِمَعْنَى: اسْتَجِبْ، إِمَّا لِما دَعَا هُوَ بِنَفْسِهِ، كَمَا لَوْ قَصَدَ عِنْدَ قَوْلِهِ (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) القُرْآنِيَّةَ وَالدُّعَاءَ مَعًا، بِنَاءً عَلَى جَوَازِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَحَلِّهِ، أَوْ لِما دَعَا بِهِ غَيْرَهُ، كَمَا لَوْ سَمِعَ وَقْتَئِذٍ مَنْ يَدْعُو فَأَمَّنَ، وَلَا رَيْبَ أَيْضًا فِي عَدَمِ البُطْلَانِ فِي تَمَامِ الصُّوَرِ لِعَدَمِ الضَّيْرِ فِي الدُّعَاءِ وَالمُنَاجَاةِ مَعَ اللهِ تَعَالَى أَثْنَاءَ الصَّلَاةِ لِمَا جَاءَ فِي النَّصِّ مِنْ أَنَّهُ (كُلَّمَا ذَكَرْتَ اللهَ (عَزَّ وَجَلَّ) وَالنَّبِيَّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) فَهُوَ مِنَ الصَّلَاةِ).

     وَثَالِثَةٌ: لَا يُقْصَدُ بِهِ شَيْءٌ مِنْهُمَا كَمَا لَوْ أَمَّنَ تَبَعًا لِلقَوْمِ جَهْلًا مِنْهُ بِالمَعْنَى لِكَوْنِهِ مِنْ غَيْرِ العَرَبِ - مَثَلًا - وَاللَّازِمُ حِينَئِذٍ هُوَ الحُكْمُ بِالبُطْلَانِ لِكَوْنِهِ مِنْ كَلَامِ الآدَمِيِّينَ بَعْدَ عَدَمِ صِدْقِ الدُّعَاءِ عَلَيْهِ لِفَقْدِ القَصْدِ حَسَبَ الفَرْضِ.

     وَأَمَّا الجِهَةُ الثَّانِيَةُ: فَيُسْتَدَلُّ لِلمَانِعِيَّةِ بِطَائِفَةٍ مِنَ الأَخْبَارِ، مِنْهَا صَحِيحَةُ جَمِيلٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (عَ) قَالَ: إِذَا كُنْتَ خَلْفَ إِمَامٍ فَقَرَأَ الحَمْدَ وَفَرَغَ مِنْ قِرَاءَتِهَا فَقُلْ أَنْتَ: الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَلَا تَقُلْ: آمِينَ.

     بِنَاءً عَلَى ظُهُورِ النَّهْيِ فِي بَابِ المُرَكَّبَاتِ فِي الإِرْشَادِ إِلَى الفَسَادِ، وَحَيْثُ إِنَّ ظَاهِرَهَا - بِقَرِينَةِ النَّهْيِ عَنِ التَّأْمِينِ - كَوْنُ الإِمَامِ مِنَ العَامَّةِ فَهِيَ نَاظِرَةٌ إِلَى مَا يَفْعَلُونَهُ مِنَ الإِتْيَانِ بِقَصْدِ الجُزْئِيَّةِ أَوْ الإِسْتِحْبَابِ، وَلَا تَدُلُّ عَلَى المَانِعِيَّةِ فِيمَا إِذَا قَصَدَ بِهِ الدُّعَاءَ، فَهِيَ إِذًا مُطَابِقَةٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنَ القَاعِدَةِ الَّتِي مُقْتَضَاهَا - كَمَا عَرَفْتَ - عَدَمُ الفَرْقِ بَيْنَ الإِمَامِ وَالمَأْمُومِ وَالمُنْفَرِدِ، وَلَا بَيْنَ مَوَاضِعِ الصَّلَاةِ وَحَالَاتِهَا وَإِنْ كَانَ مَوْرِدُ الصَّحِيحَةِ خُصُوصَ المَأْمُومِ.... 

     وَمِنْهَا: رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ الحلَبِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عبْدِ اللهِ (عَ) أَقُولُ إِذَا فَرَغْتُ مِنْ فَاتِحَةِ الكِتَابِ: آمِينَ؟ قَالَ: لَا.

     بِالتَّقْرِيبِ المُتَقَدِّمِ.... انْتَهَى [كِتَابُ الصَّلَاةِ 4: 540]. 

     وَبِمَا تَقَدَّمَ تَبَيَّنَ أَنَّ جِهَةَ المَنْعِ وَالبُطْلَانِ لِقَوْلِ (آمِينَ) بَعْدَ سُورَةِ الفَاتِحَةِ فِي الصَّلَاةِ هُوَ الإِتْيَانُ بِهَا بِقَصْدِ الجُزْئِيَّةِ وَالإِسْتِحْبَابِ، وَهَذَا زِيَادَةٌ عَمْدِيَّةٌ لِكَلَامِ الآدَمِيِّينَ بَعْدَ عَدَمِ قَصْدِ الدُّعَاءِ فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ لِلإِتِّفَاقِ - بَيْنَ فُقَهَاءِ المُسْلِمِينَ جَمِيعًا - بِأَنَّ الكَلَامَ الزَّائِدَ عَمْدًا مُبْطِلٌ لِلصَّلَاةِ.

     أَمَّا سُؤَالُكُمْ عَمَّا تَقُولُهُ الشِّيعَةُ بَعْدَ قِرَاءَةِ الفَاتِحَةِ فَهُوَ: الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَهُوَ دُعَاءٌ، وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ عَنِ السَّيِّدِ الخُوئِيِّ (قُدِّسَ سِرُّهُ) أَنَّ الدُّعَاءَ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ، إِضَافَةً لِوُرُودِ الصَّحِيحَةِ المُتَقَدِّمَةِ فِي اسْتِحْبَابِ هَذَا القَوْلِ بَعْدَ الفَاتِحَةِ.

     وَدُمْتُمْ سَالِمِينَ.