ترجمة كاملة عن حياة الإمام علي ابن الحسين السجاد (ع)، وعن حادث الطف، ودفن الأجساد في كربلاء، وزيارة الأربعين.

الفدعاني عماد الكتبي العنزي‏: راجيا من مركز الرصد أن يرسل لنا ترجمة كاملة عن حياة الإمام علي ابن الحسين السجاد (عليه السلام) .  وعن حادث الطف، ودفن الأجساد في كربلاء، وزيارة الأربعين. حسب الروايات المجمع عليه عند المسلمين .

: اللجنة العلمية

الأخ عماد .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

1)ترجمة الإمام السجاد(ع):

أ-هو الإمام علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، الملقب بالسجاد وزين العابدين، هو رابع أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، ولد في الخامس من شعبان سنة 38 للهجرة، واستمرت إمامته 35 سنة.

ب-الإمام السجاد(ع) وحادثة كربلاء: 

كان عليه السلام حاضراً فيها والتي استشهد خلالها الإمام الحسين عليه السلام وأهل بيته (عليهم السلام).، ولكن بسبب مرضه لم يتمكن من المشاركة في القتال. 

ت-الإمام السجاد (ع) وحادثة السبي:

بعد انتهاء معركة كربلاء ومصرع الإمام الحسين (ع) وأهل بيته وأصحابه، قام جيش يزيد بأخّذ الإمام السجاد(ع) والنساء والأطفال سبايا إلى الكوفة، من ثمَّ إلى الشام، وقد ألقى خطبة مؤثّرة في مجلس يزيد بن معاوية بيّن من خلالها سموّ مكانة أهل البيت وحقيقة أعدائهم إضافة إلى شرح ما جرى من رزايا في كربلاء، رجع بالسبايا من الشام إلى المدينة.

ث-هناك مجموعة من الآثار التي نُسبت للإمام زين العابدين (عليه السلام)، وهي: الصحيفة السجادية، ورسالة الحقوق، والمناجات الخمس عشرة، إضافة إلى: كتاب علي بن الحسين، وديوان منسوب للإمام السجاد (عليه السلام)، ومصحف بخطه (عليه السلام).

ج-عاصر الإمام علي بن الحسين عليه السلام عدداً من حُكّام بني أمية، منهم: يزيد بن معاوية، ومروان بن الحكم، واستشهد عليه السلام مسموماً بأمر من الوليد بن عبد الملك، في 25 من المحرم سنة 95 للهجرة ودُفن بمقبرة البقيع في المدينة المنورة إلى جوار عمّه الإمام الحسن (عليه السلام).

ح-للإمام السجاد عدة أولاد من بنات وبنين، منهم زيد الذي استشهد بعد ما ثار ضد الحكم الأموي والإمام محمد الباقر (عليه السلام) الذي تسلم الإمامة بعد استشهاد أبيه.

 خ-استشهاده: روي بأنّ الأمويين قد خافوا من وجود شخصية كالإمام السجاد عليه السلام وكان أشدهم خوفا منه الوليد بن عبد الملك، فقد روى محمد بن مسلم الزهري أنه قال: "لا راحة لي، وعلي بن الحسين موجود في دار الدنيا"(1).

وأجمع رأي الوليد بن عبد الملك على اغتيال الإمام حينما جلس على كرسي الحكم، فبعث سماً قاتلاً إلى عامله على يثرب، وأمره أن يدسه للإمام(2)، وهكذا استشهد الإمام عليه السلام مسموماً بأمر الوليد ودُفن في البقيع مع عمه الإمام الحسن، بقرب مدفن العباس بن عبد المطلب(3).

د-تاريخ ومكان شهادته (ع): نقل الشيخ الكليني: عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام، قال: قُبض علي بن الحسين عليه السلام وهو ابن سبع وخمسين سنة، في عام خمس وتسعين(4). ووافقه الشيخ المفيد في ذلك وأضاف بأنه عليه السلام توفي بالمدينة(5). وقال الشيخ الكفعمي بأن وفاته كانت في الخامس والعشرين من المحرم(6).

2)مَن دفن الإمام الحسين (ع)؟

يوجد قولان :

الأول: المشهور بين مؤرِّخي السنَّة، وعددٌ من العلماء ومؤرِّخي الشيعة مثل الشيخ المفيد والسيد ابن طاووس وابن شهر اشوب(7).

