هل ستتطوّرُ العلومُ في زمنِ الإمامِ المهدي (عج) ؟

: سيد حسن العلوي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :  إنّ دولةَ الإمامِ المهدي عجّلَ اللهُ فرجَه دولةُ العدلِ والنورِ والعلمِ والمعرفةِ والتطوّرِ الذي سيروي ظمأ البشريّةِ جمعاء. وسنبحثُ في هذا الموضوعِ ضمنَ نُقطتين: النُّقطةُ الأولى: العلمُ سلاحُ الإمامِ المهديّ وشعارُ دولتِه المُباركة ممّا لا شكَّ فيهِ أنَّ دولةَ الإمامِ المهدي (عج) هيَ دولةُ العدلِ الإلهي، وستتوحّدُ جميعُ الحكوماتِ في العالمِ تحتَ حكومتِه، وستتحقّقُ الحكومةُ العالميّةُ الواحدة، وحكومتُه هيَ حكومةُ اللهِ في الأرض، وحلمُ جميعِ الأنبياءِ والمُرسلين، فحكومتُه ودولتُه هيَ الأعلى والأفضلُ على الإطلاق، رويَ عن أبي جعفرٍ عليهِ السلام قالَ: دولتُنا آخرُ الدول، ولن يبقى أهلُ بيتٍ لهم دولةٌ إلّا ملكوا قبلنا لئلّا يقولوا إذا رأوا سيرتَنا: إذا ملَكنا سِرنا مثلَ سيرةِ هؤلاء، وهوَ قولُ اللهِ عزَّ وجل : {والعاقبةُ للمُتّقين}. (الغيبةُ للطوسي، ص472) قالَ تعالى: { هُوَ الَّذي أَرسَلَ رَسولَهُ بِالهُدى وَدينِ الحَقِّ لِيُظهِرَهُ عَلَى الدّينِ كُلِّهِ وَلَو كَرِهَ المُشرِكونَ } [التوبة: ٣٣] روى أبو بصيرٍ عن الصّادقِ (ع) قالَ: واللهِ ما نزلَ تأويلُها بعد، ولا ينزلُ تأويلُها حتّى يخرجَ القائم. (كمالُ الدينِ للصّدوق، ص670). وعن أميرِ المؤمنينَ (ع): حتّى لا يبقى قريةٌ إلّا ونوديَ فيها بشهادةِ أن لا إلهَ إلّا الله وأنَّ مُحمّداً رسولُ اللهِ بُكرةً وعشيّاً. (تأويلُ الآياتِ الظاهرة، للأسترآبادي: 2 / 689).  وما حُسنُ تدبيرِ يوسفَ وعدلهُ، وحكومةُ سُليمان، وخوارقُ آصف بنِ برخيا، وفتوحاتُ ذي القرنين، إلّا قطرةٌ في بحرِ عدلِ وتدبيرِ وسلطنةِ الإمامِ المهدي (عجّلَ اللهُ فرجه). والإمامُ المهديُّ سلاحُه العلم، ومُعجزتُه وبرهانُه العلم، كما اقتضَت الحكمةُ الإلهيّةُ أن يكونَ مُعجزةَ أنبيائهِ وحُججِه موافقةً لِما هوَ السائدُ في زمانِهم، فموسى أتى بالثعبانِ لأنّ السائدَ في زمانِه السّحر، فأتى بشيءٍ أبطلَ سحرَهم، والرائجُ في زمانِ عيسى هوَ التطوّرُ الطبّيُّ، فعالجَ ما عجزَ الأطبّاءُ عن مُعالجتِه، فأبرءَ الأكمهَ والأبرصَ وأحيى الموتى، وكانَ السائدُ في زمانِ نبيّنا (ص) الفصاحةُ والبلاغة، فأتى بكتابِ هدايةٍ قمّةٌ في الفصاحةِ والبلاغة، بحيثُ عجزوا عن الإتيانِ بمثله. وجلسَ أميرُ المؤمنينَ (ع) على المنبرِ وخاطبَ البشريّة: سلوني قبلَ أن تفقدوني ... سلوني عن طرقِ السماءِ فأنا أعلمُ بها مِن طُرقِ الأرض ... ولكنَّ البشريّةَ لم تكُن مُهيّئةً لتحمّلِ هذا العلم! ولا لفهمِ هذا الإمامِ العظيم! وهكذا حالُ جميعِ أئمّتِنا عليهم السلام معَ أهلِ زمانِهم. ومنَ المعلومِ أنَّ الحكومةَ العالميّةَ الواحدةَ تحتاجُ إلى قائدٍ يحملُ عِلماً فوقَ مُستوى علماءِ البشر، فالتدبيرُ والحكمُ وسياسةُ الرعيّةِ وتلبيةُ احتياجاتِهم، وتوفيرُ الأمن، وبسطُ العدل، والقضاءُ على الفقر، والملائمةُ بينَ الكائنات، يحتاجُ إلى علومٍ كثيرةٍ جدّاً. عن رسولِ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآله): تاسعُهم القائمُ الذي يملأ اللهُ عزَّ وجلَّ بهِ الأرضَ نوراً بعدَ ظُلمتِها، وعدلاً بعدَ جورِها ، وعلماً بعدَ جهلِها. (كمالُ الدينِ للصّدوق، ص260). بحيثُ أنّ البشرَ يتحوّلونَ إلى علماءَ وحكماء، روى حمرانُ عن أبي جعفرٍ عليهِ السلام أنّه قال: كأنّني بدينِكم هذا لا يزالُ مُتخضخضاً يفحصُ بدمِه، ثمَّ لا يردُّه عليكُم إلّا رجلٌ منّا أهلَ البيت فيعطيكُم في السنةِ عطاءين، ويرزقُكم في الشهرِ رِزقين، وتؤتونَ الحكمةَ في زمانِه، حتّى أنَّ المرأةَ لتقضي في بيتِها بكتابِ اللهِ تعالى وسنّةِ رسولِ الله (صلّى اللهُ عليهِ وآله). (الغيبةُ للنّعماني، ص245) ورويَ عن الإمامِ الحُسينِ بنِ علي (عليهما السلام): ثمَّ إنَّ اللهَ ليهبُ لشيعتِنا كرامةً لا يخفى عليهم شيءٌ في الأرض، وما كانَ فيها، حتّى أنَّ الرجلَ منهم يريدُ أن يعلمَ علمَ أهلِ بيتِه، فيخبرُهم بعلمِ ما يعملون. (الخرائجُ والجرائح: 2 / 849).  