هل الشيخ الريشهري ينفي نسبة السيدة رقية إلى الإمام الحسين (ع).

قيل أن السيدة رقيه شخصية وهمية ولا توجد أي بنت للإمام الحسين (ع) اسمها رقيه وهذا الكلام كله مذكور في كتاب موسوعة الإمام الحسين ج١ صفحه ٢٦٩. حيث إنّ الشيخ َمحمد الرّي شهري صاحب كتاب موسوعة الإمام الحسين (عليه السلام) نفى أن تكون للإمام الحسين (عليه السلام) بنتٌ إسمها رقية، اذن هي من نسج الاوهام !!

: اللجنة العلمية

أولاً: إنّ الشيخ محمد الريشهري لم ينفِ انتسابَ السيّدة رقية إلى الإمام الحسين (عليه السلام) بضرسٍ قاطع، إنّما نفى إقامةَ الدّليل القاطع على تلكم النسبة وإليك نصّ كلامه:

(وعلى هذا فإنّ من غير الممكن إبداء رأي حاسم حول موضوع هذه الدراسة استناداً الى المصادر الروائية و التاريخية، ولكن الكرامات التي شوهدت وتشاهد من هذا المرقد المبارك تؤيّد مكانته المعنوية، وعلى أي حال، فان مما لا شك فيه أنّ تعظيم هذا المشهد المنسوب الى اهل البيت ( عليهم السلام ) واجبٌ وضروري ).

تحليلُ كلامه: 

إنّ كلامَه أوضحُ من أنْ يخفى على أحد فالمُصنّفُ لم ينفِ شيئاً، إذ غايةُ ما ادّعاه -وفقاً للدّراسة التي قدّمها -أنّه لم يثبتْ لديه بدليلٍ حاسمٍ وجودُ بنتٍ للإمام الحسين (عليه السلام) إسمها رقية، ومعلومٌ بديهيّاً الفرقُ الواسع بين مَنْ يدّعي عدمَ الثّبوت ومَنْ يدّعي ثُبوتَ العدم، وأوضّح ذلك بمثال: لو كانَ عندي صديقٌ اسمهُ زيد وسافرَ مدةً طويلةً بحيث انقطعتْ عنّي أخباره، ففي هذه الحالة لو سُئِلتُ عنهُ أحيٌّ هو أم ميّت؟. فهنا إنْ كان لديّ دليلٌ على حياتهِ أو وفاتهِ فسأجيبُ بالإثبات؛ أمّا إذا لم يكن لدي دليلٌ فسيكون جوابي بعدم الثبوت، وهذا لا يعني ثبوتَ وفاته كما هو واضح.  فكلام الشيخ الري شهري كان من هذا القبيل.

ثانياً:  ذُكر إسمها الشريف في العديد من المصادر؛ نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:

ذكر عبد الوهاب بن أحمد الشافعي المصري (المتوفى عام 973 هج) مقام السيدّة رقية (عليها السلام) في كتابه المنن: الباب العاشر: هذا البيت:

بقعة شرّفت بآل النبي (صلى الله عليه وآله) في دمشق وبنت الحسين (عليه السلام) الشهيدة (رقية).

و ذكر العلامّة الشيخ الحافظ سليمان القندوزي الحنفي (المتوفى عام 1294 هـ) إسمَ رقيّة (عليها السلام) عن لسان أبي عبد الله الحسين (عليه السلام): 

ثم نادى (يا أم كلثوم، ويا سكينة، ويا رقية، ويا عاتكة، ويا زينب، يا أهل بيتي عليكنّ مني السلام).

وقد ورد ذكرها في كتب أرباب المقاتل في واقعة كربلاء.

