لماذا الامام العبّاسِ (ع) هوَ كافلُ زينب (ع)، وليسَ الإمامُ الحُسين (ع) معَ أنّه الأخُ الأكبر ؟

: السيد عبدالهادي العلوي

السّلامُ عليكُم ورحمةُ الله وبركاتُه،وردَت روايتانِ في بعضِ كُتبِ المُتأخّرينَ حولَ كفالةِ أبي الفضلِ العبّاسِ (عليهِ السلام) للسيّدةِ زينبَ (عليها السلام)، وقد نُقلتا بالمعنى لا بالنصّ، ولم نعثُر عليها في الكتبِ التاريخيّةِ المُعتبرة.ففي أحدِها: « إنَّ زينبَ لمّا رأت أباها جمعَ أولادَه عندَ الاحتضارِ وأخذَ يوصيهم، تقدّمَت إلى أبيها، وقالَت: يا أبتاه، أريدُ أن تختارَ لي مِن أخوتي مَن يكفلُني ويلتزمُ بي، فقالَ: بُنيّة، هؤلاءِ إخوتُك، فاختاري مَن تريدين، هذا الحسنُ، وهذا الحُسين، فقالت: الحسنُ والحُسين أئمّتي وسادتي، وأنا أخدمُهما بعيني، ولكن أريدُ مِن أخوتي مَن يخدمُني، لعلّي أحتاجُ في هذهِ الحياةِ إلى سفرٍ فيخدمُني ويكفلُني في السفرِ، فقالَ: اختاري مِنهم مَن شئتِ، فمدّت زينبُ بصرَها إلى أخوتِها، فما وقعَ الاختيارُ إلّا على قمرِ العشيرةِ أبي الفضلِ العبّاس، فقالت زينبُ: يا أبتاهُ، أريدُ أخي هذا، وأشارَت إلى العبّاسِ، فقالَ أميرُ المؤمنينَ (عليهِ السلام): بُنيَّ، أدنُ منّي، فدنا مِنه، فأخذَ بيدِ زينب ووضعَها في يدِ العبّاس، وقالَ: بُنيّ، هذهِ وديعةٌ منّي إليك، فقالَ العبّاسُ ـ وقد تحادرَت دموعُه على خدّيه ـ: يا أبتاهُ، لأنعمنّك عيناً، وأبذلُ كلَّ جُهدي في حفظِها ورعايتِها، فأخذَ أميرُ المؤمنينَ (عليهِ السلام) ينظرُ إلى العبّاسِ وإلى زينبَ ويبكي » [النصُّ الجليُّ في مولدِ العبّاسِ بنِ عليّ ص56].وفي الأخرى: « إنّه لمّا مضَت أيّامٌ على ولادةِ أبي الفضلِ العبّاسِ (عليهِ السّلام) جاءَت السيّدةُ زينب (عليها السّلام) إلى أبيها الإمامِ أميرِ المؤمنينَ (عليهِ السّلام) يوماً، وهي تحملُ أخاها العبّاس (عليهِ السّلام)، وقد ضمّته إلى صدرِها، وقالت له: أبه، يا أميرَ المؤمنين ، ما لي أرى قلبي مُتعلِّقاً بهذا الوليدِ أشدَّ التعلّق، ونفسي مُنشدّةً إليهِ أكبرَ الانشداد؟فأجابَها أبوها الإمامُ أميرُ المؤمنينَ (عليهِ السّلام) بلُطفٍ وحنانٍ قائلاً: وكيفَ لا تكونينَ ـ يا أبه ـ كذلكَ وهوَ كفيلُك وحاميك؟ فقالت السيّدةُ زينب (عليها السّلام) بتعجّبٍ: إنّهُ كفيلي وحاميني؟! فأجابَها (عليهِ السّلام) بعطفٍ وشفقة: نعم يا بُنيّة، ولكن ستفارقينَه ويفارقُك، فقالَت السيّدةُ زينب (عليها السّلام) باستغرابٍ: يا أبتاهُ ، أيتركُني هوَ أم أتركُه أنا؟ فقالَ الإمامُ أميرُ المؤمنينَ (عليهِ السّلام) وهوَ يجيبُها بلهفةٍ ولوعة: بل تتركينَهُ يا بُنيّة وهوَ صريعٌ على رمضاءِ كربلاء، مقطوعُ اليدينِ منَ الزندين، مفضوخُ الهامةِ بعمدِ الحديد، ضامٍ إلى جنبِ الفرات، فلم تتمالَك السيّدةُ زينب (عليها السّلام) لمّا سمعَت ذلكَ حتّى أعولَت وصاحَت: وا أخاهُ! وا عبّاساه! » [الخصائصُ العباسيّةُ ص72ـ73].أقولُ: أوضحَتِ الروايةُ الأولى أنّ السببَ في عدمِ كونِ الإمامِ الحُسين (عليهِ السلام) هوَ الكفيل، باعتبارِه الإمامَ على الخلقِ، وأوضحَتِ الروايةُ الثانيةُ أنّه كانَ نحو تعلّقٍ خاصٍّ بينَ أبي الفضلِ العبّاسِ (عليهِ السلام) وبينَ السيّدةِ زينب (عليها السلام).