إنّ الْإِسْلَامُ يَعْتَرِفُ بِالشَّرَائِعِ الْأُخْرَى عَلَى صُوَرِهَا الْمُحَرَّفَةِ وَيَدْعُو لِاِتِّبَاعِهَا.

تقرير الشبهة: إنّ الدين الإسلامي يشهد بصحة الديانات والشرائع الأخرى على ما هي عليه من التحريف والتزوير والدس، بدليل أنّه يدعو إلى إتباعها قال تعالى: (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ)(1)، بل إنّ الله أمر المسلمين بالإحسان للكفّار والمشركين ( لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ )(2). 

: اللجنة العلمية

 جواب الشبهة إجمالاً:

ليس هنالك آية واحدة تدلّ على ذلك أبداً، بل الآيات تدلّ على خلاف ذلك، مع أنّ التاريخ يشهد يقيناً ببطلان هذا الإدعاء.

الجواب التفصيلي: 

أولاً: لا توجد ولا آية واحدة تعترف بصحة الديانات السابقة، بل الموجود هو خلاف ذلك، قال تعالى: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)(3).

وقال تعالى: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلَامُ ((4).

وقال تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)(5)، وهذه الآية تدلّ على أنّ غير الإسلام ليس ديناً مرضياً، فإنّها تقول: ( وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ). 

ثانياً: إنّ التاريخ يشهد باليقين على بطلان هذه الدعوى، فلو كان الإسلام يعترف بصحة الديانات السماوية والمعتقدات الشِركيّة والإلحاديّة، إذن على ما حاربهم وفتح حصونهم؟، بل أساساً أي فائدة تبقى للدّين الإسلامي وأي معنى للتضحيات التي قدّمها المسلمون إبان بزوغ فجر الإسلام الأول، كان على المسلمين أنْ يكتفوا بالديانات الموجودة دون الحاجة إلى أنْ يُقحموا أنفسهم في حروب ما نال أكثرهم منها إلا العناء.

ثالثاً: إنّ الآيات التي تمسك بها البعض التي ذكرتها في الشبهة، لا دلالة فيها على ما يدّعون.

أما الآية الأولى وهي قوله تعالى: ( لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ )(6)، فهي ليست إقراراً بدينهم أبداً، بل الآية في مقام جواب المشركين المعاندين الذين جمدت عقولهم عن التأمل في الدّين الإسلامي بحيث يئس الإسلام من هدايتهم، فقال لهم: ( لَكُمْ دِينُكُمْ ) وهو في الحقيقة من التهديد والوعيد وليس من الإقرار، والمطالع لأسباب نزولها يفهم المقصود منها بكلِّ جلاء، فإنّ الآية نزلت في كبار قريش المعاندين أمثال أُميّة بن خلف، حيث عرضوا على رسول الله (صل الله عليه وآله) أنهم يعبدون آلهتهم سنة كاملة ويعبدون الله سنة أخرى وبمعيّة المسلمين حتى يروا أي إله أنسب فيتخذونه رباً، فنزلت هذه الآية جواباً لأُولَئِكَ المعاندين.

وأما الآية الثانية وهي قوله تعالى: ( لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) فهي نازلة في المشركين والكفّار الذين لم يؤذوا المسلمين أول الدعوة ولم يتظاهروا عليهم بالإثم والعدوان، مع أنّ الآية لا تدلّ على اعتراف وإقرار الإسلام بديانات والمعتقدات المخالفة له، بل أقصى ما تدلّ عليه هو جواز برّ الكافرين المسالمين، ولستُ أدري من أين استفاد المستدل بها على ما يدّعيه؟.

رابعاً: إنّ الدّين الإسلامي دين إنساني، فهو يحترم إنسانية الإنسان، واحترام الإسلام للإنسان لا يعني إقراره بكلِّ ما يعتقده الإنسان، قال تعالى: (ولَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا )(7).

خامساً: إنّ الإسلام وانطلاقاً من مبدأ قوله تعالى: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ)(8) قد أعطى حريّة الأديان فسحة، ومن البديهي أنّ هذا المبدأ لا يعني الإقرار بالديانات والمعتقدات المنحرفة كما هو واضح.

والخلاصة:

أولاً: لا دليل على أنّ الإسلام يعترف بصحة الديانات والمعتقدات غير الإسلامية.

ثانياً: الدليل دلّ على بطلان كلّ ديانة غير الديانة الإسلامية، وذكرت على ذلك آيات. 

ثالثاً: التاريخ يشهد ببطلان هذه الدعوى، إذ لو كان الإسلام يعترف بصحة الديانات السابقة لما قاتلهم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 - سورة الكافرون / ايه 6

 2 - سورة الممتحنة / ايه 8

 3 - سورة ال عمران / ايه 85 

 4 - سورة ال عمران / ايه 19

 5 - سورة المائدة / ايه 3

 6 - سورة الكافرون / ايه 6

 7 - سورة الاسراء / ايه 70

 8 - سورة البقرة / ايه 256