سِجْنُ الإِمَامِ الكَاظِمِ (ع) المُتَكَرِّرُ وَقَتْلُهُ ثَابِتٌ فِي كُتُبِ السُّنَّةِ أَيْضًا.

سَامِرٌ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ .. هَلْ وَرَدَ فِي كُتُبِ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ الإِمَامَ الكَاظِمَ {ع} سُجِنَ مِنْ قِبَلِ هَارُونَ العَبَّاسِيِّ؟

: اللجنة العلمية

     الْأَخُ سَليمٌ الْمُحْتَرَمُ، السَّلَاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ

     قَالَ الخَزْرَجِيُّ الأَنْصَارِيُّ فِي خُلَاصَةِ تَذْهِيبِ تَهْذِيبِ الكَمَالِ عَنِ الإِمَامِ (ع) (ص 390):

     (ت ق) مُوسَى بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الهَاشِمِيُّ أَبُو الحَسَنِ الكَاظِمُ المَدَنِيُّ عَنْ أَبِيهِ، وَعَنْهُ ابْنُهُ عَلِيٌّ الرِّضَا وَأَخَوَاهُ عَلِيٌّ وَمُحَمَّدُ ابْنَا جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَطَائِفَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ إمَامٌ مِنْ أَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ. قَالَ يَحْيَى بْنُ الحُسَيْنِ العَلَوِيُّ بَلَغَهُ عَنْ رَجُلٍ أَنَّهُ يُؤذِيهِ فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِصُرَّةٍ فِيهَا أَلْفُ دِينَارٍ حَبَسَهُ المَهْدِيُّ ثُمَّ أَطْلَقَهُ وَمَاتَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَمانِينَ وَمِائَةٍ.

     وَقَالَ الخَطِيبُ البَغْدَادِيُّ فِي تَارِيخِ بَغْدَادَ (13/29) وَالمزيُّ فِي تَهْذِيبِ الكَمَالِ (29/44) وَابْنُ الجَوْزِيِّ فِي المُنْتَظِمِ (9/87): مُوسَى بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَبُو الحَسَنِ الهَاشِمِيُّ، يُقَالُ: إِنَّهُ وُلِدَ بِالمَدِينَةِ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ. وَقِيلَ: سَنَةِ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، وَأَقْدَمَهُ المَهْدِيُّ بَغْدَادَ، ثُمَّ رَدَّهُ إِلَى المَدِينَةِ وَأَقَامَ بِهَا إِلَى أَيَّامِ الرَّشِيدِ، فَقَدِمَ هَارُونُ مُنْصَرِفًا مِنْ عُمْرَةِ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ، فَحَمَلَ مُوسَى مَعَهُ إِلَى بَغْدَادَ وَحَبَسَهُ بِهَا إِلَى أَنْ تَوَفَّى فِي مَحْبَسِهِ .وَأَضَافَ الدَّيَّارُ بَكَرِيٌّ فِي تَارِيخِ الخَمِيسِ (2/287) قَولَهُ:

     وَفِي شوَاهِدِ النُّبُوَّةِ مَاتَ فِي حَبْسِ هَارُونَ الرَّشِيدِ بِبَغْدَادَ يَوْمَ الخَمِيسِ لِخَمْسٍ خَلَوْنَ مِنْ رَجَبَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمانِينَ وَمِائَةٍ مِنَ الهِجْرَةِ وَقَبْرُهُ بِبَغْدَادَ. وَيُقَالُ: إِنَّ يَحْيَى بْنَ خَالِدٍ البَرْمَكِيَّ سَمَّهُ فِي رُطَبٍ بِأَمْرِ هَارُونَ الرَّشِيدِ.

     وَهَذَا يُثْبِتُ سِجْنَهُ الأَخِيرَ لِأَرْبَعِ سِنِينَ مُتَوَاصِلَةً وَقَتْلَهُ مِنْ قِبَلِ هَارُونَ، فَكَيْفَ يَكُونُ رَشِيدًا؟!!

