نظرية داروين بخّرتها الكيمياءُ ونسفَتها الفيزياء..

أسيل/ : إنّ الحياةَ إنّما هيَ من نتاجِ المادة دونَ أن يكون وراءَها شيء، بل تطوّرت ذاتيًّا، ونشأت تلقائياً حسب قوانين المادة التطورية، هذا ما يسمّونه أيضاً بالقوانين الطبيعية.

: اللجنة العلمية

جوابُ السؤالِ يعتمدُ على بيانِ نظريّة التطوّر أوّلاً، ثمّ نقدِها ثانياً.

أمّا نظريةُ التطوّر، فنقولُ بإختصارٍ شديد: تقولُ نظريةُ "داروين": إنّ أصلَ كلّ المخلوقاتِ من مواد عضوية تطوّرتْ حتى كوّنتْ خليّةً واحدةً، فخليّتين، وصولاً.. إلى السمكةِ.. فالتمساح ثم القرود، وانتهاءاً بالإنسان. ويفترضُ داروين: أنّ هناكَ صراعًا قائمًا بين الكائنات، ينتهي بالبقاءِ للأقوى والأصلح الذي يتناسلُ وينتشرُ، أما الأضعفُ فإنّهُ يتعرّضُ للانقراض. وأنّ هذا كلّه حصلَ بفعلِ أنّ المخلوقاتِ الأكثرَ تأقلُماً مع البيئة هي التي عاشت على حسابِ المخلوقات الأضعف منها.

وهذه هي النظرية المسمّاة الإختيار الطبيعي، والتي تمثّلُ أساسَ إعتقاد " داروين" ومن تبعهُ في أنّ وجود المخلوقاتِ هو بمحضِ الصُدفة لا غير.

والحقيقةُ أنّ أصلَ نظريّة التطوّر قائمٌ على إفتراضٍ باطل؛ وذلك لأنّ القاعدةَ العامّة والأصلَ في الحياة هو التعاونُ والتآزرُ وليسَ الصراعُ، فالحشراتُ التي تتغذّى على رحيق الأزهار، تتعاونُ مع هذا النبات؛ إذ تنقلُ حبوبَ اللّقاح من الذكورِ الى الإناث، والبكتريا التي تعيشُ في أمعاءِ الحيوانات تساعدُها في عمليات (هضم السيليلوز). وأيضًا ليس دائمًا يكونُ البقاءُ للأقوى والأصلح؛ فالأمرُ يخضعُ لعوامل عديدة، وقد يتعرّض الكائن الأقوى للموت، بينما يظلّ الكائنُ الضعيف كالفيروسات حياً، ومما يُذكر أن فيروس الإيدز وأنفلونزا الخنازير في منتهى الضّعف، ولكنهما يقضيان على الإنسان، ورغم أنّ الصراع َدائرٌ بين الحيوانات المتوحّشة وبين الحيوانات الأليفة - مثلَ الحِملان والغِزلان - ولكن ما زالتْ هذه الحيوانات الأليفةُ متواجدةً ولم تنقرض.

إذن، هذه عبارةٌ عن نظريّة قائمةٍ على مجموعةِ افتراضات واحتمالات، ولم ترتقِ إلى الحقيقة، فلا قيمةَ علميّة لها.

أما نقدُ نظريّة التطوّر علمياً، فنقول:

أولاً: إنّها نظريةٌ لا حقيقةٌ علمية؛ لأنّ العلماء كالكيميائيين والفيزيائيين والبيولوجيين ونحوهم.. يقسّمون العلمَ إلى حقائقَ علميّة (لا شك فيها) وإلى نظريّات، وإذا نظرت في أيّ كتابٍ معتمدٍ لدى دارسي النظريّات تجد أنّ تعريف النظريّة: هو أنّها مجموعةُ قوانين، والقانونُ هو مجموعة فرضيات، والفرضيّةُ هي شيءٌ غيرُ أكيد، فهذه النظرية - كغيرِها من النظريّات - أساسُها فرضيّاتٌ غيرُ أكيدةٍ ولا ثابتةٍ، وإنّما يُظنّ فيها أنّها صحيحةٌ وحقيقةٌ علمية. وهذا باعتراف القائلين بهذه النظريات. وحتى "داروين" نفسه اعترفَ: بأنّه لا يستطيعُ إثباتَ نظريّته، حيثُ قال: إنّ الاعتراضَ على نظريّته (بقوله إنّ تغيّر المخلوقات في نظريّته إلى مخلوقات أخرى أمرٌ لا يمكنُ إثباته) هو اعتراضٌ صحيح...

ثمّ إنّ السبيلَ للوصول إلى النظريّة العلميّة يكونُ عن طريقِ البدء بالملاحظةِ والنظر والتأمّل، ولكن ما يسمّى بنظريّة التطوّر والنشوءِ والارتقاء لا تحتوي على هذا العنصر؛ لأنّ أحداً لم يشاهدْ سمكةً تتحوّل إلى تمساح أو تمساحاً يتحوّل إلى قرد أو قرداً يتحوّل إلى إنسان!!.

ثانياً: قد أثبتتِ العلومُ الحديثةُ كالكيمياء والفيزياء والرياضيات وعلمِ الوراثة وعلم البيولوجيا وعلمِ الحفريات وغيرِها فسادَ هذه النظرية.

مثلاً: علمُ الكيمياء، فقد ردّ الكيميائيون على هذه النظرية الفاسدةِ بقولهم: إنّ ما يسمّى الخليّة البسيطةَ مكوّنة من عدّة مركّباتٍ معقّدة، ويمكنُ تركيبُ كلٍّ من هذه المركباتِ على حدة في المختبر. ولكن إنْ أتينا بكلّ هذه المركّبات ووضعناها معاً، واستعملنا أكثرَ العمليّات التكنولوجية تطوّراً فلن نستطيعَ أنْ نصنعَ خليّةً واحدةً مع أننا وفّرنا مكوّناتها...

وهكذا علم الجيناتِ والوراثة.. فيكفي إنّ قوانين مندل للوراثة كانتْ ضربةً قاسيةً لنظريّة التطوُّر، واكتملتْ باكتشافات القرن العشرين حولَ الجينات وتركيب جزئ (DNA) الذي يحملُ الصفاتَ الوراثيّة للكائن...

وكان حريّاً بهذه النتائج العلميّة أن تؤدّي إلى إلقاءِ نظريّة التطوّر في مزبلةِ التأريخ، ولكنّ هذا لم يحدث؛ نظراً لإصرارِ دوائرَ معيّنةٍ على تنقيحِ النظريّة وتجديدها والارتفاع بها إلى منار العلم، ولن نفهم مغزى هذه الجهودِ إلاّ إذا أدركنا أنّ وراءَ النظريّة أغراضاً أيديولوجية أكثرَ من كونها اهتماماتٍ علميّة!!