حولَ ذبحِ الإِمَامِ الحُسَينِ ﴿ع﴾.

جعفر كريم: عندما نَقرأُ في الكثيرِ مِن كُتُبِ واقعةِ الطَّفِ، فإِنَّنَا نَمُرُّ على عِبارةِ (ذُبِحَ الحُسينُ ﴿ع﴾ كما يُذبَحُ الكَبْشُ) ونَحنُ نَعلمُ أَنَّ الحُسَينَ سلامُ ٱلله عليه قد ذُبِحَ مِنَ القَفَا. أَيُوجَدُ عندَ المسلمينِ كَبْشٌ يُذبَحُ مِنَ القَفَا ؟!

: اللجنة العلمية

الأَخُ جعفر المُحْتَرَمُ، السَّلَامُ عَلَيْكُمُ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ

أولاً : 

يَظهرُ مِن مَجموعِ الرُّواياتِ أَنَّ ذَبحَ الإِمامِ الحُسَينِ ﴿ع﴾ حصلَ على مَرحلتَينِ:

المرحلةُ الأُولى: ذُبِحَ مِن حَلقِهِ وأَمَامِهِ، كما يُذبَحُ الكَبْشُ.

المرحلةُ الثَّانيةُ: إِحْتَزُّوا رأسَهُ مِنَ القَفَا.

أَمَّا ما يدُلُّ على أَنَّ الإِمامَ ذُبِحَ أَوَّلاً مِنَ الأَمَامِ فَلِعِدَّةِ رواياتٍ:

الرُّوايةُ الأُولى: روى الصَّدوقُ بِسندِهِ عَنِ الْإِمامِ الصَّادِقِ عن أَبيهِ الْإِمامِ الباقرِ عنِ الْإمامِ زَينِ العابدينَ ﴿عليهم السَّلامُ﴾: (وأَقبلَ عُدُوُّ ٱللهِ سِنَانُ بْنُ أَنس الأَيادِيّ، وشِمرُ ابْنُ ذِي الجَوشنِ العامريّ (لَعَنَهُمَا ٱللهُ) في رجالٍ مِن أَهلِ الشَّامِ حتَّى وقفوا على رأسِ الحُسَينِ ﴿عليهِ السَّلامُ﴾ فقال بعضُهم لبعضٍ: ما تَنتظرونَ ؟ أَرِيحُوا الرجل، فنزلَ سِنَانُ بْنُ أَنَس الأَيادِيّ (لَعَنَهُ ٱللهُ) وأخذ بلحية الحُسَينِ ﴿عليه السَّلامُ﴾ وجَعَلَ يَضربُ بالسيفِ في حَلقِهِ وهو يقول: وٱللهِ إِنَّي لَأَحتَزُّ رأسكَ، وأَنا أَعلمُ أَنَّكَ ابْنُ رسولِ ٱللهِ (صلَّى ٱللهُ عليهِ وآلِهِ) وخيرُ النَّاسِ أَبَاً وأُمَّاً). الأَمالي لِلصَّدوقِ ص226، مجلس 30.

الرُّوايةُ الثَّانيةُ: قال الإِمامُ المهديُّ (ع) في زيارة النَّاحيةِ المقدَّسةِ: (والشِّمرُ جالسٌ على صدرِكَ، مُولِغٌ سيفَهُ على نَحركَ، قابِضٌ على شَيبتِكَ بِـيَدِهِ، ذابِحٌ لَكَ بِمُهَنَّدِهِ، قد سَكَنَتْ حَوَاسُّكَ، وخُفِيَتْ أَنفاسُكَ، ورُفِعَ على القنا رأسكَ). المَزارُ لِابْنِ المشهديّ ص505.

فعلى هاتَينِ الرُّوايتينِ يَظهرُ أَنَّ الذَّبحَ أَوَّلاً حصل مِن حَلقِهِ، وكان الفاعلُ سِنانُ بْنُ أَنس أَو شمر على اخْتلافِ الرُّواياتِ.

وأَمَّا ما يدُلُّ على أَنَّ الإِمامَ حُزَّ رأسُهُ مِنَ القفا:

ففي خُطبةِ الإِمام السَّجادِ (عليهِ السَّلامُ): (أَنا ابْنُ المَقتولِ ظُلماً، أَنا ابْنُ المَحزُوزِ الرَّأسِ مِنَ القفا، أَنا ابْنُ العَطشان حتَّى قضى، أَنا ابْنُ طَريحِ كربلاءَ). المناقبُ لِابْنِ شَهرِ آشوب ج3 ص305.

وفي نُدبَةِ السَّيِّدَةِ زينبَ (ع): ( يا مُحمَّداه بناتُكَ سبايا، وذُرِّيتكَ مُقَـتَّلَةٌ، تُسفَى عليهم رِيحُ الصَّبَا، وهذا حُسَينٌ مُحزُوزُ الرَّأسِ مِنَ القفا، مَسلُوبُ العِمامةِ والرِّداء). الُّلهُوفُ لِابْنِ طاووس ص78.

- وهذا يدُلُّ أَنَّ رأسَه الشَّريفَ قد حُزَّ وفُصِلَ عن بدنِه مِنَ القفا.

الخِلاصةُ: إِنَّ الذَّبحَ في المرحلةِ الأُولى قد حصلَ مِن حَلقِهِ وأَمامِهِ، فهو ذُبِحَ كما يُذبَحُ الكبشُ مِن أَمامِهِ، ثُمَّ في المرحلةِ الثَّانيةِ فصلوا رأسَه عن بدنِهِ بذبحِهِ مِنَ القفا، وبهذا يَتمُّ الجمعُ بينَ الرُّواياتِ.

ثانياً: 

إِنَّ الذَّبحَ مِنَ القفا يصدقُ عليه ذَبْحُ الكبشِ، وذلكَ بأَن يكون وجهُ الشَّبَهِ بينهما، أَنَّ الذَّبحَ فيهما حاصلٌ مِنَ الرَّقبةِ، فكما أَنّ الكبشَ يُذبَحُ مِنَ الرَّقبةِ، كذلكَ الإِمام الحُسَين (ع) ذبحوهُ مِن رقبتِهِ، وليسَ وَجهُ الشَّبَهِ أَن يكونَ الذَّبحُ مِنَ الأَمَامِ.

والحمدُ للهِ رَبِّ العالمين َ