أنَّ مَن دفن الحسين (ع) والشهداء الذين قُتلوا معه هم أهل الغاضريَّة من بني أسد، فقد ذكروا أنَّ عمر بن سعد جمع قتلى المعسكر الأموي وصلّى عليهم ثم دفنهم وترك الحسين (ع) ومَن كان معه من الشهداء دون تجهيز ثم إنَّه رحل عن أرض كربلاء في زوال يوم الحادي عشر من شهر محرم مصطحباً معه عائلة الحسين (ع) على هيئة الأسرى، وحينئذٍ خرج أهلُ الغاضرية من بني أسد وقاموا بتجهيز الشهداء ودفنهم بعد الصلاة عليهم(8).

القول الثاني: إنَّ الذي تصدَّى لتجهيز جسد الحسين (ع) ومَن كان معه من الشهداء هو الإمامُ السجَّاد (ع) وأعانَه على ذلك أهلً الغاضرية من بني أسد.

ولذا لا منافاة بين القولين، فإنّ بني أسد ممن شارك في دفن الإمام الحسين(ع)، وبناءً على ثبوت النقل الكثير من أنّ الأمام المعصوم لا يلي دفنه إلا المعصوم، والذي جاء في روايات كثيرة، فيتعين تصديق القول الثاني. 

ومِن هذه الروايات ما رواه الشيخُ الكليني في الكافي بسندٍ معتبر عن أحمد بن عمر الحلال أو غيره عن الرضا (ع) قال: قلتُ له: إنَّهم يُحاجّونا يقولون: إنَّ الإمام لا يُغسِّله إلا إمام. قال: فقال (ع): فما يدريُهم من غسَّله، فما قلتَ لهم؟ فقلتُ: جُعلت فداك قلتُ لهم: إنْ قال إنَّه غسَّله تحت عرش ربّي فقد صدق وإنْ قال: غسَّله في تخوم الأرض فقد صدق قال (ع): لا هكذا فقلت: فما أقول لهم؟ قال: قل لهم: إنِّي غسلتُه، فقلتُ: أقول لهم إنّك غسّلته؟ فقال: نعم"(9).

ومنها: ما رواه الكليني بسندٍ معتبر عن المفضَّل بن عمر عن أبي عبد الله (ع) قال: قلتُ لأبي عبد الله (ع) من غسَّل فاطمة؟ قال: ذاك أميرُ المؤمنين (ع) وكأنِّي استعظمتُ ذلك من قولِه فقال: كأنَّك ضقت بما أخبرتُك به؟ فقلتُ: قد كان ذلك جُعِلتُ فداك، فقال: لا تضيقنَّ فإنّها صدِّيقة ولم يكن يُغسِّلها إلا صدِّيق، أما علمتَ أنَّ مريم لم يُغسِّلها إلا عيسى"(10).

ومنها: ما رُوي مسنداً في إثبات الوصية وغيره عن أبي بصير قال: قال الإمام موسى بن جعفر (ع): فيما أوصاني به أبي قال: يا بنيَّ إذا أنا متُّ فلا يُغسِّلني أحدٌ غيرك فإنَّ الإمام لا يُغسِّله إلا إمام(11).

وغير ذلك كثير من الروايات التي تثبت وبشكلٍ مؤكد أنّ المعصوم لا يدفنه إلا المعصوم، فيكون قول أنّ الإمام السجاد(ع) جاء من كربلاء، -ولو بشكل إعجازي، لدفن الإمام الحسين(ع) وأصحابه بمساعدة بني أسد- هو القول الصحيح.

3)الإمام السجاد(ع) وزيارة الأربعين:

جاء في عدة مصادر أنّ الإمام السجاد(ع) ومعه عمته زينب وبعض النساء، بعد رحلة السبي، قدم إلى كربلاء في يوم الأربعين، أي في العشرين من شهر صفر.

ونتكلم أولاً عن أصل ثبوت الزيارة، ومن ثم زيارة الإمام السجاد فيها:

أ-أما ثبوت اصل الزيارة:

روى الشيخ الطوسي في "تهذيب الأحكام"، بإسناده عن صفوان بن يحيى، قال لي مولاي الصَّادق(ع) في زيارة الأربعين: "تزور عند ارتفاع النّهار... وذكر الزيارة"(12).

وذكرها الطّوسي أيضاً في كتابه "مصباح المتهجّد" عن صفوان بالإسناد نفسه، وذكرها ابن طاووس بالإسناد نفسه في كتابه "إقبال الأعمال"، ج 3، ص 101 وما بعدها.

وكذلك رواها الشّيخ الطّوسي أيضاً في التّهذيب، روي عن أبي محمَّد الحسن بن علي العسكري(ع) أنّه قال: "علامات المؤمن خمس: صلاة الخمسين، وزيارة الأربعين..."(13).

ورواه الشيخ المفيد في كتابه "المزار" بالتّعبير نفسه "روي"، ص 53، باب فضل زيارة الأربعين.