ورويَ عن الصّادقِ (ع): أما واللهِ ليُدخلنَّ عليهم عدلهُ جوفَ بيوتِهم كما يدخلُ الحرُّ والقر. (الغيبةُ للنّعماني، ص307) ولا ننسى أنّ الإمامَ يخرجُ في زمانٍ تصلُ فيهِ البشريّةُ إلى هاويةِ الانحدارِ الأخلاقي، وتفشّي الأمراضِ، وسلبِ الأمان، وانتشارِ الفتنِ والظلم، حيثُ رويَ عن الإمامِ الباقرِ (ع) أن قالَ: يا أبا حمزة، لا يقومُ القائمُ (عليهِ السلام) إلّا على خوفٍ شديدٍ وزلازلَ وفتنةٍ وبلاءٍ يصيبُ الناسَ وطاعونٍ قبلَ ذلك، وسيفٍ قاطعٍ بينَ العرب، واختلافٍ شديدٍ بينَ الناس، وتشتّتٍ في دينِهم وتغيّرٍ مِن حالِهم، حتّى يتمنّى المُتمنّي الموتَ صباحاً ومساء مِن عِظمِ ما يرى مِن كلبِ الناس، وأكلِ بعضِهم بعضاً، وخروجُه إذا خرجَ عن الإياسِ والقنوط. (الغيبةُ للنّعماني، ص240).النقطةُ الثانية: التطوّرُ العلميُّ في دولةِ الإمامِ المهدي: منَ المعلومِ أنّ الدينَ الإلهيَّ لا يتنافى معَ التطوّرِ، فالدينُ يدعو إلى أن نأخذَ نصيبَنا منَ الدنيا، وأن نعمّرَ الأرضَ، ونستفيدَ منَ المواردِ الطبيعيّة، فاللهُ تعالى سخّرَ كلَّ شيءٍ للإنسان، فالسماواتُ والأرضُ وما فيها منَ الشمسِ والقمرِ والنجومِ والفضاءِ والمجرّاتِ، والحيواناتِ، والطبيعةِ، والبحار، وأباحَ استخدامَها ضمنَ حدود، وحدودُ الشريعةِ لا تُنافي التطوّرَ أبداً.ولذا الدينُ لا يتنافى معَ العلمِ والعقلِ أبداً، فهوَ يدعو إلى التأمّلِ والتدبّرِ والتفكّرِ وفهمِ الوجودِ كما وردَ في آياتٍ كثيرةٍ في القرآنِ الكريم. تشيرُ الرواياتُ إلى أنّ البشريّةَ ستشهدُ تطوّراً علميّاً في حكومةِ الإمامِ المهدي، تجعلُهم ينسونَ ما كانوا عليهِ سابقاً. روى القُطبُ الراوندي بسندِه عن الإمامِ الصّادقِ (عليهِ السلام) قالَ: العلمُ سبعةٌ وعشرونَ جُزءاً، فجميعُ ما جاءَت به الرسلُ جُزءان، فلم يعرِف الناسُ حتّى اليوم غيرَ الجُزأين، فإذا قامَ القائمُ أخرجَ الخمسةَ والعشرينَ جُزءاً فبثّها في الناسِ، وضمَّ إليها الجُزأين، حتّى يبثّها سبعةً وعشرينَ جُزءاً. (الخرائجُ والجرائج: 2 / 841). وعنهُ الحلّي والنيلي، بلفظِ: حرفاً، بدلَ: جُزءاً. و: حرفانِ، بدلَ: جُزءان. (مُختصرُ البصائرِ، ص117، مُنتخبُ الأنوارِ المُضيئة، ص353). هذه الروايةُ المُباركة تشيرُ إلى أنَّ أصولَ العلومِ قد انتشرَ عن الأنبياءِ، وهوَ جُزءانِ أو حرفانِ منَ العلم، وجميعُ ما عندَ البشريّةِ تطويرٌ لذلكَ الجُزئين، فالبشريّةُ بما تحملُ مِن علومٍ إنّما تعيشُ على فتاتِ مائدةِ الجُزءين المُنتشرين عن الأنبياءِ وأوصيائهم إلى البشريّة، مِن قبيلِ علمِ النجارةِ المأثورِ عن نوح، والخياطةِ عن إدريس، والطبِّ عن الأنبياء، وسليمانَ وداودَ صناعةِ الدروع، وغيرِها منَ العلوم. فإذا ظهرَ الإمامُ المهدي، أضافَ إلى الجُزءين، خمساً وعشرينَ جُزءاً آخر، فيصبحُ المجموعُ سبعاً وعشرينَ جُزءاً. فأينَ الجُزءانِ عن سماءِ سبعٍ وعشرينَ جزءاً، فلا قياسَ بينَ مَن يجلسُ على الدرجِ السابعِ والعشرينَ مِن سُلّمِ العلم، وبينَ مَن يجلسُ على الدرجِ الثاني منه! فهذهِ الروايةُ تنصُّ على حصولِ نقلةٍ نوعيّةٍ في التطوّرِ العلميّ لم تشهَدها البشريّةُ مِن قبل. وهذا التطوّرُ الذي ستشهدُه البشريّةُ على مُختلفِ الأصعدةِ والمجالات، سواءٌ على المستوى العلميّ والطبّي والتكنولوجي، والزراعيّ، والبيئيّ، والاقتصاديّ، والأمنيّ، والانفتاحِ على عوالمَ جديدةٍ، كعالمِ الملائكةِ والمخلوقاتِ الأخرى. وبعضُ هذه التطوّراتِ التي سنذكرُها لعلّها تكونُ على سبيلِ المُعجزة، ولكنَّ أغلبَها يكونُ تطويراً للعلومِ الطبيعيّة.  