مسلمون أم محمديون؟!

ديفيد / لبنان/: إذا كان محمد هو نبيّ الاسلام فيجب أن نقول محمديين وليس اسلاميين. ويتضح لنا حسب كتب التاريخ أنّ نبي الاسلام هو مسيلمة ولذلك قيل عن أتباعه مسلمون نسبة له تشير الوثائق الإسلامية القديمة الموثوقة أن ‏أول من ادعى النبوة في جزيرة العرب هو مسيلمة الكذاب وأسمه الحقيقي هو مسلمة ابن حبيب الحنفي. فقد ‏ادعى مسلمة النبوة لإله حمير (رحمن) بين قومه بنو حنيفة ولذلك سمي برحمن اليمامة وهو أول من ألف مصحفاً ولاقى اقبالا واسعا من قبيلته. ‏بالأسفل نجد من الأدلة الواضحة والصريحة من كتب تفسير الطبري والرازي والبغوي التي تدل على صحة نبوة مسيلمة قبل النبي محمد بكثير. وكان مسيلمة قد تنبّأ قبل مبعث النبيّ، داعيا إلى عبادة الرحمن حتّى سُمّي برحمان اليمامة، وحينما سمعت قريش “بسم الله الرحمن الرحيم” قال قائلهم للنبيّ محمّد: (دقّ فوك، إنّما تذكر مسيلمة رحمان اليمامة) وذهب أهل التفسير إلى أنّ الآية 60 من سورة الفرقان (وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن، قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفورا) كانت نقاشا حول مسيلمة، إذ يروي مقاتل في تفسيره: (قال أبو جهل: يا ابن أبي كبشة، تدعو إلى عبادة الرحمن الذي باليمامة) وفي تفسير الطبري: (وذكر بعضهم أنّ مسيلمة كان يدعى الرحمن، فلمّا قال لهم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم اسجدوا للرحمن، قالوا: أنسجد لما يأمرنا رحمان اليمامة؟).

: اللجنة العلمية

الأخ المحترم ..

الجوابُ على سؤالك يتّضحُ من خلال نقطتين:

النقطة الأولى: يتّضحُ من خلال سؤالك وذكرك للآية 60 من سورة الفرقان أنك قد قرأت القران لكن لو قرأته جيّداً لما سألت سؤالك هذا، فهل تعلم أنّ صفة المسلم تعني الشخصَ الذي يقرُّ بالله ربّاً وإلهاً واحداً وينفي الربوبيةَ أو الألوهية لغيره وليست هي صفةً لمن اتّبع مدّعي النبوة مسيلمة الكذاب.

وهذه الصفةُ قد ذُكرت في القرآن وصفاً للأنبياء (عليهم السلام) ولأتباعهم؛ دقّق النظرَ في هذه الآيات وسوف يتّضح لك المعنى جلياً:

1 - سورة البقرة - آية 132: {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}. 

2 - سورة البقرة - آية 133: {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}.

3 - سورة البقرة - آية 136: {قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}. 

4 - سورة آل عمران - آية 52: {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللهِ آمَنَّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}.

5 - سورة آل عمران - آية 64: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}.

6 - سورة آل عمران - آية 84: {قُلْ آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}.

7 - سورة آل عمران - آية 102: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}.

8 - سورة المائدة - آية 111: {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ}.

9 - سورة هود - آية 14: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}.

10 - سورة الأنبياء - آية 108: {قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}.

11 - سورة النمل -  آية 81: {وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ}.

12 - سورة الحج الآية 78: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ}.

وغيرها من الآيات الأخرى التي أحجمنا عن ذكرها إختصاراً للكلام فلو كان الأمرُ كما تقول سيكون جميعُ الأنبياء (عليهم السلام) وأتباعهم هم أتباع مسيلمة لأنهم مسلمون.  

لكن غاب عنك أنّ هذه صفةٌ للذين يُقرّون بالله ربّاً وإلهاً واحداً ويُنفونَ الربوبيّة أو الألوهية لغيره وقد إتصفَ بها من آمن برسالة نبيّ الاسلام محمد (صلى الله عليه واله وسلم) فلا يلتبسْ عليكَ الأمر.

النقطة الثانية: إنّ مسيلمةَ الكذاب ليس نبيّاً وإنّما هو إدّعى النبوّة ولم يأتِ بشيءٍ يثبتُ نبوّته ولذلك لم يتّبعْه أحدٌ حتى من قومه بل حينما بُعِثَ النبيّ محمد (صلى الله عليه واله وسلم)  ذهبَ مسيلمةُ مع عددٍ من بني حنيفة الذين قدموا إلى المدينة يبايعونَ النبي، فبايعَ بني حنيفة رسولَ الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، لكنّ مسيلمةَ لم يبايعْ معهم بل قال: «أريد أن يشركني محمد معه في النبوّة كما أشركَ موسى أخاهُ هارون»، فسمعهُ النبيّ، فأمسكَ عرجوناً صغيراً من الأرض وقال لمسيلمةَ: والله يا مسيلمة لإنْ سألتني هذا العرجون ما أعطيتهُ لك، فخرج مسيلمة ولم يبايعِ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).

عادَ مسيلمةُ إلى اليمامة وأخبر بعضاً من قومه أنّ محمدًا قد يشركه في النبوة معه، وحاول مرة أخرى وأرسل هذه المرة رسالةً إلى النبي جاء فيها: «من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله: آلا إني أوتيتُ الأمر معك فلك نصف الأرض ولي نصفها ولكن قريشاً قومُ يظلمون»، فردّ عليه الرسول محمد (عليه وآله الصلاة والسلام) برسالة جاء فيها: «من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب، السلام على من أتّبع الهدى، أما بعد، ﴿إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾»

فلا يختلطْ عليك الأمر.