مصطلح آل البيت

: اللجنة العلمية

 

آل البيت لغة:

آل البيت لفظ مركب من كلمتين (آل) و(البيت). كلمة (آل): اسم ثلاثي عينه ألف ممدودة، لكن قالوا: إنّ ألفه ليست أصلية؛ وذلك على قولين:

ذهب المشهور إلى أنّه مقلوب من الأهل؛ ولذلك يصغّر على أُهيل؛ لأنّ النسبة والتصغير يردّان الألفاظ على أصولها، فقد حكي عن سيبويه أنّ: أصل الآل الأهل. وقلبت الهاء للتسهيل(1).

وقال الكسائي: أصله أول(2)، ويصغّر (أويلاً).

إلّا أنّهم ذكروا فروقاً بين الآل والأهل؛ فإنّه لما كان (آل) فرعاً عن فرع جعلوه مختصاً ببعض الأسماء المضاف إليها، قال الراغب: خص الآل بالإضافة إلى الأعلام الناطقين دون النكرات ودون الأزمنة والأمكنة، يقال: آل فلان، ولا يقال: آل رجل، ولا آل زمان كذا أو موضع كذا. ولا يقال آل الخياط، بل يضاف إلى الأشرف الأفضل، يقال: آل الله، وآل السلطان.

والأهل يضاف إلى الكل، يقال أهل الله، وأهل الخياط، كما يقال: أهل زمان كذا وبلد كذا. وأيضاً لا يضيفونه إلى مضمر فلا يقال: آله وآلي، بل لا يضاف إلا إلى مُعظّم. فيكون لفظ (الآل) أضيق استعمالاً من لفظ (الأهل).

معانيه وما يراد به:

1ـ ذكر بعضهم أنّه بمعنى الأهل، فآل الرجل أهله وعياله(3).

2ـ ذهب بعض آخر إلى أنّه يستعمل فيمن يختص بالإنسان اختصاصاً ذاتياً، إمّا بقرابة قريبة أو موالاة(4).

3ـ إنّ لفظ (أهل) أخص من (آل) إذا استعمل بمعنى زوجة، كما في قوله تعالى خطاباً لزوجة إبراهيم (عليه السلام) عندما قالت: ((ءألد وأنا عجوز)) ـ : ((رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت)) (5).

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ((خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي)) (6).

ومن الواضح ان المراد بأهل البيت في ما تقدم ليس خصوص الزوجات، بل بمعنى أهل الرجل وعياله والذي قد يشمل الزوجة ايضاً، قال الزبيدي: ((ومن المجاز: الأهل للرجل زوجته، ويدخل فيه الأولاد)) (7).

آل البيت اصطلاحاً:

إنّ المراد من (آل البيت) لدى المسلمين بصورة عامة هم آل بيت النبي (صلى الله عليه وآله)، وقد ثبتت لهم بعض الخصوصيات والأحكام، وليس المراد بيت السكنى، بل المراد بيت النسب، ولكن وقع خلاف بين الإمامية وأهل السنة في تحديد دائرة هذا المفهوم خارجاً وتعيين مصاديقه، إلّا أنّ هناك قدراً مسلماً ومتفقاً عليه، وهم أصحاب الكساء الخمسة، لكن الاختلاف في دخول غيرهم معهم.

النتيجة والمحصلة:

لقد اختلفت التعريفات حول أهل البيت، لكن مهما اختلفت هذه التعريفات فإنّ جميع الفقهاء متفقين على أنّ أهل البيت أو آل البيت هم خاصة الرسول محمد (صلى الله عليه وآله)، وهم أقرب إليه نسباً، وقد ورد وصفهم في القرآن الكريم بأنّهم المطهّرين، وذلك في قوله تعالى: ((إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ))، كما جاء ذكرهم في أحاديث نبوية شريفة كثيرة، وقد أوصى النبي (صلى الله عليه وآله) بهم، ومما يجدر ذكره أنّ لآل البيت مكانةٌ عظيمة وقيمة خاصة عند جميع المسلمين باختلاف مذاهبهم، وفي هذا المقال سنشرح من هم أهل البيت عند الشيعة.

