كَيفَ نعلمُ بِأنَّ الجنَّ لمْ يتمكَّنْ منَ الإتيَانِ بمِثلِ القرآنِ؟

Adel Fouad: السَّلامُ عليكُم .. هلْ يُمكنُ الرَّدُّ على هذهِ الشُّبهةِ؟ (قُلْ لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88) ). أحدُ الملحدينَ يعترضُ على هذهِ الآيةِ ويقولُ إنَّ التَّحدِّي الَّذي تحدَّى بهِ القرآنُ خطأٌ لأنَّهُ وضعَ الجنَّ فِي التَّحدِّي. ماذَا إنْ قامَ الجنُّ وصنعُوا مثلَ القرآنِ الَّذي عندَكُم؟ كيفَ سنعرفُ ذلكَ؟ إذَنْ فالتَّحدِّي باطلٌ ولا يَصلحُ.

: اللجنة العلمية

القرآنُ خِطابٌ للإنسِ والجنِّ وليسَ خاصَّاً بالإنسانِ، وعليهِ فمِنَ الطَّبيعيِّ أنْ يكونَ التَّحدِّي شامِلاً للجنِّ بوصفِهِ مُطالبَاً أيضَاً بالإيمانِ بالقرآنِ، ومنَ الغرائبِ أنَّ الإنسانَ مَا زالَ يُجادِلُ فِي القرآنِ في حينِ أنَّ الجنَّ قد صدَّقَ بهِ بمجرَّدِ مَا سمعَ آياتِهِ تُتلَى، قالَ تعالى: (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ ۖ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا) (2 الجن).

ومنَ الواضحِ أنَّهُ ليسَ هناكَ أيُّ تداخلٍ بينَ الواجباتِ الَّتِي فرضهَا اللهُ على الإنسانِ والَّتِي فرضهَا على الجنِّ، فإذا تحدَّى القرآنُ الإنسَ بأنْ يأتُوا بمثلِ القرآنِ يمكنُ أنْ يتحدَّى الجنَّ أيضَاً بنفسِ الأمرِ ولا يتوقَّفُ تكليفُ كُلِّ واحدٍ منهُمَا على الآخرِ، وحينَهَا يكونُ الإنسانُ مسؤولَاً عن تحدِّيهِ ولا علاقةَ لهُ بتحدِّي الجنِّ، وقدْ ثبتَ بمَا لا يدعُ مجالاً للشَّكِّ عجزُ الإنسانِ عنِ الإتيَانِ بمثلِ القرآنِ وهذا مَا يَهمُّ الإنسانَ ولا علاقةَ لهُ بما جرى بينَ الجنِّ، فمنذُ البعثةِ وإلى اليومِ لمْ يتمكَّنِ الإنسانُ مِنْ مُجاراةِ القرآنِ وبذلكِ ثبتَ كونُ القرآنِ مُعجزةً إلهيَّةً، قالَ تعالى: (وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) (23 البقرة)، وَعليهِ لا حُجَّةَ للإنسانِ بعدَ عجزِهِ أنْ لا يصدِّقَ بأنَّ القرآنَ منَ اللهِ وليسَ منْ صنعِ البشرِ.

أمَّا الآيةُ موضِعُ السُّؤالِ فهيَ تعبيرٌ واضحٌ عنِ إستِحالةِ الإتيَانِ بمثلِ القرآنِ حتَّى لوِ اجتمعَ الإنسُ معَ الجِنِّ وكانَ بعضُهُم لبعضٍ ظهيرَاً، وبالتَّالِي الآيةُ ليسَتْ ناظرةً إلى الجنِّ وإنَّمَا ناظرةٌ إلى الإنسانِ فِي حالِ إجتماعِهِ معَ الجنِّ، وَعليهِ لا يَصحُّ سؤالُ المُعترِضِ (مَاذا إنْ قامَ الجنُّ وصنعُوا مثلَ القرآنِ؟)، وذَلكَ لكونِ الخِطابِ موجَّهَاً للإنسَانِ أيْ أنَّهُ لنْ يَستطِيعَ مُجارَاةَ القرآنِ حَتَّى لوِ استعَانَ بالجنِّ وإجتمعَ معهُم، وبهذا المَعنَى يصبِحُ السُّؤالُ ساذجَاً طالمَا أنَّ الإنسانَ هوَ الوَسيطُ الَّذِي يَظهَرُ على لسانِهِ القرآنُ المزعومُ، أيْ بمعنَى أنَّ الإنسانَ لوِ استعانَ بالجنِّ وتمكَّنَ الجنُّ منْ ذلكَ لظهرَ على لسانِ الإنسانِ، أمَّا إذا كانَ التَّحدِّي مُوجَّهَاً للجنِّ بشكلٍ منفصلٍ عنِ الإنسانِ فإنَّ ذلكَ خارجٌ عنِ اهتماماتِ الإنسانِ ولا علاقةَ لهُ بثبوتِ كونِ الإنسانِ عاجزَاً عنِ الإتيانِ بمثلِ القرآنِ.

الخُلاصةُ: إمَّا أنْ يكونَ التَّحدِّي موجَّهَاً للإنسانِ بشكلٍ مُنفصلٍ عنْ تحدِّي الجنِّ، وحينَهَا يُصبحُ عجزُ الإنسانِ لا علاقةَ لهُ بمَا يحدثُ بينَ الجنِّ. وإمَّا أنْ يكونَ التَّحدِّي قائمَاً على كَونِ الإنسانِ عاجزَاً عنْ ذلكَ حتَّى لوِ استَعَانَ بالجنِّ فحينَهَا نعرِفُ عجزَ الجنِّ أوو عدمَ عجزِهِ مِنْ خِلالِ ظهورِ ذلكَ على لسانِ الإنسانِ.