مالفرق بين زواج المتعة و الدائم؟

ما هو الفرق بين زواج المتعة والزواج الدائم؟

الجواب :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : زواجُ المُتعةِ ويُسمّى بالزواجِ المُنقطِع، والمؤجّلِ أيضاً، نكاحٌ شرّعَه اللهُ تعالى بإجماعِ المُسلمين، ونزلَ قرآنٌ مُحكمٌ بتحليلِه، قالَ تعالى: {وَالمُحصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكَت أَيمَانُكُم كِتَابَ اللَّهِ عَلَيكُم وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُم أَن تَبتَغُوا بِأَموَالِكُم مُّحصِنِينَ غَيرَ مُسَافِحِينَ فَمَا استَمتَعتُم بِهِ مِنهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً} (النساء 24). وعملَ بهِ أصحابُ النبيّ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) إلى زمانِ عُمرَ بنِ الخطّاب، فلمّا كانَ في أواخرِ خلافتِه حرّمَه قائِلاً: مُتعتانِ كانتا على عهدِ رسولِ الله (ص) أنا أنهى عنهُما وأعاقبُ عليهما، متعةُ النساءِ ومتعةُ الحج. (سننُ سعيدٍ بنِ منصور: 1 / 219). وكما ترى فقد نسبَ التحريمَ لنفسِه، ولم ينسِبهُ إلى النبيّ (صلّى اللهُ عليهِ وآله).

وهذا الزواجُ ذهبَ إلى حلّيّتِه جماعةٌ منَ الصحابةِ والتابعين، والشيعةِ الإماميّةِ تبعاً لأئمّةِ أهلِ البيت (عليهم السلام)، ولعدمِ ثبوتِ ما يحرّمُه وينسخُه.

وبما أنَّ هذا الزواجَ ـ كما هوَ واضحٌ مِن عنوانِه ـ مؤقّتٌ، فمقاصدُه تختلفُ عن الزواجِ الدائم، فمنَ الطبيعيّ أن تكونَ هناكَ نقاطٌ مشتركةٌ بينَه وبينَ الزواجِ الدائم، وجهاتٌ تختلفُ فيه عن الزواجِ الدائم.

فزواجُ المُتعة – عندَ الشيعةِ الإماميّة - كالزواجِ الدائمِ مِن حيثُ اشتمالهُ على عقدٍ ومهرٍ وثبوتِ نسبٍ وعدّةٍ، ولكنّهُ يفترقُ عنهُ ببعضِ الخصوصيّات، نذكرُ بعضَ أحكامِها على سبيلِ الاختصار:

1. العقدُ: يلزمُ أن يكونَ بينَ الرجلِ والمرأةِ عقدٌ يشتملُ على إيجابٍ وقبول.

2. المهرُ: يجبُ أن يجعلَ لها مهراً، قليلاً أو كثيراً، ويبطلُ العقدُ من دونِ المهر، والمهرُ ليسَ برُكنٍ في الزواجِ الدائم، ولكنّهُ ركنٌ في زواجِ المُتعة.

3. الأجلُ: أن يُحدّدَ مدّةَ العقدِ بزمنٍ مُعيّن، قلَّ أو كثُر، وهذا هوَ جوهرُ الفرقِ بينَ الزواجِ الدائمِ والمُتعة.

فلو عقدَ ولكن لم يُحدّدُه بمُدّةٍ بطُلَ مُتعةً، وانقلبَ زواجاً دائِماً، وقيلَ: يبطلُ مُطلقاً.

صورةُ عقدِ المُتعة: الإيجابُ: بأن تقولَ المرأةُ: زوّجتُكَ – أو تقولُ: متّعتُكَ أو أنكحتُكَ – نفسِي على مهرٍ قدرُه كذا، لمدّةِ كذا. ثمَّ يقولُ الرّجل: قبلتُ الزّواجَ، أو النكاحَ، أو المُتعةَ، أو يقولُ: قبلتُ.

4. المحلُّ: فيشترطُ أن تكونَ المرأةُ خاليةً مِن موانعِ الزّواج، فكلُّ مَن لا يجوزُ زواجُها دائماً، لا يجوزُ التمتّعُ بها، إلّا اليهوديّةُ والنصرانيّة، فلا يجوزُ الزواجُ الدائمُ بهنَّ عندَ الشيعةِ الإماميّة، ولكن يجوزُ الزواجُ المُنقطِع.

فيشترطُ أن تكونَ المرأةُ المُتمتّعُ بها مُسلمةً أو كتابيّةً، فلا يجوزُ التمتّعُ بالوثنيّةِ ولا الناصبيّةِ المُعلنةِ بالعداوةِ لأهلِ البيتِ (عليهم السلام) كالخوارجِ، ولا يصحُّ أن يتزوّجَ متعةً ببنتِ أخِ أو بنتِ أختِ زوجتِه إلّا بإذنِ زوجتِه التي هيَ عمّتُها أو خالتُها.