إنّ تعريف أهل البيت عند الشيعة: هو أنّهم فئة معيّنة من أقارب ونسل الرسول محمد (صلى الله عليه وآله)، والذين خصّتهم الخصال الحميدة التي وردت على لسان سيدنا محمد (صلى الله عليه وآله) ونزلت فيهم آية التطهير وهم: علي بن أبي طالب، فاطمة الزهراء، الحسن والحسين، وتسعة من نسل الحسين بن علي (صلوات الله عليهم أجمعين)، وهم الذين منعت عنهم الصدقات ومنعوا من أخذها. تتميز هذه الفئة حسب تعريف الشيعة بأنّهم معصومون؛ وذلك لارتباط دورهم ووجودهم بالرسالة الإسلامية، أمّا باقي من ينتمي لآل بيت الرسول لا يُعتبر معصوماً مثل هؤلاء. وينظر الشيعة إلى آل البيت نظرة التقديس والتمييز، ويجعلونهم فوق جميع الناس، وأنّه لا يجوز قياسهم بأي أحد. ويعتبر الشيعة أنّه من واجب الناس الاقتداء بآل البيت أمّا آل البيت فلا يقتدون بأحد، كما أنّ على الناس أن يتعلموا منهم، أمّا هم فلا يتعلمون من أحد.

نعم، إنّ آل البيت في تعريف الشيعة هم فئة محدودة من نسل الرسول (صلى الله عليه وآله) خصّتهم الروايات الواردة على لسانه، وقصدهم النص القرآني (آية التطهير)، وهم علي وفاطمة والحسن والحسين ثم تسعة آخرون من نسل الحسين (عليهم السلام).

وهذه الفئة هي المقصودة بالعصمة؛ لارتباطها بدورها ورسالتها بعد الرسول (صلى الله عليه وآله)، وليس كل من ينتسب لآل البيت يعتبر معصوما، كما قد يتصور بعض السطحيين ممن ليس لهم دراية بالرؤية الشرعية لآل البيت، وهذه الرؤية ليست من اختلاق الشيعة إنّما تفرضها النصوص الواردة في آل البيت، وفي نصوص أكثر من أن تحصى موّهت عليها السياسة، وصرفتها عن المدلول الحقيقي الذي ترمي إليه، وقد عرضنا لجزء من هذه النصوص في باب الإمامة.

إنّ المسألة عند الشيعة هي مسألة نصوص وليست مسألة رجال، فالنصوص هي التي تعطي الخاصية للإمام علي (عليه السلام). والنصوص هي التي توجب التلقّي والاتباع لآل البيت (عليهم السلام)، وأمام النصوص ليس هناك مجال للاختيار فإمّا الاتباع وإمّا الانحراف.

من هنا فإنّ الشيعة عندما يتخذون ذلك الموقف المتشدد من الصحابة ومن خصوم آل البيت عموما، إنما يتخذون هذا الموقف على أساس النصوص. على أساس أنّ خصوم آل البيت انحرفوا عن النصوص وليس عن الرجال.

ومسألة تقديس آل البيت من قبل الشيعة وحتى عموم المسلمين، إنمّا هي نابعة من النصوص التي جعلت لهم خصوصية وميزة ترفعهم فوق جميع الناس، تلك الخصوصية التي دفعت بجماهير السنة إلى تخطي حواجز السياسة وقيود الخلفاء والاتجاه بعواطفها ومشاعرها نحوهم.

فعلى الرغم من محاولات التأويل والتحريف للنصوص الواردة فيهم، غزت حقيقتهم القلوب وشع نورهم بين الدروب، وبرزت مكانتهم ساطعة كالشمس لتتلاشى أمامها كل خيوط الظلام.

من هنا فإنّ ملامح آل البيت (عليهم السلام) عند الشيعة تتحدد لنا من خلال ما يلي:

إنهم معصومون. إنّهم لا يقاس بهم أحد. إنّهم اثنا عشر إماما. فبخصوص العصمة فهي أداة لازمة للقيام بمهمتهم بعد الرسول كما بيّنا سابقا.

