التَّفرِيقُ بَينَ حَدِيثِ الرَّاوِي فِي الحَلَالِ وَالحَرَامِ، وَحَدِيثِهِ فِي التَّرغِيبِ وَالتَّرهِيبِ.

أَحْمَدُ /الكُوَيتُ/السَّلَامُ عَلَيكُم: لَدَيَّ سُؤَالٌ: لِمَاذَا نَرَى بَعضَ أَهْلِ الجَرحِ وَالتَّعدِيلِ يَصِفُ بَعضَ الرُّوَاةِ بِأَنّهُ لَا يُؤخَذُ مِنْ حَدِيثِهِ إِلَّا مَا كَانَ فِي التَّرغِيبُ وَالتَّرهِيبُ، وَأَمَّا الحَلَالُ وَالحَرَامُ فَلَا يُلتَفَتُ إِلَيهِ؟

: اللجنة العلمية

الأَخُ أَحْمَدُ المُحْتَرَمُ:

السَّلامُ عَلَيكُم وَرَحمَةُ ٱللهِ وَبَرَكَاتُهُ:

إِنَّ هذه الَمَسأَلَةَ مِنَ المَسَائِلِ المُهِمَّةِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِمَدَى الٱعْتِمَادِ عَلَى الرَّاوِي فِيمَا يَنقُلُهُ عَنْ مَشَايِخِهِ مِنْ أَحَادِيثَ، حَيثُ إِنَّ عُلَمَاءَ الجَرحِ وَالتَّعدِيلِ بَيَّنُوا فِي تَرَاجِمِ رُوَاةِ الحَدِيثِ أَنَّ مِنهُم مَنْ كَانَ فِي أَعلَى دَرَجَاتِ الوَثَاقَةِ، وَمِنهُم مَنْ كان فِي أَدنَى دَرَجَاتِ الضَّعْفِ وَمِنهُم مَنْ تَوَسَّطَ بَينَ هَاتَينِ المَرتِبَتَينِ، وَالمُعتَبَرُ فِي التَّفرِيقِ بَينَ أَحوَالِ الرُّوَاةِ هُوَ الضَّبطُ، فَكُلَّمَا كَانَ الرَّاوِي ضَابِطَاً لِحَدِيثِهِ حَافِظَاً مُتَيَقِّظَاً فَهِمَاً كَانَ حَدِيثُهُ صَحِيحَاً بَلْ يَكُونُ فِي أَعلَى دَرَجَاتَ الصَّحَّةِ، وَكُلَّمَا كَانَ الرَّاوِي مُضطَرِبَاً فِيمَا يَروِيهِ يُخَالِفُ الثِّقَاتِ فِي أَغلَبِ مَروِيَّاتِهِ غَيرَ حَافِظٍ لِحَدِيثِهِ، كَانَ حَدِيثُهُ وَاهِيَاً سَاقِطَاً، ثُمَّ إِذَا وَقَعَ خَلَلٌ فِي بَعضِ مَروِيَّات الرَّاوِي وَكَانَ فِي الوَقتِ نَفسِهِ يَحفَظُ أَكثَرَ مَروِيَّاتَهُ وَيَضبِطَهَا، فَحَدِيثُهُ هَذَا يَدخُلُ فِي قِسمِ الحَسَنِ. وَمِنْ هُنَا فَإِنَّ وَصفَ أَهْلِ الجَرحِ وَالتَّعدِيلِ وَتَقسِيمهِ لِأحوَالِ الرُّوَاةِ مَبنِيٌّ عَلَى أَسَاسِ ضَبطِهِم لِمَا يَروُونَهُ مِنْ أحاديث. لَكِنْ هُنَاكَ صِنفٌ مِنَ الرُّوَاةِ قَدْ تَسَاوَى ضَبطُهُم وَخَلَلُهُم لِمَا يَروُونَهُ مِنْ أَحَادِيثَ عَنْ مَشَايِخِهِم، فَفِي مِثلِ هَذَه الحَالَةِ يَحتَاطُ عُلَمَاءُ الجَرحِ وَالتَّعدِيلِ مَعَ هَكَذَا نَوعٌ مِنَ االرُّوَاة، فَلِذَا كَانُوا يَأخُذُونَ مِنْ أَحَادِيثِهِم مَا فِيهِ تَرغِيبٌ فِي الجَنَّةِ أَو تَرهِيبٌ مِنَ النَّارِ، وَلَا يَعتَمِدُونَ عَلَى أَحَادِيثِهِم الَّتِي يَتَرَتَّبُ عَلَيهَا الحَلَالُ أَوِ الحَرَامُ حَتَّى لَا تَضِيعَ الحُقُوقُ فَتَتَوَلَّدُ لِأَجلِ ذَلِكَ مَفَاسِدُ وَمَخَاطِرُ جَمَّةٌ كَمَا هُوَ مُحَرَّرٌ فِي عِلمِ أُصُولِ الفِقهِ. 

وَدُمْتُمْ سَالِمِينَ