كتاب (الفتوحات المكية)

: اللجنة العلمية

 

( الباب السادس والستون وثلاثمائة: في معرفة منزل وزراء المهدي الظاهر في آخر الزمان الذي بشر به رسول الله ص وهو من أهل البيت )

إن الإمام إلى الوزير فقير * وعليهما فلك الوجود يدور

والملك إن لم تستقم أحواله * بوجود هذين فسوف يبور

إلا الإله الحق فهو منزه * ما عنده فيما يريد وزير

جل الإله الحق في ملكوته * عن إن يراه الخلق وهو فقير

اعلم أيدنا الله أن لله خليفة يخرج وقد امتلأت الأرض جورا وظلما فيملؤها قسطا وعدلا لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد طول الله ذلك اليوم حتى يلي هذا الخليفة من عترة رسول الله (ص) من ولد فاطمة يواطئ اسمه اسم رسول الله (ص) جده الحسين بن علي بن أبي طالب يبايع بين الركن والمقام يشبه رسول الله (ص) في خلقه بفتح الخاء وينزل عنه في الخلق بضم الخاء لأنه لا يكون أحد مثل رسول الله ص في أخلاقه والله يقول فيه وإنك لعلى خلق عظيم هو أجلي الجبهة أقنى الأنف أسعد الناس به أهل الكوفة يقسم المال بالسوية ويعدل في الرعية ويفصل في القضية يأتيه الرجل فيقول له يا مهدي أعطني وبين يديه المال فيحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله يخرج على فترة من الدين يزع الله به ما لا يزع بالقرآن يمسي جاهلا بخيلا جبانا ويصبح أعلم الناس أكرم الناس أشجع الناس يصلحه الله في ليلة يمشي النصر بين يديه يعيش خمسا أو سبعا أو تسعا يقفو أثر رسول الله (ص) لا يخطئ له ملك يسدده من حيث لا يراه يحمل الكل ويقوي الضعيف في الحق ويقري الضيف ويعين على نوائب الحق بفعل ما يقول ويقول ما يعلم ويعلم ما يشهد يفتح المدينة الرومية بالتكبير في سبعين ألفا من المسلمين من ولد إسحاق يشهد الملحمة العظمى مأدبة الله بمرج عكا يبيد الظلم وأهله يقيم الدين ينفخ الروح في الإسلام يعز الإسلام به بعد ذله ويحيا بعد موته يضع الجزية ويدعو إلى الله بالسيف فمن أبي قتل ومن نازعه خذل يظهر من الدين ما هو الدين عليه في نفسه ما لو كان رسول الله (ص) لحكم به يرفع المذاهب من الأرض فلا يبقى إلا الدين الخالص أعداؤه مقلدة العلماء أهل الاجتهاد لما يرونه من الحكم بخلاف ما ذهبت إليه أئمتهم فيدخلون كرها تحت حكمه خوفا من سيفه وسطوته ورغبة فيما لديه يفرح به عامة المسلمين أكثر من خواصهم يبايعه العارفون بالله من أهل الحقائق عن شهود وكشف بتعريف إلهي له رجال إلهيون يقيمون دعوته وينصرونه هم الوزراء يحملون أثقال المملكة ويعينونه على ما قلده الله ينزل عليه عيسى ابن مريم بالمنارة البيضاء بشرقي دمشق بين مهرودتين متكأ على ملكين ملك عن يمينه وملك عن يساره يقطر رأسه ماء مثل الجمان يتحدر كأنما خرج من ديماس والناس في صلاة العصر فيتنحى له الإمام من مقامه فيتقدم فيصلي بالناس يؤم الناس بسنة محمد (ص) يكسر الصليب ويقتل الخنزير ويقبض الله المهدي إليه طاهرا مطهرا وفي زمانه يقتل السفياني عند شجرة بغوطة دمشق ويحسف بجيشه في البيداء بين المدينة ومكة حتى لا يبقى من الجيش إلا رجل واحد من جهينة يستبيح هذا الجيش مدينة الرسول (ص) ثلاثة أيام ثم يرحل يطلب مكة فيخسف الله به في البيداء فمن كان مجبورا من ذلك الجيش مكرها يحشر على نيته القرآن حاكم والسيف مبيد ولذلك ورد في الخبر أن الله يزع بالسلطانما لا يزع بالقرآن.

إلا إن ختم الأولياء شهيد * وعين إمام العالمين فقيد

هو السيد المهدي من آل أحمد * هو الصارم الهندي حين يبيد

هو الشمس يجلو كل غم وظلمة * هو الوابل الوسمي حين يجود(1)

________________________

(1) الفتوحات المكية، ابن عربي، ج3، ص327