إمّا كونهم لا يقاس بهم أحد؛ فذلك لما لهم من مكانة تجعل الناس يقاسون بهم ولا يقاسون هم بأحد. ويقتدي الناس بهم ولا يقتدون بأحد. ويتعلم الناس منهم ولا يتعلمون من أحد.

أمّا كونهم اثني عشر فهذا ما حددته النصوص الواردة عند الطرفين. وإن كان أهل السنة يطبّقون هذه النصوص على الحكّام ولم يقض ذلك على حيرتهم في تحديد الاثني عشر، كما بيّنا فإنّ الشيعة يطبّقون هذه النصوص على أئمة آل البيت (عليهم السلام)، المحددين بالاسم والمشهورين في الأمة، محل رضا وقبول وعشق الجميع.

فمن ثمّ لا أثر للحيرة عندهم في هذا الأمر، خاصة أنّ هناك الكثير من النصوص الواردة على لسان النبي (صلى الله عليه وآله) لدى السنة ولديهم تحدد أسماء هؤلاء الأئمة. 

وأوّل هؤلاء الأئمة هو الإمام علي (عليه السلام) باعتباره وصي الرسول وحامل لواء الإسلام من بعده. وهو الوحيد من بين صحابة الرسول (صلى الله عليه وآله) الذي حمل لقب إمام. ولم نسمع أنّه قيل الإمام أبو بكر أو الإمام عمر، وإنّما قيل الإمام علي وعلى لسان أهل السنة قبل أن يكون على لسان الشيعة. وثاني هؤلاء الأئمة هو الحسن بن علي. وثالث الأئمة هو الحسين بن علي. ورابع الأئمة هو علي بن الحسين المشهور بزين العابدين والإمام السجاد. وخامسهم هو محمد بن علي الباقر. وسادسهم هو جعفر بن محمد الصادق. وسابعهم هو موسى بن جعفر الكاظم. وثامنهم هو علي بن موسى الرضا. وتاسعهم هو محمد بن علي الجواد. وعاشرهم هو علي بن محمد الهادي. والحادي عشر هو الحسن بن علي العسكري. والثاني عشر هو محمد بن الحسن المهدي (صلوات الله عليهم أجمعين).

ولقد كان لهؤلاء الأئمة وجودهم الفاعل في مجتمعاتهم، وكانت تهفو إليهم قلوب الجماهير المسلمة في كل مكان؛ مما أقلق حكّام زمانهم فأخذوا يحيكون المؤامرات للتخلص منهم عن طريق القتل بصورة لا تثير الناس وهي القتل بالسم. 

ولم يكن هؤلاء الأئمة الذين هم أبناء الرسول محل خلاف أحد من المسلمين، حتى فقهاء أهل السنة كانوا يكنون لهم كل تقدير واحترام وإجلال، وقد تتلمذ أبو حنيفة على الإمام الصادق (عليه السلام) مدة عامين، وله قولة مشهورة ((لولا السنتان لهلك النعمان))، كما تتلمذ على يديه مالك والشافعي وكثير من فقهاء السنة. 

وقد روى الصادق آلاف الأحاديث عن جده (صلى الله عليه وآله) ولم ينقل منها في كتب أهل السنة إلا القليل.

الموقف من المراد بـ (آل البيت):

أولاً: موقف الإمامية:

إنّ للفظ (آل البيت) إطلاقاً خاصاً لدى الشيعة الإمامية، ويقصد به خصوص قرابة النبي (صلى الله عليه وآله) المعصومين عليهم السلام، أي الأئمة الاثنا عشر وفاطمة فقط، وهذا الاصطلاح مرادف عندنا لمصطلح (أهل البيت) و(آل محمد) و(العترة) و(ذوي القربى) حتى بناءً على كون معانيها اللغوية أعم.

ويدل على هذا الموقف عدة أمور:

1ـ المعنى اللغوي للآل:

فإنّه تقدم في عنوان (آل) أنّ بعض أهل اللغة قد نص على أنّه يراد به من يختص بالإنسان اختصاصاً ذاتياً ويتعلق به تعلقاً شديداً. وهذا الارتباط الوثيق بالنبي (صلى الله عليه وآله) لا ينطبق إلا على الخمسة أصحاب الكساء.

