لمَاذا لم يُذكَرْ الأبُ والأمُّ عندَ الإفتِدَاءِ في سُورَةِ المَعارِجِ؟!!

صَادِق سَلمَان/: (يَودُّ المُجرِمُ لو يَفتَدِي مِن عَذابِ يَومِئذٍ ببَنِيهِ وصَاحِبَتِه وأخِيهِ وفَصِيلَتِه التي تُؤوِيهِ ومَن في الأرْضِ جَمِيعاً ثم يُنجِيهِ)، أمَّا في سُورَةِ عَبَس ذُكِرَ المَرءُ فِرَارُه مِن أمِّهِ وأبِيهِ وصَاحِبَتِه وأخِيهِ.. لمَاذا لم يُذكَرْ الوَالِدَانِ في الآيةِ الأولَى عَكسِ سُورَةِ عَبَس؟ أرجُو التَّوضِيحَ، وشُكراً لهَذا البَرنَامجِ الجَمِيلِ، طَبعاً كَثِيرٌ منَ الشَّبابِ اهْتَدَى مِن خِلَالِ أطرُوحَاتِكُم.      دُمتُم في عزِّ اللهِ.

: اللجنة العلمية

   الأخُ صَادِق المحتَرمُ.. السَّلامُ علَيكم ورَحمةُ اللهِ وبرَكاتُه. 

     السِّرُّ في عَدمِ ذِكْرِ الأبِ والأمِّ في سُورَةِ المَعارِجِ عندَ ذِكْرِ مَن يَفتَدِي بهِم المُجرِمُ يومَ القِيَامةِ تَخلُّصاً مِن عَذابِ اللهِ حينَ قَالَ سُبحانَه: {يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (11) وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (12) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ (13) وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنْجِيهِ (14) }.

     وذِكْرِهِم عندَ الفِرَارِ منَ العَذابِ في سُورَةِ عَبَس، حينَ قَالَ سُبحانَه: {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36)}.

     أن الإنسَانَ لا يَقدِرُ على الإفتِدَاءِ بأمِّه وأبِيهِ لمَنزِلَتِهِما العَظِيمَةِ عندَ اللهِ (عزَّ وجلَّ)، فقَد أكرَمَ اللهُ (عزَّ وجلَّ) الأبوَينِ إكرَاماً لم يَكُنْ له مَثِيلٌ أبداً، وقَرنَ شُكرَهُ بشُكرِهِما حينَ قَالَ تعَالى: {اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} وحينَ قَرنَ طَاعتَه وعِبادَتَه بالإحسَانِ إليْهِما حينَ قَالَ سُبحانَه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}، وحتى قِيلَ: إنَّه مِن عَظِيمِ مَنزِلَةِ الأبوَينِ أنَّ اللهَ (عزَّ وجلَّ) جَعلَ النَّبيَّ المُصطَفَى (صلى الله عليه وآله وسلم) يَتِيماً خَشيَةَ أنْ لا يَبقَى عليْه حَقٌّ لا يَقدِرُ على الإيفَاءِ به وهو سيِّدُ الخَلقِ والكَائِنَاتِ، لذا أعفَاهُ اللهُ (عزَّ وجلَّ) منَ الحقِّ المَذكُورِ. 

     وأمامَ هذا كُلِّه لا يَقدِرُ الإنسَانُ على الإفتِدَاءِ بأمِّه وأبِيهِ حتى لو كانَ في أشدِّ المَواقِفِ وأعْظَمِها.

     ودُمتُم سَالِمينَ.