مَوقِفُ عُلَمَائِنَا مِنَ الدَّولَةٓ العُثْمَانِيَّةِ.

مُؤَمَّل: مَا هُوَ مَوقِفُ عُلَمَائِنَا مِنَ الدَّولِةِ العُثْمَانِيَّةِ؟

: اللجنة العلمية

الأَخُ مُؤَمَّلُ المُحْتَرَمُ:

السَّلامُ عَلَيكُم وَرَحمَةُ ٱللهِ وَبَرَكَاتُهُ

مَوقِفُ عُلَمَائِنَا مِنَ الدَّولَةِ العُثْمَانِيَّةِ كَمَوقِفِ أَئِمَّتِنَا ﴿عَلَيهِمُ السَّلَامُ﴾ مِنَ الدَّولَتَينِ الأُمَوِيَّةِ والعَبَّاسِيَّةِ، أَنَّهَا دُوَلٌ مُسْتَبِدَّةٌ تَسَلَّطَت عَلَى رِقَابِ المُسْلِمِينَ بِغَيرِ حَقٍّ وَعَاثَت فِي الأَرْضِ فَسَادَاً وَخَرَابَاً، ويَكفِي أَنْ تُرَاجِعَ تَأْرِيخِ الدَّولَةِ العُثْمَانِيَّةِ وتُلَاحِظَ كَيفِيَّةَ ٱضْطِهَادِهَا لِمُوَاطِنِيهَا مِنَ السُّنَّةِ وَالشِّيعَةِ مَعَاً، حَتَّى تَعرِفَ صَوَابَ مَا قُلنَاهُ.

يَقولُ الدُّكتُورُ عاصمُ الدُّسُوقِيّ أُسْتَاذُ التَّأرِيخِ الحَدِيثِ والمُعَاصِرِ بِجَامِعَةِ حُلْوَان: "إِنَّ العُثْمَانِيِّينَ لَيسُوا سُوَى غُزَاة ومُسْتَعْمِرِينَ ٱحْتَلُّوا بِلادَ العَرَبِ أَرْبَعَة قُرُونٍ، مَثَلُهُم مَثَلُ الإِسْتِعمَارِ الفَرَنْسِيّ وَالبِرِيطَانِيّ، إِسْتَنْزَفُوا ثَرَوَاتِ العَرَبِ وَأَورَثُوهُم الضَّعْفَ والتَّخَلُّفَ".

وَقَدِ  ٱعْتَرَفَ الأَتْرَاكُ أَنْفُسُهُم بِذَلكَ، أَيِ ٱعْتَرَفُوا أَنَّهُم غُزَاةٌ طَامِعُونَ لَا أَكْثَرَ، فَقَد جَاءَ فِي مُذَكَّرَاتِ السُّلْطَانِ عَبدِالحَمَيدِ الثَّانِي (تَقْدِيمُ وَتَرْجَمَةُ، د. مُحَمَّدُ حَرَب، دَارُ القَلَمِ، دِمَشْقَ، ط 3، 1991، ص 131)  مَا نَصُّهُ: "... قُلتُ، وَسَأَقُولُ: شَرَحْتُ وَسَأَشْرَحُ مَسْأَلَةً مُهِمَّةً وَهِيَ: أَلَمْ يَكُونُوا يُفَكِّرُونَ أَنَّ الدَّولَةَ العُثْمَانِيَّةَ تَجْمَعُ أُمَمَاً شَتَّىٰ، وَالمَشْرُوطِيَّةُ فِي دَولَةٍ كَهذِهِ مَوتٌ لِلعُنصِرِ الأَصْلِيّ فِي البِلَادِ، هَلْ فِي البَرْلَمَانِ الإِنْجِلِيزِيِّ نَائِبٌ هِندِيٌّ وَاحِدٌ أَو أَفْرِيقِيٌّ أَو مِصْرِيٌّ؟ وَهَلْ فِي البَرْلَمَانِ الفَرَنْسِيِّ نَائِبٌ جَزَائِرِيٌّ وَاحِدٌ؟ وَهُم يَطْالِبُونَ بِوُجُودِ نُوَّابَ مِنَ الرُّومِ والأَرْمَنِ وَالبُلْغَارِ والصِّرْبِ وَالعَرَبِ فِي البَرْلَمَانِ العُثْمَانِيِّ. لَا لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِي عَلَى ٱبْنِ الوَطَنِ الَّذِي تَعَلَّمَ وَفَكَّرَ وَوَهَبَ نَفْسَهُ لِقَضِيَّتِهِ. أَقُولُ: إِنَّ شَبَابَ تُرْكِيَا الفَتَاةَ وَبِبِسَاطَةٍ قَدْ خَدَعُوا". إِنْتَهَى ٰ

فَتَجِدُ أَنَّ السُّلْطَانَ عَبدَ الحَمِيدِ الثَّانِي يَنْظُرُ إِلَى وَاقِعِ الدَّولَةِ العُثْمَانِيَّةِ كَمَا يَنْظُرُ  إِلَى غَيرِهَا مِنَ البُلْدَانِ الإِسْتِعْمَارِيَّةِ غَيرِ الإِسْلَامِيَّةِ كَالإِنْجِلِيزِ وَفَرَنْسَا، وَهَذا يَكْشِفُ عَلَى أَنَّهُمْ بَعِيدُونَ عَن رُوحِ الإِسْلَامِ وتَعَالِيمِهِ الَّتِي لَا تُمَيِّزُ بَينَ شَخْصٍ وَآخَرَ بِسَبَبِ اللَّونِ أَوِ اللُّغَةِ، لَكِنَّهَا رُوحُ العُنْصُرِيَّةِ وَالإِسْتِعْمَارِ الَّتِي أَفْصَحَ عَنْهَا السُّلْطَانُ عَبدُ الحَمِيدِ الثَّانِي.

وَلَو قَرَأَتَ تَأَرِيخَ  أَحَدِ جَزَّارِيهِم وَهُوَ أَحْمَدَ بَاشَا الجَزَّارِ وَحَمَلَاتِهِ عَلَى بِلَادِ الشَّامِ وَلُبْنَانَ خَاصَّةَ لَكَفَى، فَقَدْ  كَانَ وَالِيَ عَكَّا سَنَةَ 1195، فَقَدْ أَفْرَطَ هَذا المَسْخُ فِي قَتْلِ المُسْلِمِين، والشِّيعَةِ خَاصَّةً، حَتَّى صَارَ يُعرَفُ بِٱسْمِ (الجَزَّارِ)؛ لِكِثْرَةِ قَتْلِهِ النَّاسَ ! يَقُولُ الجبرتي: 2 : 292 : (سَمّوهُ بهَذا الٱسْمِ؛ لِكِثْرَةِ قَتٔلِهِ النُّفُوسِ وَلَا يُفَرِّقُ بَينَ الأَخْيَارِ وَالأَشْرَارِ، وَقَدْ جَمَعَ الطُّمُوشَ الكَثِيرَةَ مِنَ العَسْكَرِ وَالغَز والعَرَب وَأَسَافِلِ العَشِيرَةِ) !. 

وَدُمْتُمْ سَالِمِينَ