2ـ النصوص: وهي كثيرة جداً، منها:

ما روي بشأن نزول آية التطهير، وهي قوله تعالى: ((إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً)) (8).

ثانياً: موقف أهل السنة:

إنّ أهل السنة قد وافقوا الإمامية في أنّ لفظ (آل البيت) ينطبق على أصحاب الكساء الخمسة، وهم فاطمة وأبوها وبعلها وحسن وحسين (عليهم السلام)، وهم القدر المتيقن المتفق عليه عند جميع المسلمين، إلّا أنّهم اختلفوا في دخول غيرهم معهم على عدة اتجاهات، وقد بالغوا في تكثيرها، وبعضها في منتهى التعسف وفي غاية التكلف حتى يُرى التشويش في نسبة هذه الأقوال إلى قائليها، وبعضها معلل بتعليلات عليلة.

1ـ إنّ المراد خصوص رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قال القاضي عياض: إنّ مذهب الحسن أنّ المراد بآل محمدٍ محمدٌ نفسهُ(9).

2ـ إنّ المراد خصوص أصحاب الكساء، وهو مختار جماعة منهم ابو سعيد الخدري ومجاهد وقتادة وروي عن الكلبي(10)، بل اختاره أكثر المفسرين(11).

3ـ إنّ المراد أهل مسجده (صلى الله عليه وآله)، أي من مكّنه رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيه ولم يخرجه ولم يسد بابه(12).

4ـ إنّ المراد خصوص نسائه؛ وذلك لأنّ السياق في آية التطهير يدل على ذلك، وهو قول عكرمة والزجاج، ونسب إلى مقاتل بن سليمان وعطاء والكلبي وابن عباس وسعيد بن جبير(13).

5ـ إنّ المراد مجموع نسائه وأصحاب الكساء الخمسة: محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)، حكاه الشوكاني(14).

6ـ إنّ المراد من حرّمت عليهم الصدقة(15)، وتحته أقوال:

أ ـ أنّهم بنو هاشم بن عبد مناف(16).

ب ـ أنّهم بنو هاشم بإضافة مواليهم(17).

جـ ـ أنّهم بنو هاشم وبنو عبد المطلب(18).

د ـ أنّهم بنو هاشم مع زوجات النبي (صلى الله عليه وآله) (19).

7ـ أنّ المراد جميع قريش، حكاه النووي في شرح صحيح مسلم(20).

8ـ أنّ المراد كل تقي من أمته(21).

9ـ أنّ المراد به اتباعه على دينه إلى يوم القيامة(22).

الألفاظ ذات الصلة:

هناك مصطلحات قريبة من مصطلح (آل البيت) منها:

1ـ أهل البيت: وهو مرادف لـ (آل البيت).

2ـ آل محمد: والمراد به علي وفاطمة والحسنان والتسعة من ذرية الحسين (عليهم السلام).

3ـ ذوو القربى: وهو مرادف لما سبقه.

4ـ العترة: عترة الرجل لغة وعرفاً: الأقرب إليه نسباً، وا الأدنون، وعترة النبي: مرادف لما قبله.

5ـ الذرية: لغة وعرفاً هي الأولاد وأولاد الأولاد ذكوراً وإناثاً، ويرادفه النسل، وكذا عقيب الرجل، لكنّهم لا يسمون عقباً إلا بعد وفاته. وذرية النبي (صلى الله عليه وآله) أولاده، إلا أنّه قد يستعمل مع القرينة في معنى أخص، وهو خصوص أولاده المعصومين (عليهم السلام)، وحينئذٍ يكون بين هذا المعنى الأخير للذرية وعنوان (العترة أو آل محمد أو ذوو القربى) عموم مطلق؛ فإنّ علياً من العترة وليس من الذرية. وعلى المعنى الأول يكون بين الذرية والعترة عموم وخصوص من وجه.

أحكام خاصة بآل البيت:

لا شك في أنّ لآل البيت (عليهم السلام) منزلة رفيعة حيث نزلت عدة آيات في بيان فضلهم وتواترت الأحاديث الواردة عن النبي (صلى الله عليه وآله) في ذلك.

