العِلمُ بنُزولِ المَطرِ وبنَوعِ الجَنِينِ ذَكرٍ أو أنثَى لا يَعنِي العِلمَ المُطلَقَ بالغَيبِ.

عباس حميد/: السَّلامُ علَيكم ورَحمةُ اللهِ وبرَكاتُه.      مُمكِنُ الرَّدُّ على هذا الكَلامِ كي يَتسنَّى لنا الرَّدُّ وهو كَلامٌ لشَخصٍ أعتَقدُ مُلحِداً.      خَمسٌ لا يَعلمُهنَّ إلا اللهُ عَزمت بسمِ اللهِ...      كُتبُ المَورُوثِ مَلِيئةٌ بالأحَاديثِ التي اعْتمدَ عليها المَلاحِدةُ واتَّخذُوها مَطاعِنَ في الإسلَامِ، وللأَسفِ الشَّديدِ فإنَّ المَورُوثِيَّ (الأثري) لا يَجدُ ما يُكافحُ وينافح به في نِقاشِه مع المُلحِدِ فَيخْرجُ الأخِيرُ منَ المَعرَكةِ مُنتَصراً  مَزهوّاً بنَصرِه وما ذلك إلا لضَعفِ المُحاورِ المَورُوثيِّ وعَدمِ مَقدِرتِه على الصُّمودِ والغَلبةِ على المُلحِدينَ وغَيرِهم بسَببِ تَمسُّكِه بالمَورُوثِ الَّذي يَمتلِيءُ بما لا يَقبَلُه عقلٌ ولا يُسِيغُه مَنطقٌ سَليمٌ، ومنَ الأحادِيثِ التي أتيتُ بها لكم هذِه اللَّيلةِ - وأسعدَ اللهُ أمسِياتِكم أعزَّائِي - ما وَردَ في البُخارِي عن عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ رضي الله عنهما قَال: قَال رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَفاتِيحُ الغَيبِ خَمسٌ لا يَعلمُهنَّ إلاَّ اللهُ (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَـزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ).      والمُتفكِّرُ في هذا الكَلامِ سَيعِي المُغالَطاتِ الكَثِيرةَ فيه.. فَنزُولُ المَطرِ أضحَى مَعلُوماً عِلمياً متى وكيفَ يَنزِلُ، بل أصبَحَ العِلمُ قَادِراً على إنزَالِ المَطرِ بطُرقٍ صِناعِيةٍ، وعِلمُ الأجنَّةِ وصُوَرُ السُّونارِ تُظهِرُ الجَنِينَ في بَطنِ أمِّه فيُعلَمُ جِنسُه، فكيفَ يَجعَلُ أهلُ الأثرِ المطرَ و ما في الأرحَامِ مِن مَفاتِحِ الغَيبِ؟؟ جَزاكم اللهُ خيراً

: اللجنة العلمية

     الأخُ عباسُ المحتَرمُ.. السَّلامُ علَيكم ورَحمةُ اللهِ وبرَكاتُه. 

     هُناك فرقٌ بينَ العِلمِ المُطلَقِ بالغَيبِ والعِلمِ النِّسبيِّ، فَالعِلمُ النِّسبيُّ بالغَيبِ هو مُتاحٌ لجَميعِ النَّاسِ، أنبِياءَ وغَيرِهم، فقد يُطلِعُ اللهُ سُبحانَه على غَيبِه بَعضَ أنبِيائِه، كما هو المُستَفادُ مِن قَولِه تعالى: (ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ) آل عمران: 44، وقد يُطلِعُ غَيرَ الأنبِياءِ على الغَيبِ كما هو المُستَفادُ مِن قصَّةِ مُوسى والخِضرِ (عليهما السلام) وإخبارُ الخِضرِ لمُوسَى عن أمُورٍ غَيبِيةٍ، ومنَ العِلمِ النِّسبيِّ بالغَيبِ أيضاً ما يَكُون مُتاحاً لبَعضِ النَّاسِ مِن خِلَالِ بَعضِ الأجْهِزةِ العِلمِيةِ في الطِّبِّ والأنواءِ الجَوِيةِ التي أخذَتْ تُخبِرُنا عن نَوعِ الجَنِينِ هل هو ذكرٌ أو أنثَى، أو تُخبِرُنا عن مَوعدِ نُزولِ الأمطَارِ وأماكِنها، ولكنَّ هذا العِلمَ يبقَى مَحدُوداً جداً لا يَتجاوَزُ بَعضَ المَعلُوماتِ المُتعلِّقةِ بالأشيَاءِ، ففي مَعرِفةِ الجَنينِ مثلاً لا يُحِيطُ  الطِّبُّ الحَدِيثُ وأجْهِزتُه بكلِّ دَقائقِ الجَنينِ صَغِيرُها وكَبِيرُها وهل هذا الجَنِينُ يَكُون سَعِيداً أو شَقياً في حَياتِه وهكَذا بَقيَّةُ الأمُورِ.. بينَما اللهُ سُبحانَه وتعالى يَعلمُ بكلِّ ذلك بعِلمِه المُطلَقِ بالغَيبِ.

     وهكَذا إنزالُ الغَيثِ، هل تَستطِيعُ هذِه الأجْهزَةُ التي تَتنبَّأُ بهُطولِ الأمطارِ أنْ تُخبِرَنا بأنَّ هذا السَّحابَ المُترَاكِمَ فَوقَنا سَيُنزِلُ مَطراً يَكُون خَيراً وبَركةً عليْنا يَسقِي أراضِينَا ويَمدُّنا بالمَاءِ، وهو المُسمَّى بالغَيثِ في اللُّغةِ؛ لأنَّ الغَيثَ يُطلَقُ على المَطرِ الَّذي يَكُون خَيراً ويُغِيثُ نَازِلِيه منَ الجَدْبِ، أم يَكُون وَبالاً مُدمِّراً يَجرُفُ البُيوتَ ويَقتلِعُ الأشجَارَ؟!!

     كلُّ هذا لا يَعلَمُه النَّاسُ بشِكلٍ مُطلَقٍ، وإنْ أخبَرُوا به فهو على سَبيلِ التَّنبُّؤِ القَابلِ للخَطأِ، ويَبقَى عِلمُ النَّاسِ مَحدُوداً من هذِه النَّاحِيةِ.

     وكم اسْتنزَلَ النَّاسُ الغَيثَ بالدُّعاءِ وصَلاةِ الإستِسقاءِ ولو كانَ الأمرُ مُقتصِراً على مَعلُوماتِ الأنوَاءِ الجَوِيةِ لما هَرعَ النَّاسُ لِصَلاةِ الإستِسقاءِ يَطلُبونَ نُزولَ الأمطَارِ عليْهم؟!! 

     ودُمتُم سَالِمينَ.