لماذا يجيزُ الملحدونَ الإجهاضَ؟

يقولُ الملحدونَ: إنَّ المشكلةَ فِي قضيَّةِ الإجهاضِ هيَ إصدارُ حُكمٍ مطلقٍ، وهذا مَا يفعلهُ المؤمنونَ باللهِ وبالدِّياناتِ، حيثُ يقولُ المتديِّنونَ: إنَّ البويضةَ طِفلٌ، وقتلُهَا هوَ جريمةُ قتلٍ، هذا كلُّ شيءٍ! إنتهى! هكذا وبكلِّ بساطةٍ تصدرُ المواقفُ المُطلقةُ.

: اللجنة العلمية

الإجهاضُ فعلٌ محرَّمٌ قد نصَّت على حُرمتهِ كُلُّ الدّياناتِ السّماويّةِ، كمَا أنَّهُ فِعلٌ مُدانٌ بحسبِ القوانينِ الوضعيَّةِ، ويعودُ هذا الحكمُ إلى القيمِ الأخلاقيَّةِ التي تَمنعُ مِنَ التّعدِّي على حقِّ الإنسانِ فِي الحياةِ، سواءٌ أكانَ جنيناً في بطنِ أمِّهِ أو كانَ ميِّتاً سريريّاً فلا يجوزُ قتلهُ بنزعِ الأجهزةِ عنهُ، وهذا لا يمنعُ مِن وجودِ بعضِ الاِستثناءاتِ مثلِ جوازِ الإجهاضِ شرعاً وقانوناً إذا كانَ فيهِ نجاةُ الأمِّ، وبالتّالِي لا وجودَ لأحكامٍ مُطلقةٍ كمَا يدَّعِي صاحبُ الإشكالِ، وإنَّمَا هُناكَ قِيَمٌ مُطلقةٌ تُمثِّلُ الإطارَ الأخلاقيَّ لكرامةِ الإنسانِ، ومَا لم يستطعِ الإلحادُ فهمهُ ضِمنَ النّظرةِ الماديَّةِ هيَ كونُ الإنسانِ مخلوقاً لهُ كرامةٌ تميِّزهُ عَن بقيَّةِ الكائناتِ الحيَّةِ، قالَ تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) (70 الإسراء)، أمَّا الإلحادُ ضِمنَ النّظريَّةِ الدّاروينيَّةِ لا يرى في الإنسانِ سوى أنَّهُ صورةٌ موازيةٌ للقردِ، ولِذا نجدُ ريتشارد دوكنز يُصرِّحُ في تغريدةٍ لهُ على موقعِ تويتر بأنَّ الإجهاضَ فعلٌ أخلاقيٌّ ومشروعٌ طالما ليسَ هناكَ ألمٌ، وبرَّرَ ذلكَ قائلاً: لأنَّ الجَنينَ فِي بطنِ أمِّهِ هوَ أقلُّ إنسانيّةً مِن أيِّ خنزيرٍ بالغٍ.

وبالتّالِي لا يُمكنُ إيجادُ قواسمَ مُشتركةٍ معَ الإلحادِ طالمَا ينظرُ للإنسانِ بوصفهِ طفرةً فِي الجيناتِ الوراثيَّةِ ليسَ إلَّا، أمَّا الإنسانُ فِي نظرِ المؤمنينَ هوَ المخلوقُ الذي نفخَ اللهُ فيهِ مِن روحهِ واستخلفَهُ فِي الأرضِ وسخَّرَ لهُ كلَّ شيءٍ مِن أجلِ تَكاملهِ الرّوحيِّ والماديِّ. 

وفِي الخُلاصةِ نقولُ: إنَّ الإجهاضَ حرامٌ فِي نظرِ الأديانِ لكونهِ تَعدِّياً على الإنسانِ الذي كرّمهُ اللهُ، وحلالٌ فِي نظرِ الإلحادِ لأنَّ الخنزيرَ البالغَ عندهم أكرمُ مِنَ الإنسانِ وهوَ جنينٌ، وإذا جازَ للملحدِ قتلُ الخِنزيرِ وأكلهُ يجوزُ لهُ بكلِّ بساطةٍ قتلُ الجنينِ فِي بطنِ أمِّهِ!