     وَأَخْرَجَ الخَطِيبُ البَغْدَادِيُّ فِي تَارِيخِ بَغْدَادَ (13/32) وَكَذَا المزيُّ فِي تَهْذِيبِ الكَمَالِ (29/49) وَالذَّهَبِيُّ فِي سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ (6/272) وَابْنُ الجَوْزِيِّ فِي المُنْتَظِمِ (9/87):

     حَدَّثَنِي الفَضْلُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ لَمَّا حَبَسَ المَهْدِيُّ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ رَأَى المَهْدِيُّ فِي النَّوْمِ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَهُوَ يَقُولُ يَا مُحَمَّدَ: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ) [مُحَمَّدٌ/22].   قَالَ الرَّبِيعُ :فَأَرْسَلَ لِي لَيْلًا فَرَاعَنِي ذَلِكَ، فَجِئْتُهُ فَإِذَا هُوَ يَقْرَأُ هَذِهِ الآيَةَ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ: فَجِئْتُهُ بِهِ فَعَانَقَهُ وَأَجْلَسَهُ إِلَى جَانِبِهِ. وَقَالَ أَبُو الحَسَنِ: إِنِّي رَأَيْتُ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فِي النَّوْمِ يَقْرَأُ عَلَيَّ كَذَا، فَتُؤْمِنُنِي أَنْ تَخْرُجَ عَلَيَّ أَوْ عَلَى أَحَدٍ مِنْ وُلْدِي؟ فَقَالَ: آللهُ لَا فَعَلْتُ ذَاكَ، وَلَا هُوَ مِنْ شَأْنِي.

     قَالَ :صَدَقْتَ، يَا رَبِيعُ أَعْطِهِ ثَلَاثَةَ آلَافِ دِينَارٍ وَرُدَّهُ إِلَى أَهْلِهِ إِلَى المَدِينَةِ. قَالَ الرَّبِيعُ: فَأَحْكَمْتُ أَمْرَهُ لَيْلًا، فَمَا أَصْبَحَ إِلَّا وَهُوَ فِي الطَّرِيقِ خَوْفَ العَوَائِقِ.

     وَرَوَى الخَطِيبُ البَغْدَادِيُّ فِي تَارِيخِ بَغْدَادَ (13/32) وَالمزيُّ فِي تَهْذِيبِ الكَمَالِ (29/50) وَالذَّهَبِيُّ فِي سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ (6/272):... عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبَانَ قَالَ :حُبِسَ أَبُو الحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ عِنْدَ السِّندِيِّ بْنِ شَاهِكٍ، فَسَأَلَتْهُ أُخْتُهُ أَنْ تَتَوَلَّى حَبْسَهُ - وَكَانَتْ تَتَدَيَّنُ - فَفَعَلَ، فَكَانَتْ تَلِي خِدْمَتَهُ، فَحَكَى لَنَا أَنَّهَا قَالَتْ :كَانَ إِذَا صَلَّى العُتْمَةَ حَمِدَ اللهَ وَمَجَّدَهُ وَدَعَاهُ، فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى يَزُولَ اللَّيْلُ، فَإِذَا زَالَ اللَّيْلُ قَامَ يُصَلِّي حَتَّى يُصَلِّيَ الصُّبْحَ، ثُمَّ يَذْكُرُ قَلِيلًا حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، ثُمَّ يَقْعُدُ إِلَى ارْتِفَاعِ الضُّحَى، ثُمَّ يَتَهَيَّأُ وَيَسْتَاكُ وَيَأْكُلُ، ثُمَّ يَرْقُدُ إِلَى قَبْلِ الزَّوَالِ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي حَتَّى يُصَلِّيَ العَصْرَ، ثُمَّ يَذْكُرُ فِي القِبْلَةِ حَتَّى يُصَلِّيَ المَغْرِبَ، ثُمَّ يُصَلِّي مَا بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعُتْمَةِ، فَكَانَ هَذَا دَأْبُهُ. فَكَانَتْ أُخْتُ السِّنْدِيِّ إِذَا نَظَرَتْ إِلَيْهِ قَالَتْ :خَابَ قَوْمٌ تَعَرَّضُوا لِهَذَا الرَّجُلِ، وَكَانَ عَبْدًا صَالِحًا.

