لِمَاذَا أَوْجَدَ اللهُ الشَّرَّ فِي دَاخِلِ الإِنْسَانِ؟!!

وَحِيدٌ /: إِنَّ هَؤُلَاءِ البَشَرَ، هَذَا الإِنْسَانُ، مَنْ الَّذِي خَلَقَهُ وَخَلَقَ بِدَاخِلِهِ نَزْعَةَ الشَّرِّ؟ أَلَيْسَ الخَالِقُ؟ إِذَنْ: مَهْمَا لَفَّ المُؤْمِنُونَ وَدَارُوا فَإِنَّهُمْ سَيَصِفُونَ خَالِقَهُمْ بِصِفَةِ الشَّرِّ فِي نِهَايَةِ الأَمْرِ، وَإِمَّا سَيَنْفُونَ وُجُودَ الخَالِقِ مِنْ الأَسَاسِ حَتَّى يَسْتَطِيعُوا حَلَّ المُعْضِلَةِ!

: اللجنة العلمية

     تَحِيَّةً طَيِّبَةً.

     كَمَا أَوْجَدَ اللهُ الشَّرَّ فِي دَاخِلِ الإِنْسَانِ أَوْجَدَ الخَيْرَ فِيهِ كَذَلِكَ، فَلِمَاذَا لَا تَرَى جَانِبَ الخَيْرِ فِيهِ مِنْ عَقْلٍ وَأَخْلَاقٍ وَضَمِيرٍ وَإِبْدَاعٍ وَعَطَاءٍ وَتُرَكِّزُ عَلَى جَانِبِ الشَّرِّ فَقَطْ. هَذَا أَوَّلًا!!

     وَثَانِيًا: لَا يُوجَدُ شَرٌّ مُطْلَقٌ فِي هَذَا الكَوْنِ، فَكُلُّ مَا تَرَاهُ شَرًّا لاَبُدَّ أَنْ يَكُونَ إِلَى جَانِبِهِ خَيْرٌ مِنْ جِهَةٍ مَا، فَمَثَلًا: النَّفْسُ الأَمَّارَةُ بِالسُّوءِ هِيَ جَنْبَةُ شَرٍّ فِي دَاخِلِ الإِنْسَانِ، وَلَكِنَّ مُجَاهَدَتَهَا وَالسَّيْطَرَةَ عَلَيْهَا فِيهِ جَنْبَةُ خَيْرٍ لِلإِنْسَانِ مِنْ التَّكَامُلِ الرُّوحِيِّ وَالثَّوَابِ الجَزِيلِ فِي الآخِرَةِ، وَالشَّيْطَانُ الرَّجِيمُ هُوَ كَائِنٌ شِرِّيرٌ بِوَسْوَسَتِهِ وَإِغْوَائِهِ لِلإِنْسَانِ، وَلَكِنَّ مُجَاهَدَةَ الإِنْسَانِ لَهُ وَعَدَمَ العَمَلِ بِوَسَاوِسِهِ فِيهِ جَنْبَةُ خَيْرٍ وَتَكَامُلٍ لِلإِنْسَانِ وَهَكَذَا، فَلَا يُوجَدُ شَرٌّ مُطْلَقٌ فِي هَذَا الكَوْنِ مُطْلَقًا.

    وَثَالِثًا: الدُّنْيَا خَلَقَهَا خَالِقُهَا دَارَ تَكْلِيفٍ وَابْتِلَاءٍ وَامْتِحَانٍ، وَبَيَّنَ بِشَكْلٍ وَاضِحٍ وَصَرِيحٍ حَالَاتِ الصِّرَاعِ فِيهَا وَضَوَابِطَ النَّجَاحِ فِي هَذَا الإمْتِحَانِ، وَهَذَا الشَّرُّ النِّسْبِيُّ الَّذِي تَرَاهُ فِي الطَّبِيعَةِ البَشَرِيَّةِ هُوَ أَحَدُ أَدَوَاتِ الصِّرَاعِ وَالإمْتِحَانِ الدُّنْيَوِيِّ، فَهُوَ إِذَنْ لِغَايَةٍ وَحِكْمَةٍ وَلَيْسَ أَمْرًا عَبَثِيًّا، وَالغَايَاتُ العُظْمَى لَا تَنَالُهَا البَشَرِيَّةُ إِلَّا بِالإمْتِحَانِ وَالمُجَاهَدَةِ، وَهَذَا أَمْرٌ وَاضِحٌ لِلجَمِيعِ.

  فَمَا ذَكَرْتُمُوهُ مِنْ إِشْكَالٍ لَيْسَ تَامًّا لِذُهُولِكُمْ عَنْ الحِكْمَةِ مِنْ وُجُودِ الشَّرِّ النِّسْبِيِّ فِي دَاخِلِ النَّفْسِ البَشَرِيَّةِ، بَلْ فِي هَذَا العَالَمِ كُلِّهِ، وَيُمْكِنُكُمْ مُرَاجَعَةُ مَقَالَةِ (مَوْضُوعِ الشُّرُورِ الَّذِي شَغَلَ المُلْحِدِينَ قَدِيمًا وَحَدِيثاً) عَلَى مَوْقِعِنَا حَتَّى تَتَّضِحَ لَكُمْ الصُّورَةُ أَكْثَرُ.

  وَدُمْتُمْ سَالِمِينَ.