ما هيَ قصّةُ عليٍّ ابنِ مهزيار معَ الإمامِ المهديّ المُنتظَر عجّلَ اللهُ فرجَه و ما مدى صحّتِها؟

:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: أخي الكريم، إنَّ المُسمّى بعليٍّ بنِ مهزيار، رجلانِ. الأوّلُ: هوَ عليٌّ بنُ مهزيار الأهوازي الفقيهُ العالمُ الثقة. الثاني: هو عليٌّ بنُ إبراهيم بنِ مهزيار المجهولُ الحال. وصاحبُ القصّةِ معَ الإمامِ المُنتظَر عجّلَ اللهُ تعالى فرجَه، هوَ الثاني لا الأوّل أقصدُ هوَ ( عليٌّ بنُ إبراهيمَ بنِ مهزيار). وروايتُه هذه التي شاعَت في نشيدِ (سلام فرمانده) وأنّهُ تشرّفَ برؤيةِ الإمامِ المُنتظَر صلواتُ اللهِ عليه في قصّةٍ طويلةٍ سأذكرُها لكم في الختام، رواها جُملةٌ منَ الأعلامِ وعلى مبنى مَن يقول أنَّ اشتهارَ الروايةِ جابرٌ لضعفِ سندِها سيكونُ سندُ الروايةِ مُعتبراً. قالَ السيّدُ الخوئي رحمَه الله: (عليٌّ بنُ ابراهيم : ابنُ مهزيار : روى الشيخُ عن جماعةٍ ، عن التلعكبري ، عن أحمدَ بنِ عليٍّ الرازي ، عن عليٍّ بنِ الحُسين ، عن رجلٍ ، عن حبيبٍ بنِ محمّدٍ بنِ يونس بنِ شاذان الصنعاني ، قالَ : دخلتُ على عليٍّ بنِ ابراهيم بنِ مهزيار الأهوازي ، فسألتُه عن آلِ أبي محمّدٍ عليهِ السلام ، فقالَ : يا أخي لقد سألتَ عن أمرٍ عظيم . . ، والروايةُ طويلةٌ مُشتمِلةٌ على تشرّفِ عليٍّ بنِ إبراهيم بنِ مهزيار بخدمةِ الإمامِ الحُجّةِ عجّلَ اللهُ فرجَه ومكالمتِه إيّاه ، وذكر جُملة مِن علاماتِ الظهور . كتابُ الغيبة : في فصلِ فيما رويَ منَ الأخبارِ المُتضمّنةِ لمَن رآهُ عليهِ السلام وهوَ لا يعرفُه أو عرفَه فيما بعد ،  ورواها الصّدوقُ، عن شيخِه أبي الحسنِ عليٍّ بنِ موسى بنِ أحمدَ بنِ إبراهيم بنِ محمّدٍ بنِ عبدِ الله بنِ جعفرٍ بنِ محمّدٍ بنِ عليٍّ بنِ الحُسين بنِ عليٍّ بنِ أبي طالب عليهم السلام ، قالَ : وجدتُ في كتابِ أبي رضيَ اللهُ عنه ، قالَ : حدّثنا محمّدٌ بنُ أحمد الطوّال ، عن أبيهِ ، عن الحسنِ بنِ عليٍّ الطبري ، عن أبي جعفرٍ محمّدٍ بنِ عليٍّ بنِ إبراهيم بنِ مهزيار ، قالَ : سمعتُ أبي ، يقولُ : سمعتُ جدّي إبراهيمَ بنَ مهزيار ، يقولُ : كنتُ نائماً في مرقدي . . ( الحديثُ ) . ونقلَ القصّةَ المُتقدّمةَ باختلافٍ في الجُملة ، ورواها أيضاً عن موسى بنِ المُتوكّلِ ، عن عبدِ اللهِ ابنِ جعفرٍ الحِميري ، عن إبراهيمَ بنِ مهزيار ، ونقلَ القصّةَ معَ اختلافٍ أيضاً . كمالُ الدين : الجُزءُ 2 ، البابُ 47 ، في ذكرِ مَن شاهدَ القائمَ عليهِ السلام ورآه ، أقولُ : أمّا الروايةُ الثالثةُ فقد ذكَرنا في ترجمةِ إبراهيمَ بنِ مهزيار أنّها مكذوبةٌ جزماً ، وأمّا الروايتانِ الأوّليّانِ فكلتاهُما ضعيفةٌ جدّاً ، على أنّهما مُتعارضتانِ مِن جهةِ نسبةِ القصّةِ إلى عليٍّ بنِ إبراهيم بنِ مهزيار ، أو إلى إبراهيمَ بنِ مهزيار ، واللهُ العالم).                                                                                                                                     