5. ولا يجوزُ الزواجُ دواماً ولا مُتعةً بالمرأةِ المُتزوّجةِ، ولا بالمرأةِ التي في عدّتِها، وكذا لا يصحُّ الزواجُ دواماً ولا مُتعةً بالبنتِ غيرِ الرشيدةِ من دونِ إذن أبيها أو جدِّها الأبوي.

6. لا يجوزُ للمرأةِ المُسلمةِ أن تتزوّجَ زواجاً دائِماً أو متعةً بغيرِ المُسلم.

7. البينونةُ والفراق: في الزواجِ الدائمِ يحصلُ الفراقُ والبينونةُ بينَ الزوجينِ بالطلاق، ولكِن في زواجِ المُتعةِ يحصلُ الفراقُ بانتهاءِ المُدّة، أو هبةِ الرّجلِ المُدّةَ لزوجتِه، مثلاً: لو تزوّجَها مُتعةً لمُدّةِ خمسةَ عشرَ يوماً، وانتهَت المُدّة، حصلَ الفراقُ، وصارَت أجنبيّةً، فلا يجوزُ الاقترابُ مِنها، إلّا بتجديدِ العقدِ مرّةً أخرى بعدَ انتهاءِ العقدِ الأوّل. ولو تزوّجَها مُتعةً لمدّةِ خمسةَ عشر َيوماً، ولكن أرادَ أن يُفارقَها قبلَ انقضاءِ الوقت، يقولُ لها: وهبتُكِ المُدّةَ، فتصبحُ أجنبيّةً عليه، ويجبُ عليها بعدَ انتهاءِ مُدّتِها، أو هبتِها المُدّةَ، أن تعتد.

8. المرأةُ المُتزوّجةُ بزواجِ المُتعة، لا يجوزُ لها أن تتزوّجَ بشخصٍ آخر ما لم تنتهِ مُدّتُها، لأنّها لا زالَت في ذمّةِ زوجِها، فإن فعلَت فهيَ زانية.

9. ثبوتُ النسب: يُلحقُ الولدُ بأبيهِ في زواجِ المُتعة، ولا فرقَ بينَ الولدِ المتولّدِ منَ الزواجِ الدائم، وبينَ الولدِ المُتولّدِ مِن زواجِ المُتعة، كلاهُما ولدٌ شرعيٌّ مُتولّدٌ مِن زواجٍ شرعيٍّ أحلّهُ اللهُ تعالى في كتابِه الكريم.

10. العدّةُ: يلزمُ على المرأةِ المُتمتّعِ بها والتي دخلَ بها زوجُها أن تعتدَّ بعدَ انقضاءِ المُدّة، وعدّتُها حيضتان. وإن كانَت حاملاً فعدّتُها أن تضعَ حملَها. وإن توفّيَ زوجُها ولم تنتهِ مُدّتُها، فيجبُ عليها أن تعتدَّ عدّةَ الوفاة، أربعةَ أشهرٍ وعشرةَ أيّام. وإذا توفّيَ زوجُها وكانَت حاملاً فتعتدُّ بأبعدِ الأجلين.

11. الميراثُ: لا توارثَ بينَ الزوجينِ في زواجِ المُتعة، فلو توفّيَ الزوجُ، لم تستحقَّ زوجتُه ميراثاً مِنه، وكذا لو توفّيَت الزوجةُ، لم يستحقَّ زوجُها ميراثاً مِنها. 

أمّا الولدُ المُتولّدُ منَ المُتعةِ فيرثُ مِن أبيهِ وأمّه.

12. النفقةُ والمَبيت: لا تجبُ نفقةُ الزوجةِ المُتمتّعِ بها على زوجِها، ولا يجبُ على زوجِها المبيتُ عندَها، إلّا إذا اشترطَت النفقةَ والمبيتَ في عقدِ المُتعةِ أو في عقدٍ لازمٍ آخر، حينئذٍ يجبُ على الزوج. 

13. يُحرّمُ على المرأةِ الخروجُ منَ البيتِ بغيرِ إذنِ زوجِها إذا كانَ خروجُها مُنافياً لحقِّ زوجِها، أمّا إذا لم يكُن خروجُها مُنافياً لحقَه فلا يحرُم.

14.

لا يُشترطُ الإشهادُ في الزواجِ الدائمِ ولا المُتعة، عندَ الشيعةِ الإماميّة، ويشترطهُ غيرُنا.

هذهِ أهمُّ أحكامِ زواجِ المُتعة، وقد استخرجتُها من كتابِ شرائعِ الإسلامِ للمُحقّقِ الحلّيّ (قُدّسَ سرُّه)، وكتابِ منهاجِ الصالحينَ للسيّدِ السيستانيّ (حفظَه الله)، ومَن أرادَ التفصيلَ فليرجِع إلى الكتابين.