التكاملُ العقليُّ للبشر:  تشيرُ الرواياتُ إلى أنّ اللهَ تعالى ببركةِ الإمامِ المهدي سيرفعُ المُستوى العقليّ للناس، ليجعلَهم يتلاءمونَ معَ هذا التطوّر، ففي الروايةِ عن أبي خالدٍ الكابُلي، عن أبي جعفرٍ عليهِ السلام قالَ: إذا قامَ قائمُنا، وضعَ يدَه على رؤوسِ العباد، فجمعَ بها عقولَهم، وأكملَ بها أخلاقَهم. (الخرائجُ والجرائح: 2 / 840).  وفي روايةِ الكافي: وضعَ اللهُ يدَه على رؤوسِ العِباد. (الكافي: 1 / 25) ولا فرقَ، فإنّ يدَه عليهِ السلام يدُ اللهِ تعالى.  أمّا التطوّرُ العلميُّ والتكنولوجي: عن جابرٍ قالَ: قالَ أبو جعفرٍ عليهِ السلام في قولِ اللهِ تعالى: { في ظللٍ منَ الغمامِ والملائكةِ وقضى الأمر } قالَ: ينزلُ في سبعِ قبابٍ مِن نور لا يعلمُ في أيّها هوَ حينَ ينزلُ في ظهرِ الكوفةِ فهذا حينَ ينزل. (تفسيرُ العيّاشي: 1 / 103). وفي روايةٍ أنّه: ينزلُ بظهرِ الكوفةِ على الفاروق. (نفسُ المصدر) والظاهرُ أنّ المرادَ مِن قبابِ النورِ طائراتٍ متطوّرةً جدّاً لعلّها على شكلِ قبّة. ورويَ عن أبي جعفرٍ عليهِ السلام قالَ: أما إنَّ ذا القرنينِ خُيّرَ السحابتين فاختارَ الذلولَ وذُخرَ لصاحبِكم الصّعب، فقلتُ: وما الصّعب؟ فقالَ: ما كانَ مِن سحابٍ فيهِ رعدٌ وصاعقةٌ وبرقٌ فصاحبُكم يركبُه أما إنّه سيركبُ السحابَ ويرقى في الأسبابِ أسبابِ السماواتِ السبعِ والأرضينَ السبع خمسٌ عوامرُ واثنتانِ خرابان. (الاختصاصُ للمُفيد، ص199) وهذا الحديثُ نصٌّ على أنَّ الإمامَ سيتنقّلُ بينَ السماوات، إمّا على سبيلِ الإعجازِ، أو بالأجهزةِ المُتطوّرةِ التي لا زالَ علماءُ البشرِ عاجزينَ عنها. ورويَ عن الصادقِ (ع) أنّه قالَ: إذا قامَ القائمُ (عليهِ السلام) ... وإنَّ الرجلَ ليكسو ابنَه الثوبَ فيطولُ معَه كلّما طال، ويتلوّنُ عليهِ أيَّ لونٍ أحبَّ وشاء .. (دلائلُ الإمامةِ للطبري، ص462) وصولُ التطوّرِ إلى مرحلةِ تطويلِ وتقصيرِ الثيابِ تحتَ اختيارِك، بلا مُراجعةِ الخيّاط، ويطولُ الثوبُ معَ الإنسانِ كلّما طال، وتغييرِ لونِ الثوبِ متى تشاءُ باختيارِك.ورويَ عن الصّادقِ (ع): إذا قامَ القائمُ بعثَ في أقاليمِ الأرضِ في كلِّ إقليمٍ رجلاً يقولُ: عهدُك في كفِّك فإذا وردَ عليكَ أمرٌ لا تفهمُه ولا تعرفُ القضاءَ فيه فانظُر إلى كفِّك واعمَل بما فيها، قالَ: ويبعثُ جُنداً إلى القسطنطينيّة، فإذا بلغوا الخليجَ كتبوا على أقدامِهم شيئاً ومشوا على الماء، فإذا نظرَ إليهم الرّومُ يمشونَ على الماء قالوا: هؤلاءِ أصحابُه يمشونَ على الماء ، فكيفَ هو؟! فعندَ ذلكَ يفتحونَ لهم أبوابَ المدينةِ، فيدخلونَها فيحكمونَ فيها ما يريدون. (الغيبةُ للنّعماني، ص334) يرسلُ لهم الإمامُ تكاليفَهم إلى كفِّ أيديهم، ولعلَّ التطوّرَ العلميَّ يصلُ إلى مرحلةٍ يرسلُ الإمامُ تكاليفَهم بحيثُ تظهرُ على جلدةِ كفِّهم وظاهرِها، ولعلّه إشارةٌ إلى هذهِ الأجهزةِ منَ الموبايل.ورويَ عن الصّادقِ (عليهِ السلام): لقد نزلَت هذهِ الآيةُ في المُفتقدينَ مِن أصحابِ القائمِ عليهِ السلام قولهُ عزَّ وجل : " أينما تكونوا يأتِ بكم اللهُ جميعاً" إنّهم ليفتقدونَ عن فُرشِهم ليلاً فيصبحونَ بمكّةَ ، وبعضُهم يسيرُ في السحابِ يُعرفُ باسمِه واسمِ أبيهِ وحِليتِه ونسبِه قالَ : قلتُ : جُعلتُ فداكَ أيُّهم أعظمُ إيماناً ؟ قالَ : الذي يسيرُ في السحابِ نهاراً. (الغيبةُ للنّعماني، ص672) ولا يبعدُ أن يكونَ هذا على نحوِ الكرامةِ لهم. عن أبي الربيعِ الشامي قالَ: سمعتُ أبا عبدِ الله (عليهِ السلام) يقولُ: إنَّ قائمَنا إذا قامَ مدَّ اللهُ عزَّ وجلَّ لشيعتِنا في أسماعِهم وأبصارِهم حتّى لا يكونَ بينَهم وبينَ القائمِ بريدٌ يكلّمُهم فيسمعونَ وينظرونَ إليه وهوَ في مكانِه. (الكافي للكُليني: 8 / 241). وهذهِ الرواياتُ بعضُها لا نتعقّلُ الكيفيّةَ، ولكنَّ بعضَها الآخرَ يتعقّلُها أبناءُ العصرِ الحالي، وإن كانَت البشريّةُ لا تتعقّلُها قبلَ اكتشافِ المُكالماتِ المرئيّة، ويصعبُ تصديقُها لعامّةِ الناس، ولكِن أصبحَت منَ البديهيّاتِ لأبناءِ العصرِ الحالي، وهذهِ الروايةُ وغيرُها بحدِّ ذاتِها تدلُّ على صحّةِ هذه الرواياتِ وأنّها صادرةٌ عن العلمِ المُتّصلِ باللهِ تعالى. وأجهزةُ التواصلِ التي يستخدمُها الإمامُ (عجّلَ اللهُ فرجَه) أكثر تطوّراً منَ الأجهزةِ الحاليّة. وسيأتي بعضُ الرواياتِ المؤيّدة.  التطوّرُ العُمراني:  يظهرُ مِن بعضِ الرواياتِ أنّه سيحصلُ تطوّرٌ عمرانيٌّ كبيرٌ في دولةِ الإمامِ المهدي عليهِ السلام، ففي الروايةِ عن الإمامِ الباقر (ع) - عن دولةِ القائمِ (عج) - : فلا يبقى في الأرضِ خرابٌ إلّا قد عمر. (کمالُ الدينِ للصّدوق، 331) وعن المُفضّلِ بنِ عُمر قالَ: سمعتُ أبا عبدِ الله عليهِ السلام يقولُ: إنَّ قائمَنا إذا قامَ أشرقَت الأرضُ بنورِ ربّها، واستغنى الناسُ ويعمّرُ الرّجلُ في مُلكِه حتّى يولدَ له ألفُ ذكرٍ لا تُولدُ فيهم أنثى، ويبني في ظهرِ الكوفةِ مسجداً له ألفُ باب، وتتّصلُ بيوتُ الكوفةِ بنهرِ كربلا وبالحيرة، حتّى يخرجَ الرّجلُ يومَ الجمعةِ على بغلةٍ سفواء يريدُ الجُمعةَ فلا يدركُها. (الغيبةُ للطوسي، ص468)    تطوّرُ الأسلحة:  رويَ عن أبانَ بنِ تغلب ، عن أبي عبدِ اللهِ عليهِ السلام قالَ : كأنّي بالقائمِ عليهِ السلام على نجفِ الكوفة ، وقد لبسَ درعَ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله ... ويركبُ فرساً أدهم بينَ عينيهِ شمراخ، فينتفضُ به انتفاضةً لا يبقى أهلُ بلادٍ إلّا وهُم يرونَ أنّه معهُم في بلادِهم، فينشرُ رايةَ رسولِ الله صلّى اللهُ عليهِ وآله عمودَها مِن عمودِ العرش، وسائرُها مِن نصرِ الله، لا يهوي بها إلى شيءٍ أبداً إلّا أهلكَه الله. (كاملُ الزياراتِ لابنِ قولويه، ص233) رويَ عن الإمامِ الباقرِ (ع) أنّه قالَ: لو قد خرجَ قائمُ آلِ محمّدٍ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) لنصرَه اللهُ بالملائكةِ المسومينَ والمُردفينَ والمُنزلينَ والكروبيّين، يكونُ جبرائيلُ أمامَه، وميكائيلُ عن يمينِه، وإسرافيلُ عن يسارِه، والرعبُ يسيرُ مسيرةَ شهرٍ أمامَه وخلفَه وعن يمينِه وعن شمالِه، والملائكةُ المقربونَ حذاه ... ومعهُ سيفٌ مُخترَط، يفتحُ اللهُ له الرّومَ والديلمَ والسندَ والهندَ وكابلَ شاه والخزر. (الغيبةُ للنّعماني، ص240). والأوّلُ إعجازيٌّ، والثاني طبيعيّ.  أمّا التطوّرُ الطبّيُّ:  تشيرُ الرواياتُ إلى حصولِ نقلةٍ نوعيّةٍ في التطوّرِ الطبّي، بحيثُ تختفي الكثيرُ منَ الأمراض، ويُقدّمُ الإمامُ عِلاجاً للكثيرِ مِنها، وتطولُ الأعمار، ففي الروايةِ عن أبي بكرٍ الحضرمي، عن أبي جعفرٍ عليهِ السلام قالَ: مَن أدركَ قائمَ أهلِ بيتي مِن ذي عاهةٍ برأ، ومِن ذي ضعفٍ قوي. (الخرائجُ والجرائح: 2 / 839). ورويَ عن عليٍّ بنِ الحُسين (عليهِ السلام) أنّه قال: إذا قامَ القائمُ أذهبَ اللهُ عن كلِّ مؤمنٍ العاهة، وردَّ إليهِ قوّتَه. (الغيبةُ للنّعماني، ص332) وتطولُ أعمارُ الناسِ بشكلٍ مُذهل، حيثُ رويَ عن الإمامِ الصّادقِ (عليهِ السلام) أنّه قالَ: إنَّ قائمَنا إذا قامَ أشرقَت الأرضُ بنورِ ربّها، واستغنى الناسُ، ويعمّرُ الرجلُ في مُلكِه حتّى يولدَ له ألفُ ذكرٍ، لا يولدُ فيهم أنثى. (الغيبةُ للطوسي، ص468) ويصلُ المؤمنونَ إلى القدرةِ على إحياءِ الموتى! رويَ عن الصادقِ (عليهِ السلام): إذا قامَ القائمُ (عليهِ السلام) استنزلَ المؤمنُ الطيرَ منَ الهواء، فيذبحُه، فيشويه، ويأكلُ لحمَه، ولا يكسرُ عظمةً، ثمَّ يقولُ له: إحيَ بإذنِ الله، فيحيا ويطير ... ويحيونَ - ويجتمعونَ - الموتى بإذنِ الله.  (دلائلُ الإمامة للطبري، ص462)ورويَ عن الإمامِ الحُسينِ بنِ علي (عليهما السلام): ولا يبقى رجلٌ مِن شيعتِنا إلّا أنزلَ [ اللهُ إليه ] ملكاً يمسحُ عن وجهِه الترابَ ويعرّفُه أزواجَه ومنازلَه في الجنّةِ ، ولا يبقى على وجهِ الأرضِ أعمىً ولا مُقعد ولا مُبتلى إلّا كشفَ اللهُ عنه بلاءَه بنا أهلَ البيت. (الخرائجُ والجرائح: 2 / 849).  إخراجُ خيراتِ الأرضِ وكنوزِها ونزولِ بركاتِ السماء: عن أميرِ المؤمنينَ (عليهِ السلام): وتخرجُ له الأرضُ أفاليذَ كبدِها ، وتُلقي إليهِ سلماً مقاليدَها، فيريكُم كيفَ عدلُ السيرة، ويحيي ميّتَ الكتابِ والسنّة. (نهجُ البلاغة: 2 / 22). أفاليذُ كبدِها: معادنُها وجواهرُها، إذ هيَ القطعُ التي تلفظُها وتخرجُ مِنها. ورويَ عن جابرٍ الأنصاري قالَ : سمعتُ رسولَ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله يقول: ...وإنَّ اللهَ تباركَ وتعالى سيُجري سُنّتَه في القائمِ مِن ولدي فيبلغُه شرقَ الأرضِ وغربَها حتّى لا يبقى منهلٌ ولا موضعٌ مِن سهلٍ ولا جبلٍ وطئَه ذو القرنينِ إلّا وطئَه، ويُظهرُ اللهُ عزَّ وجل له كنوزَ الأرضِ ومعادنَها، وينصرُه بالرّعب، فيملأ الأرضَ بهِ عدلاً وقسطاً كما مُلئَت جوراً وظُلماً. (كمالُ الدينِ للصّدوق، ص394) في حديثِ الأربعمائة قالَ أميرُ المؤمنينَ صلواتُ اللهِ عليه: بنا يفتحُ الله، وبنا يختمُ الله، وبنا يمحو ما يشاء، وبنا يُثبت، وبنا يدفعُ اللهُ الزمانَ الكَلِب، وبنا يُنزّلُ الغيثَ، فلا يغرنّكم باللهِ الغرور، ما أنزلَت السماءُ مِن قطرةٍ مِن ماءٍ منذُ حبسَه اللهُ عزَّ وجل، ولو قد قامَ قائمُنا لأنزلَت السماءُ قطرَها، ولأخرجَت الأرضُ نباتَها، ولذهبَ الشحناءُ مِن قلوبِ العباد، واصطلحَت السباعُ والبهائم حتّى تمشي المرأةُ بينَ العراقِ إلى الشامِ لا تضعُ قدميها إلّا على النبات، وعلى رأسِها زينتُها، لا يهيّجُها سبعٌ ولا تخافه. (الخصالُ للصّدوق، ص626) وعن رسولِ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآله): تفرّخُ (تفرحُ) الطيورُ في أوكارِها والحيتانُ في بحارِها ، وتمدُّ الأنهارُ ، وتفيضُ العيونُ وتنبتُ الأرضُ ضعفَ أُكلِها. (الاختصاصُ للمُفيد، ص208). رويَ عن الإمامِ الحُسينِ بنِ علي (عليهما السلام): ولتنزلنَّ البركةُ منَ السماءِ إلى الأرضِ حتّى أنَّ الشجرةَ لتقصفُ بما يريدُ اللهُ فيها منَ الثمر ، وليأكلنَّ ثمرةَ الشتاءِ في الصيفِ ، وثمرةَ الصيفِ في الشتاء وذلكَ قولُ اللهِ تعالى : ( ولو أنَّ أهلَ القُرى آمنوا واتّقوا لفتحنا عليهم بركاتٍ منَ السماءِ والأرض ولكِن كذّبوا ). (الخرائجُ والجرائح: 2 / 849).  انتشارُ الأمنِ في أرجاءِ المعمورة: فإنّه يقضي على الإرهابيّينَ ومنابعِ الشرِّ في العالم، بحيثُ ينتشرُ الأمنُ والأمانُ في أرجاءِ المعمورة. رويَ عن الإمامِ الباقرِ (عليهِ السلام): يقاتلونَ واللهِ حتّى يُوحّدَ اللهُ ولا يُشركُ به شيئٌ، وحتىّ تخرجَ العجوزُ الضعيفةُ منَ المشرقِ تريدُ المَغرِب ولا ينهاها أحد. (تفسيرُ العيّاشي: 2 / 61). في حديثِ الأربعمائة قالَ أميرُ المؤمنينَ صلواتُ اللهِ عليه: ولو قد قامَ قائمُنا لأنزلَت السماءُ قطرَها ... واصطلحَت السباعُ والبهائمُ حتّى تمشي المرأةُ بينَ العراقِ إلى الشامِ لا تضعُ قدميها إلّا على النباتِ، وعلى رأسِها زينتَها، لا يهيّجُها سبعٌ ولا تخافُه. (الخصالُ للصّدوق، ص626)   ترويضُ الحيوانات: تشيرُ الرواياتُ إلى تصالحِ الحيواناتِ فيما بينَها، فالسباعُ لن تعتدي على غيرِها، وسيتمُّ ترويضُ الحيوانات، وتوفيرُ رِزقها، بحيثُ لا تحتاجُ إلى الاعتداءِ على غيرِها. في حديثِ الأربعمائة قالَ أميرُ المؤمنينَ صلواتُ اللهِ عليه: ولو قد قامَ قائمُنا لأنزلَت السماءُ قطرَها ... واصطلحَت السباعُ والبهائمُ حتّى تمشي المرأةُ بينَ العراقِ إلى الشام لا تضعُ قدميها إلّا على النّبات، وعلى رأسِها