ورواه الشيخ الطوسي في كتابه "مصباح المتهجّد": "ويستحبّ زيارته(ع) فيه ـ أي في يوم العشرين من صفر ـ وهي زيارة الأربعين، فروي عن أبي محمّد العسكري(ع) أنّه قال: علامات المؤمن: ..."، وذكر من جملتها زيارة الأربعين(14). 

ب-وأما زيارة الأمام السجاد (ع) في يوم الأربعين: 

ذكرت بعض المصادر أنّ الإمام السجاد (ع) زار الإمام الحسين(ع) في يوم الأربعين حينما أرجع الرؤوس إلى الأجساد في كربلاء:

1-نقل المجلسي في "بحار الأنوار" عن مصباح الكفعمي قوله: ((وإنما سمّيت بزيارة الأربعين، لأنَّ وقتها يوم العشرين من صفر، وذلك لأربعين يوماً من مقتل الحسين(ع)، وهو اليوم الّذي ورد فيه جابر بن عبد الله الأنصاري من المدينة إلى كربلاء، فكان أوَّل من زاره من النّاس))(15).

2-قال ابن شهر آشوب : ذكر المرتضى في بعض مسائله ان رأس الحسين رد الي بدنه بكربلاء من الشام وضم اليه وقال الطوسي : ومنه زيارة الأربعين(16).

3-وفي تاريخ حبيب السير: ان يزيد بن معاوية سلم رؤوس الشهداء الي علي بن الحسين (عليه السلام) فالحقها بالأبدان الطاهرة يوم العشرين من صفر ثم توجه الي المدينة الطيبة وقال : هذا أصح الروايات في مدفن الرأس المكرم.

4-وفي الملهوف قال الراوي: ولما رجع نساء الحسين (عليه السلام) وعياله من الشام وبلغوا العراق قالوا للدليل: مر بنا الي طريق كربلا فوصلوا الي موضع المصرع فوجدوا جابر بن عبد الله الانصاري وجماعة من بني هاشم ورجالاً من آل رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد وردوا لزيارة قبر الحسين (عليه السلام) فوافوا في وقت واحد وتلاقوا بالبكاء والحزن واللطم واقاموا المآتم المقرحة للاكباد واجتمع اليهم نساء ذلك السواد فأقاموا علي ذلك أياماً(17).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)  - القرشي، حياة الإمام الباقرعليه السلام، ج 1، ص 57.

(2)  - الشبراوي، الإتحاف بحب الأشراف، ص 52.

(3)  - ابن شهر آشوب، المناقب، ج 4، 1991، ص 189؛ الشبراوي،الإتحاف، 2002، 277.

(4)  - الكليني، الكافي (ط: دار الحديث)، ج 2، ص 519.

(5)  - المفيد، الإرشاد، ج 2، ص 137.

(6)  - الكفعمي، المصباح، ص 509.

(7)  - الإرشاد - الشيخ المفيد - ج2 ص5114/ مناقب آل أبي طالب - ابن شهر آشوب - ج 3 ص 259/ اللهوف في قتلى الطفوف للسيد ابن طاووس ص 85 /العوالم، الإمام الحسين(ع) - الشيخ عبد الله البحراني - ص 306/

(8)  - الطبري- ج3 ص 335/ أنساب الإشراف ? البلاذري ? ج 3 ص 5411/ ,مقتل الحسين, للخوارزمي ج 2 ص 44، الأخبار الطوال - الدينوري - ص 260/ الكامل في التاريخ - ابن الأثير - ج 4 ص 80/ البداية والنهاية - ابن كثير - ج 8 ص 205/ مقتل الحسين (ع) - أبو مخنف الأزدي - ص 200.

(9)  -الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 ص 385، باب أن الإمام لا يغسله إلا إمام من الأئمة(ع)./ بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 27 ص 290/ مسند الإمام الرضا(ع) - الشيخ عزيز الله عطاردي - ج 1 ص 93.

(10)  - الدعوات - قطب الدين الراوندي - ص 255/ الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 ص 459/ تهذيب الأحكام - الشيخ الطوسي - ج 1 ص 440.

(11)  - مناقب آل أبي طالب - ابن شهر آشوب - ج 3 ص 351/ بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 46 ص 269.

(12)  -ج 6، ص 113.

(13)  - ج 6، ص 52.

(14)  - ص 787، 788.

(15)  -انظر المصدر، ج 98، ص 334.

(16)  - المناقب ج 4 / 77.

(17)  - الملهوف / 176, وفي مقتل الشيخ ابن نما ما يقرب منه (مثير الاحزان/59).