ولقد اتفق فقهاء الإسلام على اختلاف مذاهبهم على أنّ لآل البيت (عليهم السلام) ـ في الجملة ـ أحكاماً خاصة بهم، وأنّ الأحكام التي ذُكرت للأئمة تجري هنا، من قبيل لزوم محبتهم، والصلاة عليهم، واحترام أسمائهم، ومشاهدهم وتعظيمها، وإحياء أمرهم، والتوسل بهم إلى الله تعالى، والتبرك بهم، وحرمة الغلو فيهم والنصب لهم وسبهم.

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ((حُرمت الجنةُ على من ظلم أهل بيتي، وقاتلهم، والمعين عليهم، ومن سبهم...)) (23).

وقال (صلى الله عليه وآله): ((فلو أن رجلاً صفن(24) فصلى و صام ثم لقي الله و هو مبغض لأهل بيت محمد دخل النار)) (25).

لما نزل قوله تعالى ((قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى)) (26).

قالوا: يا رسول الله من هؤلاء الذين أمرنا الله بمودتهم؟

قال (صلى الله عليه وآله): ((علي وفاطمة و ولداهما)) (27).

وقال (صلى الله عليه وآله): ((إني تاركٌ فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الأخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما)) (28).

شبهة وجواب:

الشبهة: 

من هم آل النبي محمد (صلى الله عليه وآله)، ومن هم أهل بيته؟ هل المراد من آل محمد أولاده فقط، أو يشمل الباقين؟ وإن كان لفظ (الآل) مختصاً بأولاد النبي (صلى الله عليه وآله) فقط فلماذا صار عندكم شاملاً لعلي مع أنّه ليس ابن النبي، بل هو ابن عمه؟ وإن كان المراد من (الآل) أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله) فلماذا لم تجعلوا نساء النبي من أهل البيت؟!

الجواب: 

من هم آل النبي محمد (صلى الله عليه وآله)، ومن هم أهل بيته؟ هل المراد من آل محمد أولاده فقط، أو يشمل الباقين؟ وإن كان لفظ الآل مختصاً بأولاد النبي (صلى الله عليه وآله) فقط فلماذا صار عندكم شاملاً لعلي مع أنه ليس ابن النبي، بل هو ابن عمه؟ وإن كان المراد من الآل أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله) فلماذا لم تجعلوا نساء النبي من أهل البيت؟!.

إنّ آل الرجل في اللغة العربية عصبته، والعصبة لا تشمل النساء، فعندما تقول إنّ الحكم في البلد الفلاني لآل الملك فلان، أي لعصبته، ولا يدخل فيها نساؤه.

فآل النبي من الأساس لا تشمل نساءه. نعم أهل بيت الرجل قد يشمل في اللغة عصبته ونساءه وبقية أقاربه.

فمعنى الآل في اللغة واسع؛ لأنّه يشمل كل عصبته لصلبه وأقاربه القريبين، ومعنى أهل البيت في اللغة واسع أيضاً، لأنّه يشمل العصبة والنساء.

لكن النبي (صلى الله عليه وآله) غيَّر المفهوم اللغوي وجعله مصطلحاً إسلامياً، فحصر مفهوم أهل بيته وآله بعلي وفاطمة والحسن والحسين وتسعة من ذرية الحسين آخرهم المهدي (عليهم السلام)، فصار (أهل بيت النبي وآل النبي) مصطلح نبوي لأناس معينين لا يدخل فيه غيرهم.

وذلك مثل كلمة الصلاة التي معناها اللغوي واسع يشمل كل دعاء، لكن النبي (صلى الله عليه وآله) جعلها مصطلحاً لعبادة خاصة.

فكما نردّ قول من يفسر قوله تعالى: ((وَأَنْ أَقِيمُواْ الصَّلاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِيَ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)) بالدعاء ويقول إنّ من رفع يديه ودعا الله تعالى أو دعاه بقلبه فقد أقام الصلاة!

ونقول له: إنّ المقصود بقوله تعالى: ((وَأَنْ أَقِيمُواْ الصَّلاةَ...))، الصلاة الاصطلاحية وليس الصلاة بالمعنى اللغوي.

