سلسلة سؤال وجواب حول المعاد (6)

رجوع الجسم نفسه أم غيره.

: اللجنة العلمية

س: هل يرجع  الجسم بنفسه أم مثله تماماً؟

ج: يرى بعض العلماء أنّ المعاد الجسماني لا يُشترط فيه رجوع نفس الجسد, بل جسد مثل الجسد السابق, وذكروا عدة شواهد على ذلك, منها :

الشاهد الأول: رواية عن الإمام الصادق(عليه السلام):(فإذا قبضه الله إليه صيَّر تلك الروح إلى الجنّة في صورة كصورته فيأكلون ويشربون, فإذا قدم عليهم القادم, عرفهم بتلك الصورة التي كانت في الدنيا)(1).

فالإمام(عليه السلام) ذكر الصورة, من غير حاجة أنْ يكون المعاد بنفس وعين المادة الترابية للإنسان نفسه.

أقول: هذه الرواية لا تساعد على ما ذهب إليه, إذ إنّها تتحدث عن البرزخ, وأكيد أنّ الجسد البرزخي يماثل ويشابه الجسد الدنيوي لا عينه ونفسه, والمطلوب هو رجوع الجسد الدنيوي فتدّبر. 

الشاهد الثاني: ثمَّ ذكر كلاماً للغزالي, يذهب أيضاً إلى أنّ الذي يرجع لا نفس الجسد الدنيوي وذلك لأمور:

الأمر الأول: وذلك لامتناع إعادة المعدوم بعينه.

الأمر الثاني: وما ورد من الروايات أنّ أهل الجنّة جرداً مرداً (من غير ثياب ولا لحية) وكون ضرس الكافر مثل جبل أحد, إذاً في هذا إشارة إلى أنّ الذي يرجع ليس نفس الجسد الدنيوي السابق.

الأمر الثالث: وقوله تعالى: (كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا)(النساء:56). 

الأمر الرابع: وقوله تعالى: (أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ)(يس:81).

أقول: جميع هذه الأدلة غير تامة، ويمكن المناقشة فيها. 

الشاهد الثالث: نعم هناك كلامٌ للعلامة الطباطبائي, حاصله: إذا قسنا البدن السابق(البدن الدنيوي) بالنسبة إلى البدن اللاحق (في الحشر) فإنّ البدن اللاحق كان مثل البدن السابق لا عينه, وأمّا إذا قسنا الإنسان صاحب البدن السابق بالنسبة إلى الإنسان صاحب البدن اللاحق فإنّه هو هو لا غير, أي هو عينه لا مثله, وذلك لأنّ الشخصية الإنسانية هي النفس لا البدن وهي واحدة قبل الموت وبعد الموت.

(ولما كان استبعاد المشركين في قولهم: " مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ " راجعاً إلى خلق البدن الجديد دون النفس أجاب سبحانه بإثبات إمكان خلق مثلهم، وأمّا عودهم بأعيانهم فهو إنّما يتم بتعلّق النفوس والأرواح المحفوظة عند الله بالأبدان المخلوقة جديداً، فتكون الأشخاص الموجودين في الدنيا من الناس بأعيانهم كما قال تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى)( الأحقاف:33 ). 

فعلّق الأحياء على الموتى بأعيانهم فقال: على أن يحيي الموتى ولم يقل: على أن يحيي أمثال الموتى)(2).

وعلى كل حال فسواء يُحشر البدن السابق بنفسه أو مثله, فإنّ عقيدتنا بالمعاد بكلا قسميه الجسماني والروحاني صحيحةٌ وقطعيةٌ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بحار الأنوار, ج6,ح32.

(2) الميزان في تفسير القرآن, ج17,ص114