زينتُها، لا يهيّجُها سبعٌ ولا تخافُه. (الخِصالُ للصّدوق، ص626) رويَ عن الصادق ِ(ع) أنّه قال: إذا قامَ القائمُ (عليهِ السلام) استنزلَ المؤمنُ الطيرَ منَ الهواء، فيذبحُه، فيشويهِ، ويأكلُ لحمَه، ولا يكسرُ عظمةً، ثمَّ يقولُ له: إحيَ بإذنِ الله، فيحيا ويطيرُ، وكذلكَ الظباءُ منَ الصحارى، ويكونُ ضوءُ البلادِ نورَه، ولا يحتاجونَ إلى شمسٍ ولا قمر، ولا يكونُ على وجهِ الأرضِ مؤذٍ، ولا شرٌّ، ولا إثم، ولا فسادٌ أصلاً، لأنَّ الدعوة سماويّةٌ، ليسَت بأرضيّةٍ، ولا يكونُ للشيطانِ فيها وسوسةٌ، ولا عملَ، ولا حسدَ، ولا شئٌ منَ الفساد، ولا تشوكُ الأرضُ والشجر، وتبقى زروعُ الأرضِ قائمةً، كلّما أخذَ مِنها شئٌ نبتَ مِن وقتِه، وعادَ كحالِه.. (دلائلُ الإمامةِ للطبري، ص462)  نشرُ المحبّةِ والسلامِ بينَ أفرادِ المُجتمع: في حديثِ الأربعمائة قالَ أميرُ المؤمنينَ صلواتُ اللهِ عليه: ولو قد قامَ قائمُنا ... ولذهبَ الشحناءُ مِن قلوبِ العباد، واصطلحَت السباعُ والبهائم حتّى تمشي المرأةُ بينَ العراقِ إلى الشامِ لا تضعُ قدميها إلّا على النّبات، وعلى رأسِها زينتُها، لا يُهيّجُها سبعٌ ولا تخافُه. (الخِصالُ للصّدوق، ص626) رويَ عن الإمامِ الباقرِ (عليهِ السلام): يقاتلونَ واللهِ حتّى يوحّدَ اللهُ ولا يُشرَكُ به شيءٌ ، وحتّى تخرُجَ العجوزُ الضعيفةُ منَ المشرقِ تريدُ المغربَ ولا ينهاها أحدٌ ، ويخرجُ اللهُ منَ الأرضِ بذرَها ، وينزّلُ منَ السماءِ قطرَها ، ويخرجُ الناسُ خراجَهم على رقابِهم إلى المهدي عليهِ السلام ، ويوسّعُ اللهُ على شيعتِنا ولولا ما يدركُهم ( ينجزُ لهم خ ل ) منَ السعادةِ لبغوا. (تفسيرُ العيّاشي: 2 / 61).رويَ عن الصّادقِ (ع) أنّه قالَ: إذا قامَ القائمُ (عليهِ السلام) .. ولا يكونُ على وجهِ الأرضِ مؤذٍ، ولا شرٌّ، ولا إثمٌ، ولا فسادٌ أصلاً، لأنَّ الدعوةَ سماويّةٌ، ليسَت بأرضيّة، ولا يكونُ للشيطانِ فيها وسوسةٌ، ولا عملٌ، ولا حسدٌ، ولا شيءَ منَ الفساد .. (دلائلُ الإمامةِ للطبري، ص462) وعن الباقر (ع): إذا قامَ القائمُ جاءَت المُزايلة، ويأتي الرجلُ إلى كيسِ أخيهِ فيأخذُ حاجتَه لا يمنعُه. (الاختصاصُ للمُفيد، ص24)  الانفتاحُ على عالمِ الملائكةِ والمخلوقاتِ الأخرى رويَ عن الصّادقِ (ع): ويصافحُ المؤمنونَ الملائكةَ. (دلائلُ الإمامة للطبري، ص463).وعن الإمامِ الرّضا (ع): إذا قامَ القائمُ، يأمرُ اللهُ الملائكةَ بالسلامِ على المؤمنينَ، والجلوسِ معَهم في مجالسِهم، فإذا أرادَ واحدٌ حاجةً أرسلَ القائمُ مِن بعضِ الملائكةِ أن يحملَه، فيحملُه الملكُ حتّى يأتيَ القائمَ ، فيقضي حاجتَه، ثمَّ يردُّه ومنَ المؤمنينَ مَن يسيرُ في السّحاب، ومِنهم مَن يطيرُ معَ الملائكة، ومِنهم مَن يمشي معَ الملائكةِ مشياً، ومِنهم من يسبقُ الملائكةَ، ومِنهم مَن تتحاكمُ الملائكةُ إليه، والمؤمنونَ أكرمُ على اللهِ منَ الملائكة، ومِنهم مَن يصيّرُه القائمُ قاضياً بينَ مائةِ ألفٍ منَ الملائكة. (دلائلُ الإمامةِ للطّبري، ص454). ورويَ عن الصّادقِ (ع): إنَّ للهِ مدينةً خلفَ البحرِ سعتُها مسيرةُ أربعينَ يوماً فيها قومٌ لم يعصوا اللهَ قط ولا يعرفونَ إبليسَ ولا يعلمونَ خلقَ إبليس نلقاهُم في كلِّ حينٍ فيسألونا عمّا يحتاجونَ إليه ويسألونا الدعاءَ فنعلّمُهم ويسألونا عن قائمِنا حتّى يظهرَ وفيهم عبادةٌ واجتهادٌ شديدٌ ولمدينتِهم أبوابٌ ما بينَ المِصراعِ إلى المصراعِ مائةُ فرسخٍ لهم تقديسٌ واجتهادٌ شديدان لو رأيتموهم لاحتقرتُم عملَكم يُصلّي الرجلُ مِنهم شهراً لا يرفعُ رأسَه مِن سجودِه طعامُهم التسبيحُ ولباسُهم الورقُ ووجوهُهم مُشرقةٌ بالنورِ إذا رأوا منّا واحداً لحسوهُ واجتمعوا إليهِ وأخذوا مِن أثرِه إلى الأرضِ يتبرّكونَ به لهم دويٌّ إذا صلّوا أشدُّ مِن دويّ الريحِ العاصفِ فيهم جماعةٌ لم يضعوا السلاحَ منذُ كانوا ينتظرونَ قائمَنا يدعونَ أن يُريهم إيّاه وعمرُ أحدِهم ألفُ سنةٍ إذا رأيتَهم رأيتَ الخشوعَ والاستكانةَ وطلبَ ما يقرّبُهم إليه إذا حبَسنا ظنّوا أنَّ ذلكَ مِن سخطٍ يتعاهدونَ الساعةَ التي نأتيهم فيها لا يسئمونَ لا يفترونَ يتلونَ كتابَ اللهِ كما علّمناهم وإنَّ فيما نعلّمُهم ما لو تُليَ على الناسِ لكفروا به ولأنكروهُ يسألوننا عن الشيءِ إذا وردَ عليهم منَ القرآنِ ولا يعرفونَه فإذا أخبرناهم به انشرحَت صدورُهم لِما يسمعونَ منّا ويسألونَ اللهَ طولَ البقاءِ وأن لا يفقدونا ويعلمونَ أنَّ المنّةَ منَ اللهِ عليهم فيما نعلّمُهم عظيمةٌ ولهم خرجةٌ معَ الإمامِ إذا قاموا يسبقونَ فيها أصحابَ السلاحِ منهم ويدعونَ اللهَ أن يجعلَهم ممَّن ينتصرُ به لدينِهم فيهم كهولٌ وشبّانٌ وإذا رأى شابٌ مِنهم الكهلَ جلسَ بينَ يديه جلسةَ العبدِ لا يقومُ حتّى يأمرَه لهم طريقٌ أعلمُ به منَ الخلقِ إلى حيثُ يريدُ الإمامُ فإذا أمرَهم الإمامُ بأمرٍ قاموا أبداً حتّى يكونَ هو الذي يأمرُهم بغيرِه لو أنّهم وردوا على ما بينَ المشرقِ والمغربِ منَ الخلقِ لأفنوهم في ساعةٍ واحدةٍ لا يختلُّ الحديدُ فيهم ولهُم سيوفٌ مِن حديدٍ غيرِ هذا الحديدِ لو ضربَ أحدُهم بسيفِه جبلاً لقدَّه حتّى يفصلَه يغزو بهم الإمامُ الهندَ والديلمَ والكركَ والتركَ والرومَ وبربرَ وما بينَ جابرسا إلى جابلقا وهُما مدينتانِ واحدةٌ بالمشرقِ وأخرى بالمغربِ لا يأتونَ على أهلِ دينٍ إلّا دعوهم إلى اللهِ وإلى الإسلامِ وإلى الإقرارِ بمُحمّدٍ صلّى اللهُ عليهِ وآله ومَن لم يُسلِم قتلوه حتّى لا يبقى بينَ المشرقِ والمغربِ وما دونَ الجبلِ أحدٌ إلّا أقرَّ. (بصائرُ الدرجاتِ للصفّار، ص510).  التطوّرُ والرخاءُ الاقتصادي: تشيرُ الأحاديثُ إلى حصولِ تطوّرٍ اقتصاديٍّ لا نظيرَ له في تاريخِ العالم، ويصلُ الناسُ إلى مرحلةِ الكفايةِ والغنى، بحيثُ أنّهم لن يجدوا مَن يأخذُ مِنهم الحقوقَ الشرعيّةَ كالزّكاةِ والخُمس، فلا فقرَ ولا فقراءَ في دولةِ الإمام. رويَ عن النبيّ (صلّى اللهُ عليهِ وآله): يكونُ في آخرِ أمّتي خليفةٌ يحثو المالَ حثواً لا يعدُّه عدّاً. (صحيحُ مُسلم: 3 / 317). ورويَ عن الإمامِ الباقرِ (عليهِ السلام): يقاتلونَ واللهِ حتّى يوحّدَ اللهُ ولا يُشرَكَ بهِ شيءٌ ، وحتّى تخرُجَ العجوزُ الضعيفةُ منَ المشرقِ تريدُ المغربَ ولا ينهاها أحدٌ ، ويُخرِجُ اللهُ منَ الأرضِ بذرها ، وينزّلُ منَ السماءِ قطرَها ، ويخرجُ الناسُ خراجَهم على رقابهِم إلى المهديّ عليهِ السلام ، ويوسّعُ اللهُ على شيعتِنا ولولا ما يدركُهم ( ينجز لهم خ ل ) منَ السعادةِ لبغوا. (تفسيرُ العياشي: 2 / 61). روى المُفضّلُ بنُ عُمر قالَ: سمعتُ أبا عبدِ الله عليهِ السلام يقولُ: إنَّ قائمَنا إذا قامَ أشرقَت الأرضُ بنورِ ربّها ...  وتُظهرُ الأرضُ كنوزَها حتّى تراها الناسُ على وجهِها، ويطلبُ الرجلُ منكم مَن يصلهُ بمالِه، ويأخذُ مِن زكاتِه، لا يوجدُ أحدٌ يقبلُ منهُ ذلك، استغنى الناسُ بما رزقَهم اللهُ مِن فضلِه. (الإرشادُ للمُفيد: 2 / 381).روى حمرانٌ عن أبي جعفرٍ عليهِ السلام أنّه قال: كأنّني بدينِكم هذا لا يزالُ مُتخضخِضاً يفحصُ بدمِه ، ثمَّ لا يردّهُ عليكُم إلّا رجلٌ مِنّا أهلَ البيت فيعطيكُم في السنةِ عطاءين، ويرزقُكم في الشهرِ رِزقين، وتؤتونَ الحِكمةَ في زمانِه حتّى أنَّ المرأةَ لتقضي في بيتِها بكتابِ اللهِ تعالى وسُنّةِ رسولِ اللهِ ( صلّى اللهُ عليهِ وآله ). (الغيبةُ للنّعماني، ص245) وروى عليٌّ بنُ عُقبة، عن أبيه قالَ: إذا قامَ القائمُ عليهِ السلام حكمَ بالعدل، وارتفعَ في أيّامِه الجور، وأمنَت بهِ السُّبل، وأخرجَت الأرضُ بركاتِها، وردَّ كلُّ حقٍّ إلى أهلِه، ولم يبقَ أهلُ دينٍ حتّى يظهروا الإسلامَ ويعترفوا بالإيمانِ، أما سمعتَ اللهَ تعالى يقول: ( ولهُ أسلمَ مَن في السماواتِ والأرضِ طوعاً وكرهاً وإليهِ يرجعون ) وحكمَ بينَ الناسِ بحُكمِ داود وحُكمِ مُحمّدٍ عليهما السلام، فحينئذٍ تظهرُ الأرضُ كنوزَها وتُبدي بركاتِها، فلا يجدُ الرّجلُ مِنكم يومئذٍ موضعاً لصدقتِه ولا لبرِّه لشمولِ الغِنى جميعَ المؤمنين. (الإرشادُ للمُفيد: 2 / 385).