ماذا كانَ عملُ الإمامِ الحُسين في المدينةِ قبلَ الهجرةِ إلى كربلاء؟

:

السّلامُ عليكُم ..الأخُ السائلُ الكريم إن كانَ مُرادُك مِن عملِ الإمامِ الحُسين عليهِ السلام، العملَ الذي كانَ يأكلُ مِنه ويعتاشُ عليه، فإنَّ للإمامِ الحُسين عليهِ السلام ضيعاتٍ (بساتين) في المدينةِ ورثَها مِن أبيهِ أميرِ المؤمنينَ كانَ يعملُ بها ويعتاشُ مِنها هوَ وذُرّيّتُه عليهِ السلام مثلهُ مثلُ بقيّةِ المُسلمينَ في ذلكَ الزمان. فقد حدّثنا التاريخُ أنَّ أميرَ المؤمنين عليهِ السلام كانَت له ضيعاتٍ وكانَ عليهِ السلام يتولّى العنايةَ بها بنفسِه صلواتُ اللهِ عليه فقد روى لنا العلّامةُ الطريحيُّ رحمَه اللهُ في مُنتخبِه عن عبدِ اللهِ بنِ العبّاس , قالَ : كُنّا مع رسولِ الله (صلّى اللهُ عليهِ وآله) وإذا بفاطمةَ الزّهراءِ قد أقبلَت تبكي , فقالَ لها رسولُ الله (صلّى اللهُ عليهِ وآله) : (( ما يُبكيكِ يا فاطمة ؟ )) . فقالَت : (( يا أبه , إنّ الحسنَ والحُسين قد غابا عنّي هذا اليوم , وقد طلبتُهما في بيوتِك فلم أجِدهما ولا أدري أينَ هُما , وإنَّ عليّاً راحَ إلى الدّاليةِ مُنذُ خمسةِ أيّام ؛ يسقي بُستاناً له )) .                                                          المُنتخَبُ في جمعِ المراثي والخُطبِ المُشتهَرُ بـ (الفخري) (ص: 2) ونقلَ لنا العلّامةُ المجلسيُّ رحمَه الله (أنّه كانَ بينَ الحُسينِ (عليهِ السلام) وبينَ الوليدِ بنِ عُقبة مُنازعةٌ في ضيعةٍ فتناولَ الحُسينُ (عليهِ السلام) عمامةَ الوليدِ عن رأسِه وشدَّها في عُنقه وهوَ يومئذٍ والٍ على المدينة، فقالَ مروان: باللهِ ما رأيتُ كاليومِ جُرأةَ رجلٍ على أميرِه، فقالَ الوليد: واللهِ ما قلتُ هذا غضباً لي ولكنّكَ حسَدتني، على حِلمي عنه، وإنّما كانَت الضيعةُ له، فقالَ الحُسين: الضيعةُ لكَ يا وليدُ وقام).                                                                حياةُ الإمامِ الحُسين (عليهِ السلام) مِن بحارِ الأنوار (5/ 3) وان كانَ مرادُ السائلِ مِن عملِ الإمامِ الحُسين عمله كإمامٍ موجّهٍ للأمةِ وقائدٍ لها؟فإنَّ حياتَه صلواتُ اللهِ عليه زاخرةٌ بأحداثٍ جمّةٍ سأذكرُ طرفاً مِنها. روى العلّامةُ المجلسيُّ رحمَه اللهُ عن موسى بنِ عُقبة أنّه قالَ: لقد قيلَ لمعاويةَ إنَّ الناسَ قد رموا أبصارَهم إلى الحُسين، فلو قد أمرتَه يصعدُ المنبرَ فيخطُب فإنَّ فيهِ حصراً وفي لسانِه كلالة، فقالَ لهُم معاوية: قد ظننّا ذلكَ بالحسنِ فلم يزَل حتّى عظُمَ في أعينِ الناسِ وفضحَنا، فلم يزالوا بهِ حتّى قالَ للحُسينِ (عليهِ السلام) يا أبا عبدِ اللهِ لو صعدتَ المنبرَ، فخطَبت. فصعدَ الحُسينُ (عليهِ السلام) المنبرَ، فحمدَ اللهَ وأثنى عليهِ ثمَّ صلّى على النبيّ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) فسمعَ رجلاً يقول: مَن هذا الذي يخطُب؟ فقالَ الحُسين (عليهِ السلام): نحنُ حزبُ اللهِ الغالبون، وعترةُ رسولِ اللهِ الأقربون، وأهلُ بيتِه الطيّبونَ وأحدُ الثقلينِ الذين جعلنا رسولُ اللهِ ثاني كتابِ اللهِ تباركَ وتعالى الذي فيهِ تفصيلُ كلِّ شيءٍ لا يأتيهِ الباطلُ مِن بينِ يديه، ولا مِن خلفِه، والمعوّلُ علينا في تفسيرِه ولا يُبطئُنا تأويلهُ، بل نتّبعُ حقائقَه. فأطيعونا فإنَّ طاعتَنا مفروضةٌ، إذ كانَت بطاعةِ اللهِ ورسولِه مقرونةً                                                               حياةُ الإمامِ الحُسين (عليهِ السلام) مِن بحارِ الأنوار (ج6/ص1)  وفي ردِّه عليهِ السلام لمروانَ بنِ الحكم عليهِ لعائنُ الله حينَ تطاولَ عليهِ بما لا يناسبُه عليهِ السلام، يحدّثُنا العلّامةُ المجلسيّ رحمَه الله عن محمّدٍ بنِ السائبِ أنّه قالَ: قالَ مروانُ بنُ الحكم يوماً للحُسينِ بنِ عليّ (عليهما السلام)، لولا فخرُكم بفاطمةَ بما كنتُم تفتخرونَ علينا؟ فوثبَ الحُسينُ (عليهِ السلام) وكانَ (عليهِ السلام) شديدَ القبضةِ، فقبضَ على حلقِه فعصرَه ولوى عمامتَه على عُنقِه، حتّى غشيَ عليهِ ثمَّ تركَه، وأقبلَ الحُسين (عليهِ السلام) على جماعةٍ مِن قُريش فقالَ: أنشدُكم باللهِ إلّا صدّقتموني إن صدقتُ، أتعلمونَ أنَّ في الأرضِ حبيبينِ كانا أحبَّ إلى رسولِ اللهِ منّي ومِن أخي؟ أو على ظهرِ الأرضِ ابنُ بنتِ نبيٍّ غيري وغيرِ أخي؟ قالوا: لا، قالَ: وإنّي لا أعلمُ أنَّ في الأرضِ ملعونٌ بنُ ملعونٍ غير ُهذا وأبيهِ طريدُ رسولِ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآله).                                                      حياةُ الإمامِ الحُسين (عليهِ السلام) مِن بحارِ الأنوار (6ج/ص2)  خرجَ عليهِ السلامُ منَ المدينةِ المنوّرة، بعدَما جاءَ خبرُ موتِ معاويةَ في النصفِ مِن رجب سنةَ ستّينَ وخرجَ مِن مكّةَ متوجّهاً إلى العراقِ يومَ الاثنينِ في عشرٍ ذي الحجّةِ سنةَ ستّين ووردَ كربلاءَ في الثاني منَ المُحرّمِ سنةَ إحدى وستّين وكانَ قتلُه في العاشرِ منَ المُحرّمِ يومَ عاشوراء مِن تلكَ السنة.