ما هي حُدودُ عِلمِ الإمامِ المَعصُومِ (ع)؟!

: اللجنة العلمية

     الأخُ المحتَرمُ.. السَّلامُ علَيكم ورَحمةُ اللهِ وبرَكاتُه.

     الإمامُ المَعصُومُ (عليه السلام) هو خَلِيفةُ رسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) في أمَّتِه وعِدلُ القُرآنِ الكَريمِ لا يُفارِقُه ولا يَفترِقُ عنه بنَصِّ حَديثِ الثَّقلَينِ الَّذي يَقُول: {إنِّي تَاركٌ فيْكم خَلِيفتَينِ: كِتَابَ اللهِ، حَبلٌ مَمدُودٌ ما بينَ الأرضِ والسَّماءِ، وعِترَتِي أهلَ بَيتِي، وإنَّهما لن يَتفرَّقا حتى يَرِدا عليَّ الحَوضَ} [صَحِيحُ الجَامعِ الصَّغيرِ للألبَاني 1: 482].

     ومِن هنا فهو مُهَيمنٌ على كلِّ عُلومِ القُرآنِ مِن خاصِّه وعامِّه ومُحكَمِه ومُتشَابِهه ومُطلَقِه ومُقيَّدِه.. إضَافةً لعُلُومٍ أُخرَى تُشِيرُ إليْها الآيةُ الكَرِيمةُ: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}، فهذِه العُلُومُ البَيانِيةُ لما هو مَوجُودٌ في القُرآنِ كذلِك يَعلمُ بها المَعصُومُ لمَحلِّ خِلَافتِه مِن رسُولِ اللهِ (ص)، ولهَذا كانَ المَعصُومُ وَارِثَ عِلمِ رسُولِ اللهِ (ص) في هذا الجَانبِ دُونَ غَيرِه.

     رَوى الحَاكمُ النَّيسَابُوري في "المُستَدرك على الصَّحِيحَين" ج3 ص 136: أخبَرنَا أبو النَّضرِ مُحمَّدُ بنُ يُوسفَ الفَقِيه، ثنا عُثمَان بنُ سَعيدٍ الدَّارِمي، ثنا النُّفيَلي، ثنا زُهَير، ثنا أبو إسحَاقَ، قَال عُثمانُ: وحدَّثنا عليُّ بنُ حَكيمٍ الأودِي، وعَمرُو بنُ عونٍ الوَاسِطي، قَالا: ثنا شريك بنُ عبدِ اللهِ، عن أبِي إسحَاقَ قَال: سَألتُ قثم بنَ العبَّاسِ: كيفَ وَرِثَ عليٌّ رسُولَ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) دُونَكم؟ قَال: لأنَّه كانَ أوَّلَنا به لُحُوقاً، وأشدَّنا به لُزُوقاً. 

     قَال الحَاكمُ: هذا حَدِيثٌ صَحِيحُ الإسنَادِ، ولم يُخرِجَاه. 

     ورَوى أيضاً: سَمِعتُ قَاضِيَ القُضاةِ أبا الحَسنِ مُحمَّدَ بنَ صَالحِ الهَاشِميِّ يَقُول: سَمِعتُ أبا عُمرَ القَاضِي يَقُول: سَمِعتُ إسمَاعيلَ بنَ إسحَاقَ القَاضِي يَقُول: وذكرَ له قَول قثم هذا، فَقَال: إنَّما يَرثُ الوَارِثُ بالنَّسبِ أو بالوَلاءِ، ولا خِلَافَ بينَ أهلِ العِلمِ أنَّ ابنَ العمِّ لا يَرثُ مع العمِّ، فقد ظَهرَ بهَذا الإجمَاعِ أنَّ عَلياً وَرِثَ العِلمَ منَ النَّبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) دُونَهم. 

     وبِصحَّةِ ما ذَكرَه القَاضِي. انتهى.

     وأخرجَ الطَّبرانِيُّ في المُعجَمِ الكَبيرِ، والرَّافِعي في مُسـنَدِه بالإسنَادِ إلى ابنِ عبَّاسٍ، قَال: قَال رسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلم): "مَن سرَّه أنْ يَحيَا حَياتِي، ويَمُوتَ مَماتِي، ويَسكُنَ جنَّةَ عَدنٍ غَرسَـها ربِّي، فَليُوالِ عليّاً مِن بَعدِي، وليُوالِ وليَّه، وليَقتَدِ بأهلِ بَيتِي مِن بَعدِي;  فإنَّهم عِترَتي، خُلِقُوا مِن طِينَتي، ورُزِقُوا فَهمِي وعِلمِي، فوَيلٌ للمُكذِّبينَ فيْهم مِن أُمَّتِي، القَاطِعينَ فيْهم صِلَتِي، لا أنالَهُم اللهُ شَفاعَتِي [انظر: كنزَ العمَّال 12 / 103 ].

     فالمَعصُومُ هو وَارِثُ عِلمِ رسُولِ اللهِ (ص) بِنصِّ الأحَادِيثِ المُتقدِّمةِ.

     ودُمتُم سَالِمينَ.