ورويَ عن الإمامِ الباقرِ (عليهِ السلام) أنّه قال: إذا قامَ قائمُ أهلِ البيتِ قسمَ بالسويّةِ، وعدلَ في الرعيّة، فمَن أطاعَه فقد أطاعَ الله ومَن عصاهُ فقد عصى الله، وإنّما سُمّيَ المهديُّ مهديّاً لأنّه يهدي إلى أمرٍ خفي، ويستخرجُ التوراةَ وسائرَ كُتبِ اللهِ عزَّ وجل مِن غارٍ بأنطاكية، ويحكمُ بينَ أهلِ التوراةِ بالتوراة، وبينَ أهلِ الإنجيلِ بالإنجيل، وبينَ أهلِ الزبورِ بالزبور، وبينَ أهلِ القرآنِ بالقرآن، وتجمعُ إليهِ أموالُ الدّنيا مِن بطنِ الأرضِ وظهرِها، فيقولُ للنّاسِ: تعالوا إلى ما قطعتُم فيهِ الأرحام، وسفكتُم فيهِ الدماءَ الحرام، وركبتُم فيه ما حرّمَ اللهُ عزَّ وجل، فيُعطي شيئاً لم يُعطَه أحدٌ كانَ قبلَه، ويملأ الأرضَ عدلاً وقِسطاً ونوراً كما مُلئَت ظُلماً وجوراً وشرّاً. (الغيبةُ للنّعماني، ص243). عن النبيّ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) قالَ: تُنعّمُ أمّتي في زمنِ المهديّ نعمةً لم يُنعّموا مِثلَها قط، ترسَلُ السماءُ عليهم مدراراً، ولا تُزرعُ الأرضُ شيئاً منَ النباتِ إلّا أخرجَته والمالُ كدوس، يقومُ الرجلُ فيقول: يا مهديّ أعطِني، فيقولُ خُذ. (الفتنُ لنعيمٍ بنِ حمّاد، ص223).  التطوّرُ الزراعيّ: رويَ عن الصّادقِ (ع) أنّه قال: إذا قامَ القائمُ (عليهِ السلام) .. ولا يكونُ على وجهِ الأرضِ مؤذٍ، ولا شرٌّ، ولا إثمٌ، ولا فسادٌ أصلاً، لأنَّ الدعوةَ سماويّةٌ، ليسَت بأرضيّة، ولا يكونُ للشيطانِ فيها وسوسةٌ، ولا عملٌ، ولا حسدٌ، ولا شيءٌ منَ الفساد، ولا تشوّكُ الأرضُ والشجر، وتبقى زروعُ الأرضِ قائمةً، كلّما أخذَ مِنها شيءٌ نبتَ مِن وقتِه، وعادَ كحالِه.. (دلائلُ الإمامةِ للطبري، ص462) عن النبي (صلّى اللهُ عليهِ وآله) قالَ: تُنعّمُ أمّتي في زمنِ المهديّ نعمةً لم يُنعّموا مِثلها قط، تُرسَلُ السماءُ عليهم مدراراً، ولا تُزرَعُ الأرضُ شيئاً منَ النباتِ إلّا أخرجَته والمالُ كدوسٌ، يقومُ الرجلُ فيقول: يا مهديُّ أعطني، فيقولُ خُذ. (الفتنُ لنعيمٍ بنِ حمّاد، ص223). وعن رسولِ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآله): تفرحُ الطيورُ في أوكارِها والحيتانُ في بحارِها ، وتمدُّ الأنهارُ ، وتفيضُ العيون، وتنبتُ الأرضُ ضعفَ أُكلِها. (الاختصاصُ للمُفيد، ص208).  يمتلئُ العالمُ سعادةً وفرحاً وسروراً ورضىً: نعيشُ في زمنٍ يمتلئُ بالحُزنِ والقهرِ والشقاء، فالفقرُ وعدمُ الأمانِ وضياعُ المُستقبلِ وغيرُها منَ الأسبابِ التي سلبَت السعادةَ والبسمةَ حتّى مِن وجوهِ الأطفال، ولكنَّ الإمامَ المهديَّ عجّلَ اللهُ فرجَه لمّا يظهرُ يملأ العالمَ سعادةً وفرحاً وسروراً ورضىً. رويَ عن النبيّ (صلّى اللهُ عليهِ وآله): أبشّرُكم بالمهديّ يُبعَثُ في أمّتي على اختلافٍ منَ الناسِ وزلزالٍ يملأ الأرضَ عدلاً وقسطاً كما مُلئَت جوراً وظُلما ً، يرضى عنهُ ساكنُ السماءِ وساكنُ الأرض. (الغيبةُ للطوسي، ص178). وفي روايةٍ: يفرحُ به أهلُ السماءِ والأرض. (دلائلُ الإمامةِ للطبري، ص468). وعن رسولِ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآله): تفرحُ الطيورُ في أوكارِها والحيتانُ في بحارِها ، وتمدُّ الأنهارُ ، وتفيضُ العيونُ، وتنبتُ الأرضُ ضعفَ أكلِها. (الاختصاصُ للمُفيد، ص208).  وغيرُها مِن جوانبِ التطوّرِ الذي لو تتبّعنا في الرواياتِ لعثَرنا على الكثيرِ منَ التصريحاتِ والإشاراتِ إليها، ولكن نكتفي بهذا المقدار.  والحمدُ للهِ ربِّ العالمين.