مُعجم رجالِ الحديث (ج12/ص142)                                                                        قصّةُ عليٍّ بنِ إبراهيم بنِ مهزيار معَ الإمامِ الحُجّةِ عجّلَ اللهُ تعالى فرجَه الشريف. قلتُ ذكرَ جملةٌ مِن عُلمائِنا مِن ضمنِهم الشيخُ الطوسي رحمَه الله، قالَ في الغيبة: (عن حبيبٍ بنِ محمّدٍ بنِ يونس بنِ شاذان الصنعاني قالَ: دخلتُ إلى عليٍّ بنِ إبراهيم بنِ مهزيار الأهوازي فسألتُه عن آلِ أبي محمّدٍ عليهِ السلام فقالَ: يا أخي لقد سألتَ عن أمرٍ عظيم، حججتُ عشرينَ حجّةً كلّاً أطلبُ به عيانَ الإمامِ فلم أجِد إلى ذلكَ سبيلاً، فبينا أنا ليلةٌ نائمٌ في مرقدي إذ رأيتُ قائلاً يقول: يا عليُّ بنُ إبراهيم ! قد أذنَ اللهُ لي في الحجِّ، فلم أعقِل ليلتي حتّى أصبحتُ، فأنا مُفكّرٌ في أمري أرقبُ الموسمُ ليلي ونهاري. فلمّا كانَ وقتُ الموسمِ أصلحتُ أمري، وخرجتُ متوجّهاً نحوَ المدينةِ، فما زلتُ كذلكَ حتّى دخلتُ يثربَ فسألتُ عن آلِ أبي محمّدٍ عليهِ السلام، فلم أجِد لهُ أثراً ولا سمعتُ له خبراً، فأقمتُ مُفكّراً في أمري حتّى خرجتُ منَ المدينةِ أريدُ مكّة، فدخلتُ الجُحفةَ وأقمتُ بها يوماً وخرجتُ مِنها متوجّهاً نحوَ الغدير، وهوَ على أربعةِ أميالٍ منَ الجُحفة، فلمّا أن دخلتُ المسجدَ صلّيتُ وعفّرتُ واجتهدتُ في الدعاءِ وابتهلتُ إلى اللهِ لهم، وخرجتُ أريدُ عسفان، فما زلتُ كذلكَ حتّى دخلتُ مكّةَ فأقمتُ بها أيّاماً أطوفُ البيتَ واعتكَفت. فبينا أنا ليلةٌ في الطوافِ، إذا أنا بفتىً حسنِ الوجهِ، طيّبِ الرائحةِ، يتبخترُ في مشيتِه طائفٌ حولَ البيت، فحسَّ قلبي به، فقمتُ نحوَه فحككتُه، فقالَ لي مِن أينَ الرجل؟ فقلتُ: مِن أهلِ [العراق فقالَ: مِن أي] العراقِ؟ قلتُ: منَ الأهواز.فقالَ لي: تعرفُ بها الخصيبَ؟ فقلتُ: رحمَه الله، دُعيَ فأجاب، فقالَ: رحمَه الله، فما كانَ أطولَ ليلتَه وأكثرَ تبتّلَه وأغزرَ دمعتَه، أفتعرفُ عليّاً بنَ إبراهيمَ بنِ المازيار؟ فقلتُ: أنا عليٌّ بنُ إبراهيم. فقالَ: حيّاكَ اللهُ أبا الحسنِ ما فعلتَ بالعلامةِ التي بينَك وبينَ أبي محمّدٍ الحسنِ بنِ عليٍّ عليهما السلام؟ فقلتُ: معي قالَ: أخرِجها، فأدخلتُ يدي في جيبي فاستخرَجتها، فلمّا أن رآها لم يتمالَك أن تغرغرَت عيناهُ (بالدّموع) وبكى مُنتحِباً حتّى بلَّ أطمارَه، ثمَّ قال: أُذنَ لكَ الآنَ يا بنَ مازيار، صِر إلى رحلِك وكُن على أهبةٍ مِن أمرِك، حتّى إذا لبسَ الليلُ جلبابَه، وغمرَ الناسُ ظلامَه، سِر إلى شعبِ بني عامر ! فإنّكَ ستلقاني هناكَ فسِرتُ إلى منزِلي.فلمّا أن أحسستُ بالوقتِ أصلحتُ رَحلي وقدّمتُ راحلَتي وعكمتُه ( أي شدَّ متاعَه استعداداً للرّحيل) شديداً، وحملتُ وصِرتُ في متنِه وأقبلتُ مُجِدّاً في السيرِ حتّى وردتُ الشعبَ، فإذا أنا بالفتى قائمٌ يُنادي يا أبا الحسنِ إليَّ، فما زلتُ نحوَه، فلمّا قربتُ بدأني بالسلامِ وقالَ لي: سِر بنا يا أخِ فما زالَ يُحدّثُني وأحدّثُه حتّى تخرّقنا جبالَ عرفات، وسِرنا إلى جبالِ منى، وانفجرَ الفجرُ الأوّلُ ونحنُ قد توسّطنا جبالَ الطائف. فلمّا أن كانَ هناكَ أمرَني بالنزولِ وقالَ لي: اِنزِل فصلِّ صلاةَ الليل، فصلّيتُ، وأمرَني بالوترِ فأوترتُ، وكانَت فائدةٌ منه، ثمَّ أمرَني بالسجودِ والتعقيبِ، ثمَّ فرغَ مِن صلاتِه وركبَ، وأمرَني بالركوبِ وسارَ وسِرتُ معَه حتّى علا ذروةَ الطائفِ، فقال: هل ترى شيئاً؟ قلتُ: نعم أرى كثيبَ رملٍ عليهِ بيتُ شعرٍ يتوقّدُ البيتَ نوراً. فلمّا أن رأيتُه طابَت نفسي، فقالَ لي: هناكَ الأملُ والرّجاء، ثمَّ قالَ: سِر بنا يا أخ فسارَ وسرتُ بمسيرِه إلى أن انحدرَ منَ الذروةِ وسارَ في أسفله، فقالَ: انزِل فها هُنا يذلُّ كلُّ صعبٍ، ويخضعُ كلُّ جبّارٍ، ثمَّ قالَ: خلِّ عن زمامِ الناقةِ، قلتُ فعلى مَن أخلفها؟ فقالَ: حرمُ القائمِ عليهِ السلام، لا يدخلهُ إلّا مؤمنٌ ولا يخرجُ منهُ إلّا مؤمنٌ، فخلّيتُ مِن زمامِ راحلَتي، وسارَ وسرتُ معَه إلى أن دنا مِن بابِ الخِباء، فسبقَني بالدخولِ وأمرَني أن أقفَ حتّى يخرُجَ إليّ. ثمَّ قالَ لي: أدخُل هنّأكَ السلامةَ، فدخلتُ فإذا أنا بهِ جالسٌ قد اتّشحَ ببُردةٍ واتّزرَ بأخرى، وقد كسرَ بُردتَه على عاتقِه، وهوَ كأقحوانةِ أرجوانٍ قد تكاثفَ عليها الندى، وأصابَها ألمُ الهوى، وإذا هوَ كغُصنِ بانٍ أو قضيبِ ريحان، سمحٌ سخيٌّ تقيٌّ نقي، ليسَ بالطويلِ الشامخ، ولا بالقصيرِ اللّازق، بل مربوعُ القامةِ، مدوّرُ الهامة، صلتُ الجبين، أزجُّ الحاجبين، أقنى الأنف، سهلُ الخدّين، على خدِّه الأيمنِ خالٌ كأنّهُ فُتاتُ مسكٍ على رضراضةِ عنبر. فلما أن رأيتُه بدرتُه بالسلام، فردَّ عليَّ أحسنَ ما سلّمتُ عليه، وشافَهني وسألني عن أهلِ العراق، فقلتُ سيّدي قد ألبسوا جلبابَ الذلّةِ، وهُم بينَ القومِ أذلّاء فقالَ لي: يا بنَ المازيار لتملكونَهم كما ملكوكم، وهُم يومئذٍ أذلّاء، فقلتُ، سيّدي لقد بعُدَ الوطنُ وطالَ المطلَب، فقالَ: يا بنَ المازيار (أبي) أبو محمّدٍ عهدَ إليَّ أن لا أجاورَ قوماً غضبَ اللهُ عليهم (ولعنَهم) ولهُم الخزيُ في الدّنيا والآخرة ولهُم عذابٌ أليم، وأمرَني أن لا أسكنَ منَ الجبالِ إلّا وعرَها، ومنَ البلادِ إلّا عفرَها، واللهُ مولاكُم أظهرَ التقيّةَ فوكّلَها بي فأنا في التقيّةِ إلى يومِ يؤذنُ لي فأخرُج، فقلتُ يا سيّدي متى يكونُ هذا الأمر؟ فقالَ: إذا حيلَ بينَكم وبينَ سبيلِ الكعبة، واجتمعَ الشمسُ والقمرُ واستدارَ بهما الكواكبُ والنجومُ، فقلتُ متى يا بنَ رسولِ الله؟ فقالَ لي: في سنةِ كذا وكذا تخرجُ دابّةُ الأرضِ (مِن) بينِ الصّفا والمروة، ومعهُ عصا موسى وخاتمُ سُليمان، يسوقُ الناسَ إلى المحشر. قالَ، فأقمتُ عندَه أيّاماً وأذنَ لي بالخروجِ بعدَ أن استقصيتُ لنفسي وخرجتُ نحوَ منزلي، واللهِ لقد سرتُ مِن مكّةَ إلى الكوفةِ ومعي غلامٌ يخدمُني فلَم أرَ إلّا خيراً وصلّى اللهُ على محمّدٍ وآلِه وسلّمَ تسليماً).                                                     بحارُ الأنوارِ مشكل (170/ 14) و الغيبةُ للشيخِ الطوسي (ج6/ص11)