سلسلة سؤال وجواب حول العدل الإلهي (1)

العدل الإلهي

: اللجنة العلمية

س1: ما معنى العدل لغةً واصطلاحاً؟ 

ج: أما لغةً: فالعدل: قد ذُكرت له معاني عدة، منها:

(1) هو القصد - الاعتدال - في الأمور وهو خلاف الجور.                        

(2) هو إعطاء كل ذي حقٍ حقه.

(3) وضع الشيء في موضعه.

(4) ما قام في النفوس أنّه مستقيم.

(5) التسوية بين الشيئين أو الأشياء.

ولا يخفى أنّ المعنى الثاني غير مناسب أنْ ننسبه إلى تعالى، لأنّه ليس هناك حقٌ على الله تعالى حتى يتصور عدم الإعطاء ظلم، والإعطاء عدلٌ، بل الله سبحانه مالك وخالق لكل شيء، ولا يُعقل أنّ من أوجده الله تعالى إلى عالم الوجود، ومهما قام به من أعمال لنْ يكون له حق على الله سبحانه، وإنّما هو سبحانه وتعالى كتب على نفسه الرحمة ووعَدَ المؤمنين أنْ يدخلهم الجنة، ووعّد الكافرين أنْ يدخلهم النار.

وكذلك المعنى الأخير، أيضاً غير مناسب نسبته لله تعالى، وذلك لأنّه سبحانه وتعالى يُوجِد المخلوقات بشكل متفاوت، طبقاً للمصلحة وليس بالضرورة أنْ يخلق البشر كلهم إناث، أو كلهم ذكور، وغير ذلك من أمثلة التساوي. نعم عرّفوا العدل: وضع الشيء في موضعه، فيكون العدل مرادفاً للحكمة، فالعادل أو الحكيم، من يضع الشيء موضعه، بخلاف الظالم فإنه ليس كذلك.

وأمّا إصطلاحاً: ذكر الشيخ المظفر في معنى عدل الله سبحانه: ((إنّه عادل غير ظالم فلا يجور في قضائه ولا يحيف في حكمه، يثيب المطيعين، وله أن يجازي العاصين، ولا يكلف عباده ما لا يطيقون ولا يعاقبهم زيادة على ما يستحقون, ونعتقد أنّه سبحانه لا يترك الحسن عند عدم المزاحمة ولا يفعل القبيح، لأنّه تعالى قادر على فعل الحسن وترك القبيح مع فرض علمه بحسن الحسن وقبح القبيح وغناه عن ترك الحسن وعن فعل القبيح، فلا الحسن يتضرر بفعله حتى يحتاج إلى تركه، ولا القبيح يفتقر إليه حتى يفعله وهو مع كل ذلك حكيم لا بد أن يكون فعله مطابقا للحكمة وعلى حسب النظام الأكمل))1 . 

* وذكر المقداد السيّوري: ((والمراد بالعدل: هو تنزيه الباري تعالى عن فعل القبيح والإخلال بالواجب ))2 .

* وذكر الشيخ محمد آصف المحسني في معنى عدله تعالى: ((إنّ ما يصدر عنه تعالى كله حسن لا قبح فيه))3 . 

 أقول: إنّ العدلَ وصف ثابتٌ لفعل الله تعالى، ومعناه: أنّ جميع أفعال الله تعالى، خاليةٌ من النقص ومن الظلم، بل هي عين الحكمة، وعقولنا تدرك ذلك بوضوح.

لذا إنّ عقيدتنا بالعدل: هو أنْ نعتقد أنّ الخالق سبحانه، لا يصدر منه فعلٌ فيه نقصٌ أو ظلم، ولا يترك ما فيه مصلحة للوجود.  

بعبارة أخرى: إنّ جميع أفعال الله تعالى عادلة وحسنة، ولا قبح فيها.

_______________

 1- عقائد الإمامية - الشيخ محمد رضا المظفر - ص 40 - 41

 2- الباب الحادي عشر، ص63.

 3- صراط الحق، ج2, ص127.