وذكرت في أبياتٍ لشاعرٍ قديم وَهُو سيف بن عميرة النخعي الكوفي (من أصحاب الإمامين الصادق والكاظم عليهما السلام) الأجلّاء، ومن رواة الشيعة المتألّقين والمشهورين الموثّقين في كتب الرّجال وهومن جملة الذين روَوا زيارة عاشوراء المعروفة نقلاً عن الإمام الباقر (عليه السلام) وهي زيارة مشهورة راجتْ قراءتها طوال السنين عند أهل الحقّ. وقصيدته أليمةٌ مؤثّرةٌ ذكرها الشيخ فخر الدين الطّريحي الفقيه والعالم اللغوي الكبير في كتابه الرّثائي المنتخب نذكر منها محلّ الشاهد :

‎وسكينة عنها السّكينة فارقت ** لما ابتديتْ بفرقة وتغيّر

ورقية رقّ الحسودُ لضعفها * وغدا ليعذرها الذي لم يعذرِ

ثالثاً: إنّ أهل المنطقة توارثوا هذا القبر منذ نشأته الأولى على أنّهُ للسيّدة رقية وأهل مكة أدرى بشعابها.

وقصص كرامات المرقد معروفةٌ مُتناقلةٌ لامجال لإيرادها, لأنّ المقامَ مقامُ جوابٍ على سؤال..لامقامَ بحثٍ وإستدلال.

أضف إلى ذلك شهادة بُناة وسدَنَة المرقد بثبوت نسبة المقام للسيدة رقية في قصص مدوّنةٍ ومشهودة ومشهورة, مثل رؤيا بنات السيد إبراهيم مرتضى الدمشقي, وقد نقل هذه القصة السيد مؤمن بن حسن مؤمن الشبلنجي الشافعي. وكذلك، نقله الفقيه الحجة السيد ميرزا هادي الخراساني الحائري (ت1368). ويقول الشيخ الحائري المازندراني إنه قد أخبرني بعض العلماء بذلك.  السبطين (ج2- ص 171). 

وكتب والي الشام تفصيل هذه القصة للسلطان العثماني آنذاك في عام 1864 م 

وما شخوصُ أمثال هذه المعالم إلاّ دليلٌ تأريخيٌّ قاصم على صحّة النسبة.

رابعاً: إنّ سيرة أصحاب تلك المقامات والمشاهد كثيراً ما يكتنفها الغموض نتيجة للظروف السياسية آنذاك والعداء الأصيل بين الحكّام ومنهج أهل البيت ممّا جعلها تقع خارج التأريخ الرّسمي إهتماماً وتدويناً، فكان المسح والإهمالُ المتعمّد لكل ما يتصل بأخبارهم من قبل السلطة وأجهزتها والمتعاونين معها وهذا ما ألِفناهُ من المؤرّخين اذا مرّوا بحياة اهل البيت (عليهم السلام).

إذ أنّ المصادر التاريخية بمعظمها قد كتبها أبناء العامّة وأتباع السلاطين المنحرفين عن أهل البيت (عليهم السلام)، ولم يكن همّهم إستقصاء ما يتعلق بالعترة الطاهرة، بل لم يكونوا على إطّلاعٍ على كلّ ما يتعلق بهم, وهذا دَيدَنُ الجناح الإعلامي للحكومات الظالمة.

وخلاصة ما تقدم: 

أولاً: إنّ صاحبَ الموسوعةِ لم ينفِ إنتسابَ السّيدةِ رقية الى الامام الحسين (عليه السلام).

ثانياً: ورد إسمها الشريف في العديد من المصادر.

ثالثاً: إنّ نسبة القبر الشريف للسّيدة رقية بنت الإمام الحسين (عليه السلام) معروفٌ عند أهل المنطقة بقرينة الكرامات وشهادة البُناة.

رابعاً: مِنَ الطّبيعي أنْ يكتنفَ الغموضُ مقاماتَ أهل البيت (عليهم السلام) لأنّ التأريخَ دوّنه المؤرخون من أبناء العامّة المخالفونَ لطريقة أهل البيت والمتزلّفونَ للسّلاطين.