هل يستطيع الانسان إحياءُ المَوتى أو إماتةُ الأحياءِ؟

سمعت ان هناك بعض من العلماء او الناس في النجف الأشرف يستطيعون ان يُميتوا شخصاً ويحييوه هل هذا الكلام صحيح؟

:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :  الأخُ السائلُ الكريم: مِن حيثُ المبدأ لا يمكنُ أن يثبُتَ إحياءُ المَوتى أو إماتةُ الأحياءِ إلّا للهِ تعالى. قالَ تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذكُرُوا نِعمَةَ اللَّهِ عَلَيْكمْ هَل مِن خَالِقٍ غَيرُ اللَّهِ يَرزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤفَكُونَ).                                                                                 (فاطر/ 4). وقالَ تعالى: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم ثُمَّ رَزَقَكُم ثُمَّ يُمِيتُكُم ثُمَّ يُحْيِيكُم هَل مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَفعَلُ مِن ذَلِكُم مِّن شَيءٍ) (الروم/41). نعَم هوَ ثابتٌ بالدليلِ القطعي لبعضِ الأنبياءِ عليهم السلام ولأئمّةِ الهُدى عليهم السلام. فقد ثبتَ ذلكَ لروحِ اللهِ عيسى بنِ مريم عليهما السلام: قالَ تعالى مُخاطِباً نبيّهُ عيسى المسيح عليهِ السلام: (وَإِذ تَخلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيئَةِ الطَّيرِ بِإِذنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيرًا بِإِذنِي وَتُبرِىءُ الأَكمَهَ وَالأَبرَصَ بِإِذنِي وَإِذ تُخرِجُ الْمَوتَى بِإِذنِي).  (المائدة/111) وكذلكَ ثبتَ لإبراهيم خليلِ الرحمنِ الذي أحيا الطيرَ بعدَ موتهن. قالَ تعالى: (وَإِذ قَالَ إِبرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيفَ تُحيِي الْمَوتَى قَالَ أَوَلَم تُؤمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلبِي قَالَ فَخُذ أَربَعَةً مِّنَ الطَّيرِ فَصُرهُنَّ إِلَيكَ ثُمَّ اجعَل عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنهُنَّ جُزءًا ثُمَّ ادعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعيًا وَاعلَم أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (البقرة /261). بل هوَ ثابتٌ لبعضِ بني اسرائيل حينَ أحيا اللهُ لهم الميّتَ بضربِه ببعضِ البقرة. قالَ تعالى: (فَقُلنَا اضرِبُوهُ بِبَعضِهَا كَذَلِكَ يُحيِي اللَّهُ الْمَوتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُم تَعقِلُونَ).( البقرة/74). وهوَ ثابتٌ أيضاً لأئمّةِ الهُدى عليهم السلام، حيثُ روى الشيخُ الطوسي رحمَه الله قالَ: (قالَ أبو الحسنِ (عليٌّ بنُ) أحمدَ الدلّالِ القمّي قالَ: اختلفَ جماعةٌ منَ الشيعةِ في أنَّ اللهَ عزَّ وجل فوّضَ إلى الأئمّةِ صلواتُ اللهِ عليهم أن يخلقوا أو يرزقوا؟ فقالَ قومٌ هذا محالٌ لا يجوزُ على اللهِ تعالى، لأنَّ الأجسامَ لا يقدرُ على خلقِها غيرُ اللهِ عزَّ وجل وقالَ آخرونَ بل اللهُ تعالى أقدرَ الأئمّةَ على ذلكَ وفوّضَه إليهم فخلقوا ورزقوا وتنازعوا في ذلكَ تنازعاً شديداً. فقالَ قائلٌ: ما بالُكم لا ترجعونَ إلى أبي جعفرٍ مُحمّد بن عُثمانَ العمري فتسألونَه عن ذلكَ فيوضِّح لكُم الحقَّ فيه، فإنّهُ الطريقُ إلى صاحبِ الأمرِ عجّلَ اللهُ فرجَه، فرضيَتِ الجماعةُ بأبي جعفرٍ وسلّمَت وأجابَت إلى قولِه، فكتبوا المسألةَ وأنفذوها إليه، فخرجَ إليهم مِن جهتِه توقيعٌ نُسختُه: " إنَّ اللهَ تعالى هوَ الذي خلقَ الأجسامَ وقسّمَ الأرزاقَ، لأنّهُ ليسَ بجسمٍ ولا حالّاً في جسم، ليسَ كمثلِه شيء وهوَ السميعُ العليم، وأمّا الأئمّةُ عليهم السلام فإنّهم يسألونَ اللهَ تعالى فيخلقُ ويسألونَه فيرزق، إيجاباً لمسألتِهم وإعظاماً لحقِّهم).                                                                                 الغيبةُ الشيخُ الطوسي (ج7/ص13) وممّا لا بدَّ منَ الإشارةِ إليه أنَّ ثبوتَ الخلقِ والرزقِ لهم عليهم السلام ولسائرِ الأنبياءِ ليسَ بالاستقلالِ عن اللهِ تعالى، بل بإرادتِه تعالى ومشيئتِه تباركَ وتعالى، وهوَ معنى الولايةِ التكوينيّةِ لهم عليهم السلام. ومعنى الولايةِ التكوينيّة، أنَّ الفيوضاتِ التكوينية الصادرة من الحقّ جلّ وعلا، من قبيل الإحياءِ والرزقِ والإيجادِ وغيرِها تمرُّ مِن خلالِهم عليهم السلام، فهُم واسطةٌ في تلكَ الفيوضات. وأنّهم عليهم السلام لهُم قوّةُ التصرّفِ في الأمورِ التكوينيّةِ مِن قبيلِ الإحياءِ والإماتةِ والقبضِ والبسطِ والإيجادِ والخلقِ والمنع. أمّا غيرُ مَن ذكرت فلم يثبت لهم قوّةُ إحياءِ الموتى ولا إماتةِ الأحياء. ودمتُم في حفظِ اللهِ وحُسنِ رعايتِه.