عقوبةُ السّجنِ في الإسلامِ

محمّد العلياوي‏ السّلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتهُ اللهمَّ صلِّ على محمّدٍ وآلِ محمّد وعجّلْ فرجهُم والعنْ أعداءهُم. هل شرّعَ الإسلامُ عقوبةَ السّجنِ لجريمةٍ مُعيّنةٍ ؟ وهلْ صحَّ في طُرُقِنا أنَّ أميرَ المؤمنينَ الإمامَ عليّاً عليهِ السّلامُ قد حكمَ بالحبسِ لبعضِ الجَرائم؟ جُزيتُم خَيراً

: اللجنة العلمية

الأخُ محمّد المحترمُ, عليكُمُ السّلامُ ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ

جاءتْ  عقوبةُ السّجنِ في الإسلامِ في مَواردَ  عديدةٍ نشيرُ إلى جملةٍ منها : 

1-الحبسُ في تُهمةِ القتلِ : 

الرّواياتُ : عن الكافي بسندهِ عن السّكوني عن أبي عبد اللهِ ( عليهِ السّلامُ ) قال : " إنّ النّبيَّ ص كانَ يحبسُ في تُهمةِ الدَّمِ ستةَ أيّامٍ ، فإنْ جاءَ أولياءُ المقتولِ ببيّنةٍ وإلّا خُليَ سبيلهُ " [ الكافي 7: 370 حديث 5] 

وفي السّننِ الكُبرى للبَيهقيّ : عن أبي جعفرٍ : إنّ عليّاً ع قال : إنّما الحبسُ حتّى يتبيَّنَ للإمام ، فما حبسَ بعدَ ذلكَ فهو جَورٌ . [ السّنن الكبرى 6: 53] 

وفي الفَتاوى : قالَ الشّيخُ الطّوسيُّ في " النّهاية " : والمتَّهمُ بالقتلِ يَنبغي أن يحبسَ ستّةَ أيّام ، فإنْ جاءَ المدّعي ببيّنَةٍ ، أو فصلَ الحكمُ معهُ ، وإلا خُليَ سبيلُه . [ النهاية : 744] 

2- حبسُ السّارق في السّرقةِ الثّالثةِ بعدَ قطعِ يَدهِ ورِجلهِ في المرَّةِ الأولى والثّانية :

 الرّوايات : في الكافي بسندهِ عن محمّد بنِ قيسٍ عن أبي جعفر ( عليهِ السّلام ) ، قال : قضى أميرُ المؤمنينَ ع في السّارق إذا سرقَ قُطِعتْ يمينهُ ، وإذا سرقَ مرّةً أخرى قطِعَتْ رجلهُ اليُسرى ، ثمّ إذا سرقَ مرّةً أخرى سجنتهُ وتركتَ رِجلهُ اليُمنى يَمشي عليها إلى الغائطِ ويَدَهُ اليُسرى يأكلُ بها ويَستنجي بها . [ الكافي 7: 222 الحديث 4]

وفي مُصنَّفِ إبنِ أبي شيبةَ : حدَّثنا أبو بكر ، قال : حدَّثنا جريرٌ عن منصورٍ عن أبي الضحى عن مغيرة عن الشعبي قالا : كان عليٌّ  يقول : إذا سرقَ السّارق مراراً  قُطِعَتْ يدهُ  ورِجلهُ ثم إنْ عادَ إستودعتهُ السّجن . [ المصنف 9: 509 الحديث 8309 ] /

وفي الفَتاوى : قال الشّيخ الصدوقُ في " المقنع " : وإذا أخذَ السّارقُ مرّةً قطِعَتْ يدهُ من وسطِ الكفِّ فإن عادَ قطِعَتْ رجلهُ من وسطِ القدمِ فإن عادَ استودعَ السجنَ ، فإن سرقَ في السّجنِ قُتِل . [ المقنع : 105]

3-الحبسُ للمنعِ عن محارمِ الله :

الرّوايات : جاءَ في " الفقيه " بسندهِ عن عبد اللهِ بنِ سنانٍ عن أبي عبد اللهِ ( عليه السّلامُ ) ، قال : جاءَ رجلٌ إلى رسولِ اللهِ ص ، فقال : إنّ أمّي لا تدفعُ يدَ لامس ، قال فاحبسها ، قال : قد فعلتُ ، قال : فامنعْ من يدخلْ عليها ، قال : قد فعلتُ ، قال : قيّدها ، فإنّك لا تبرّها بشيءٍ أفضلَ مِنْ أنْ تَمنَعها من محارِمِ اللهِ عزّ وجلّ . [ من لا يحضرهُ الفقيه 4: 51 الحديث 6]

وفي الفَتاوى : أفتى الفقيهُ الحرُّ العامليّ بمضمونِ هذهِ الرّوايةِ في وسائلهِ فقالَ في تبويبِ الأبوابِ :" 48:بابُ جوازِ  منعِ الإمامِ من الزّنا والمُحرّماتِ ولو بالحبسِ والقَيدِ". [ وسائلُ الشّيعة  18 : 414 ] 

وفي كتابِ " الفروق " للقرافيّ - من علماءِ أهلِ السنّة - : ( ويشرّعُ الحبسُ في ثمانيةِ مواضعَ : .. الخامسُ : الحبسُ للجاني تَعزيراً ورَدعاً عن معاصي اللهِ تَعالى ) . [ الفروق 4: 79] 

وهكذا توجدُ مواردُ أخرى تعرّضَ لها المُحدّثونَ والفقهاءُ في كتبهِم ، نحو : الحبسِ في الإيذاءِ الجسمي بغيرِ الجرحِ [ التّمثيل ] ، والحبسِ في السبّ والإيذاءِ والافتراءِ ، والحبسِ في السّحرِ وأضرابهِ ، والحبسِ لاصحابِ السّلوكِ المُنحرفِ ، وحبسِ المُرتدِّ ، والحبسِ في الفحشاءِ ، والحبسِ في الخمرِ والمُسكراتِ، والحبسِ في مسائلِ الزّوجيّةِ ، وحبسِ الجاسوسِ ، وحبسِ العاملِ الخائنِ وغيرِها . 

ودُمتُم سالِمين.