فكذلك نردّ من يقول إنّ آل النبي وأهل بيته (صلى الله عليه وآله) في اللغة يشملون كل عصبته ونساءه، ونقول له: لا تردّ على نبيك (صلى الله عليه وآله) فقد جعلهم مصطلحاً خاصاً لمن حددهم وسماهم، فالمقصود بهم في الآيات والأحاديث الشريفة المعنى المصطلح وليس اللغوي، إلا بقرينة واضحة تدل على إرادة المعنى اللغوي.

والدليل على هذا الاصطلاحي النبوي حديث الكساء، وهو صحيح صريح في أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) لم يرض بدخول أم سلمة معهم، بل روى (أحمد) في مسنده أن النبي (صلى الله عليه وآله) جذب الكساء من يدها وأخرجها من أهل بيته بهذا المصطلح الإسلامي، فـ (عن أم سلمة أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لفاطمة ائتيني بزوجك وابنيك، فجاءت بهم فألقى عليهم كساء فدكياً، قال ثم وضع يده عليهم ثم قال: اللهم إن هؤلاء آل محمد فاجعل صلواتك وبركاتك على محمد وعلى آل محمد إنك حميد مجيد . قالت أم سلمة فرفعت الكساء لأدخل معهم فجذبه من يدي وقال : إنك على خير )(29).

النتيجة: أنّا لو سلمنا أنّ آية التطهير لها إطلاق يشمل نساء النبي (صلى الله عليه وآله)، فإن النبي بنص أحاديث الكساء حصر المقصود بها، وحرم نساءه من هذه الدرجة وأخرجهن من أهل بيته المطهرين، فمن قال بدخولهن في أهل البيت فقد رد على رسول الله (صلى الله عليه وآله) والراد عليه رادٌّ على الله تعالى، ومن جهة أخرى يكون ظلم أهل البيت (عليهم السلام) وجعل لهم شركاء في حق خصهم الله تعالى به.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) حكاه ابن منظور في لسان العرب، ج1، ص268.

(2) م، ن.

(3) لسان العرب، ج1، ص268.

(4) المفردات، ص98، الفروق اللغوية، ص233.

(5) سورة هود، الآية (73).

(6) كنز العمال، ج16، ص371.

(7) تاج العروس، ج7، ص217.

(8) سورة الأحزاب، الآية (33).

(9) الشفا بتعريف حقوق المصطفى، ج2، ص82.

(10) فتح القدير، ج4، ص278، المعجم الأوسط، الطبراني، ج2، ص491، وج4، ص479.

(11) الصواعق المحرقة، ص143.

(12) حكاه الطبرسي في مجمع البيان، ج8، ص356.

(13) تفسير ابن كثير، ج3، ص484، فتح القدير، ج4، ص278.

(14) فتح القدير، ج4، ص280.

(15) المصنف لعبد الرزاق، ج4، ص52، مسند أحمد، ج5، ص492، المعجم الكبير، ج5، ص182.

(16) الصواعق المحرقة، ص144.

(17) صحيح مسلم بشرح النووي، ج7، ص176.

(18) التدوين في أخبار قزوين، ج1، ص151.

(19) فتح القدير، ج4، ص280، تفسير روح البيان، ج22، ص17.

(20) صحيح مسلم بشرح النووي، ج7، ص176.

(21) الشفا بتعريف حقوق المصطفى، ص83.

(22) السنن الكبرى، ج2، ص152.

(23) سنن الترمذي، ج 4 , ص 353، شهاب الأخبار، ص 349، الفردوس بمأثور الخطاب، ج 5 , ص 11.

(24) صفن: أي صف رجليه للصلاة بين الركن والمقام.

(25) المستدرك، ج 3 , ص 148، كنز العمال، ح 33910.

(26) الشورى، الآية 23.

(27) الدر المنثور، السيوطي، ج 2 , ص112، شواهد التنزيل، الحاكم النيسابوري، ج 1 , ص 224، الصواعق المحرقة، الهيتمي، ص.

(28) مسند أحمد، ج 3 , ص222، صحيح مسلم، ص312، الدر المنثور، السيوطي، ج 2 , ص 224، الخصائص، النسائي، ص118.

(29) مسند أحمد، ج 6، ص 323.