ما هو الفرقُ بينَ الخُمسِ والزكاة ؟ وهل كثرة ايات الزكاة تدل على اهميته ؟

: الشيخ معتصم السيد احمد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : لا فرقَ بينَ الخُمسِ والزكاةِ مِن جهةِ أنَّ كليهما فرضانِ ماليّانِ أوجبَهما الشرعُ على المُكلّف، وينحصرُ الخلافُ في المواردِ والشروطِ التي تتعلّقُ بكلِّ واحدٍ مِنهما، فمواردُ الزكاةِ هيَ النقودُ المضروبةُ منَ الذهبِ والفضّة، ومنَ الأنعامِ الإبل والبقرُ والغنم، ومنَ الحبوبِ الحنطةُ والشعير، ومنَ الثمارِ التمرُ والزبيب، ولكلِّ واحدٍ مِنهما نصابٌ خاصٌّ إذا بلغَه تتعلّقُ به الزكاةُ كما فصّلَها الفقهاءُ في رسائلِهم العمليّةِ وكتبِهم الاستدلاليّة. أمّا الخمسُ فلهُ مواردُ أخرى وهيَ غنائمُ الحربِ، والمعادنُ، والكنزُ، والغوصُ، والمالُ الحلالُ المخلوطُ بالحرام، والأرضُ الذي يمتلكُها الذمّيُّ منَ المُسلم، وجميعُ ما فاضَ منَ المؤونةِ مِن أرباحِ المكاسبِ كالتجارةِ وما شابه، وهناكَ شروطٌ خاصّةٌ ذكرَها الفقهاءُ بالتفصيل. وقد فرضَ اللهُ الخُمسَ إكراماً لنبيّهِ وأهلِ بيتِه (عليهم الصلاةُ والسلام) وذريّتِه عوضاً عن الزكاةِ التي لا تحلُّ لهم، فعن الإمامِ الصّادقِ عليهِ السلام: (إنَّ اللهَ لا إلهَ إلا هوَ لمّا حرّمَ علينا الصدقةَ أنزلَ لنا الخُمس، فالصدقةُ علينا حرامٌ والخُمسُ لنا فريضةٌ، والكرامةُ لنا حلال) أمّا بالنسبةِ للسّؤالِ الثاني هل كثرةُ آياتِ الزكاةِ تدلُّ على أنّها أهمُّ منَ الخُمس؟  أوّلاً: ليسَ هناكَ قاعدةٌ أو دليلٌ يدلُّ على ذلكَ، فأهميّةُ شيءٍ ما خاضعٌ إلى تعلّقِ الأمرِ الإلهيّ به سواءٌ كانَ هذا التعلّقُ بآيةٍ واحدةٍ أو بأكثرَ مِن آية، فلا يمكنُنا القولُ أنَّ الحجَّ أهمُّ منَ الصومِ لكثرةِ آياتِ الحجِّ في مقابلِ آياتِ الصومِ.  ثانياً: إنَّ كلمةَ زكاةٍ في القرآنِ أعمُّ منَ الزكاةِ في الاصطلاحِ الفقهيّ ومنَ الخُمس، أي أنّها تشملُ كلَّ التكاليفِ الماليّةِ الواجبةِ مِنها والمُستحبّةِ، فهناكَ فرقٌ بينَ الزكاةِ في معناها اللغويّ الذي جاءَ به القرآنُ وبينَ الزكاةِ في الاصطلاحِ الفِقهي، فالزكاةُ لُغةً تُطلَقُ على معانٍ مُختلفةٍ مِنها النَّماءُ، والزيادةُ، والطَّهارةُ، وتُطلَقُ أيضاً على البركةِ، والصلاحِ، قالَ تعالى: (خُذ مِن أَموالِهِم صَدَقَةً تُطَهِّرُهُم وَتُزَكّيهِم بِها)، قالَ الفراهيديُّ: زكاةُ المالِ تطهيرُه... وزكا الزرعُ يزكو زكاءً: ازدادَ ونما، وكلُّ شيءٍ ازدادَ ونما فهوَ يزكو زكاءً. واعتبرَ الرّاغبُ الأصفهانيّ الزكاةَ بأنّها النماءُ الحاصلُ ببركةِ اللهِ تعالى، قالَ: أصلُ الزكاةِ النموُّ الحاصلُ عن بركةِ اللهِ تعالى ويُعتبَرُ ذلكَ بالأمورِ الدنيويّةِ والأخرويّة.  وعليهِ فإنَّ كلَّ الفروضِ الماليّةِ تُعتبَرُ زكاةً للمالِ سواءٌ كانَت تلكَ الفروضُ صدقةً أو خُمساً، فمثلاً قولهُ تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقرِضُوا اللَّهَ قَرضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنفُسِكُم مِّن خَيرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ) فإيتاءُ الزكاةِ هُنا يشملُ الزكاةَ بالمعنى الفقهيّ كما يشملُ الخُمسَ أيضاً فكلُّ مَن يدفعُ فروضَه الماليّةَ فقد أقرضَ اللهَ قرضاً حسناً وزكا ماله، وفي المُحصّلةِ فإنَّ آياتِ الزكاةِ في القرآنِ ليسَت خاصّةً فقط بالصّدقةِ الواجبةِ التي بيّنَ الفُقهاءُ أحكامَها وإنّما تشملُ كلَّ الفروضِ الماليّةِ بما فيها الخُمس.