     ثُمَّ قَالُوا جَمِيعُهُمْ:... حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: بَعَثَ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ إِلَى الرَّشِيدِ مِنَ الحَبْسِ رِسَالَةً كَانَتْ :إِنَّهُ لَنْ يَنْقَضِيَ عَنِّي يَوْمٌ مِنَ البَلَاءِ إِلَّا انْقَضَى عَنْكَ مَعَهُ يَوْمٌ مِنَ الرَّخَاءِ، حَتَّى نَقْضِيَ جَمِيعًا إِلَى يَوْمٍ لَيْسَ لَهُ انْقِضَاءٌ، يَخْسَرُ فِيهِ المُبْطِلُونَ.

     ثُمَّ قَالُوا جَمِيعًا... حَدَّثَنِي إبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ السِّنْدِيِّ بْنِ شَاهِكٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ عِنْدَنَا مَحْبُوسًا، فَلَمَّا مَاتَ بَعَثْنَا إِلَى جَمَاعَةٍ مِنَ العُدُولِ مِنَ الكَرْخِ فَأَدْخَلْنَاهُمْ عَلَيْهِ فَأَشْهَدْنَاهُمْ عَلَى مَوْتِهِ، وَأَحْسَبُهُ قَالَ :وَدُفِنَ بِمَقَابِرِ الشونيزي. أه

     هَذَا مَا تَيَسَّرَ جَمْعُهُ عَلَى عُجَالَةٍ لِيَكُونَ شَاهِدًا عَلَى صِدْقِ دَعَاوَى شِيعَةِ وَأَتْبَاعِ وَمُحِبِّي أَهْلِ البَيْتِ (ع) وَدَفْعِ دَعَاوَى مَنْ يُشَكِّكُ فِي الشِّيعَةِ وَيَتَّهِمُهُمْ بِالمُبَالَغَةِ وَالكَذِبِ فِي مَظْلُومِيَاتِ أَهْلِ البَيْتِ (ع) وَيَجْعَلُ مِنَ الحَقَائِقِ الثَّابِتَةِ وَالقَطْعِيَّةِ مَحَلَّ تَأَمُّلٍ لِتَشْكِيكِ النَّاسِ فِي دِينِهِمْ وَشَعَائِرِهِمِ المُعَظَّمَةِ المُقَدَّسَةِ وَإِحْيَاءِ ذِكْرِ أَهْلِ البَيْتِ (ع) وَبَيَانِ مَظْلُومِيَّتِهِمْ وَمُحَارَبَةِ طَوَاغِيتِ زَمَانِهِمْ لَهُمْ وَمُعَانَاتِهِمْ وَشِدَّةِ الفَتْرَةِ وَالضَّغْطِ الَّذِي كَانُوا يُعَانُونَ مِنْهُ، كَالتَّهْجِيرِ القَسْرِيِّ وَالإِقَامَةِ الجَبْرِيَّةِ وَالسِّجْنِ وَالتَّعْذِيبِ وَالتَّقْتِيلِ وَمَعَ ذَلِكَ نَشَرُوا عُلُومَهُمْ لأَتْبَاعِهِمْ وَمُحِبِّيهِمْ عَلَى أَتَمِّ وَجْهٍ. فَصَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أَجَمْعِينَ وَاللهُ تَعَالَى يَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ، وَالحَمْدُ للهِ أَوَّلًا وَآخِرًا.

وَدُمْتُم سَالِمِينَ.