شبهة: إنكار حادثة الفيل التي نص عليها القرآن ونفي قصد ابرهة بجيشه لهدم الكعبة

نص الشبهة:  أن حادثة الفيل سنة 571م التي أثبتها القرآن ليست صحيحة تاريخيا، ولو افترضنا جدلا وقوعها فإنها لم تقع بهذه الصورة الدرامية الأسطورية التي قصها القرآن. ولا مبرر حقيقيا لإحاطة البيت الحرام بهالة من التقديس وادعاء الصون والحرمة والعناية الإلهية، ولا مبرر كذلك لاتهام أبرهة بتبييت النية لهدم الكعبة؛ لأن الأحباش إنما خرجوا لقتال الفرس، ثم عرجوا على الكعبة لينتقموا للصليب من العرب.

: اللجنة العلمية

تقرير الشبهة:

إنّ المستشكل ادعى ثلاث دعاوى:

الأولى: لا دليل على حادثة الفيل. 

الثانية: ولو سلّمنا بها فهي ليستْ بهذه الصورة التي يرسمها القرآن. 

الثالثة: كما أنه لا دليل على أنّ أبرهة كان يريد هدم الكعبة، فالأحباش خرجوا لقتال الفرس.

جواب الشبهة إجمالاً:

 أولاً. لا دليل لك على نفي حادثة الفيل، فكلامك محض تخرّص واختلاق، مع اننا نملك الدليل القاطع على ذلك.

ثانياً: لا دليل لك -أيضاً- على نفي صورة وكيفية حادثة الفيل، وهذا أيضاً مجرد تخرُّص منك لا تستطيع إثباته بحال.

ثالثاً: ثبت لدينا بالنقل التاريخي القاطع فضلاً عن القرآن الكريم أنّ أبرهة كان قاصداً هدم الكعبة المشرفة.

جواب الشبهة بالتفصيل:  

الدعوى الأولى (لا دليل على حادثة الفيل).

ويُجاب عنها:

 لستُ أدري عن أي دليل يسأل, القضية حادث تاريخي وهو لا يثبت إلاّ بالنقل عادة, إذ العلوم لا تخلوا من ثلاثة, فهي إما من المعقولات, وإما من المنقولات, وإما من التجريبيات, ولكل واحدة من الثلاثة أدواتها التي تخصها, وما نحن بصدده ليس من المعقولات, كما أنه ليس من التجريبيات, وإنما هو من المنقولات كما لا يخفى, وحادثة الفيل مَعْلُومة بالتواتر الْمُوجب للْعلم, فضلاً عن القرآن الكريم, كيف وهو (عام الفيل) عام ولادة رسول الله (صلى الله عليه وآله), وقد اتفق السواد الأعظم على أنّ مولده (صلى الله عليه واله) كان عام الفيل, ولا شك أنّ التواتر يعدّ من أقوى وسائل إثبات المنقولات, فعن أي دليل يسأل المُستشكل بعد هذا الدليل.

الدعوى الثانية (ولو سلّمنا بها فهي ليستْ بهذه الصورة التي يرسمها القرآن).

ويُجاب عنها:

وهذه الدعوى بالحقيقة محض تخرّص واختلاق، بل خروج عن موازين النقاش الموضوعي، فضلاً عن تناقضها مع الدعوى الأولى، ففي تلك الدعوى طالبنا المستشكل بالدليل عن أصل حادثة الفيل، وقد أثبتنا له ذلك بالقطع واليقين، والآن هو يدّعي أنّ حادثة الفيل ليستْ بهذه الصورة المرسومة في القرآن الكريم، ولنا أن نطالبه بإثبات مدّعاه بالدليل القاطع، مع علمنا بأنه خالي الوفاض، وما فاه به مجرد دعاوى، والدعاوى كما قيل:

ما لم يُقيموا عليها ... بيّنات فأبناؤها أدعياء

ومع غض النظر عن كل هذا، فحادثة الفيل بكلِّ تفاصيلها التي أشكل عليها المُشكل ثابتة بالتواتر لدى جميع أهل التاريخ والسيَر.

الدعوى الثالثة (أنه لا دليل على أنّ أبرهة كان يريد هدم الكعبة، فالأحباش خرجوا لقتال الفرس).

ويُجاب عنها:

من أين لك أنْ تعرف أنّ أبرهة لم يكن قاصداً بجيشه هدم الكعبة المشرفة؟ إنْ لم يكن لديك دليل تثبت لنا به قصْدَ أبرهة الذي ادعيته فلا يبقى أمامنا سوى أنْ نسألك: هل اطلعت على الغيب؟!، أم أوحي إليك؟!، أم كنت معهم؟

 لقد نقل لنا التاريخ بالتواتر أنّه كان هنالك والياً على اليمن من قبل نجاشي الحبشة اسمه أبرهة بن الصباح الأشرم، حيث تمّرد على النجاشي وأعلن مملكته الخاصة في اليمن، وكان نصرانياً وبنا فيها كنيسة كبيرة لها قباب من ذهب تضاهي الكعبة المشرفة التي بناها إبراهيم ليحجّ الناس إليها ويقضي على الكعبة، وسار بجيشه الجرّار لتهديم الكعبة المشرفة.  

خلاصة الجواب:

1- إنّ جميع الإشكالات المذكورة هي ليستْ إشكالات بالمعنى العلمي، بل هي مجموعة تخرصات, لكونها دعاوى بلا دليل.

2- إنّ الدليل القاطع - من غير القرآن الكريم - قام على ثبوت حادثة الفيل، وقد أرخ المسلمون قاطبة أنّ ولادة رسول الله (صلى الله عليه وآله) كانت عام الفيل.

3- إنّ أبرهة كان قاصداً هدم الكعبة المشرفة، وقد ثبت ذلك في التأريخ متواتراً.