هل كان الامام علي يكشف عن ساقي الجارية قبل شرائها؟

يحاول البعض الانتقاص من قيمة أهل البيت ع من خلال ذكر بعض الأحداث، كفعل أمير المؤمنين ع في شراء الجواري، حيث ذكر بانه عليه السلام كان يكشف عن ساقي الجارية قبل شرائها، فنرجو بيان الحق في هذه المسألة؟

:

ما ذكرَه صاحبُ الإشكالِ - وهوَ أنَّ أميرَ المؤمنينَ إذا أرادَ أن يبتاعَ جاريةً يكشفُ عن ساقيها -  يبتني على نوعٍ منَ الاستغفالِ لجمهورٍ لا يعرفُ الأحكامَ الشرعيّةَ ويمارسُ عمليّةَ الخلطِ بينَ ما يقومُ به الإمامُ أو النبيّ عليهما السّلام مِن أفعالٍ ليكونَ تقريراً لمعرفةِ الأحكامِ وبينَ ما يعتبرُه عيباً أخلاقيّاً ! !. فالإمامُ عليهِ السلام يُبيّنُ الأحكامَ قوليّاً وعمليّاً وهوَ أمرٌ مفروغٌ منه بعدَ إقامةِ الحُججِ القطعيّة على العصمةِ فيهم وأمّا النفوسُ المريضةُ فيستثيرُها الرّيبُ والشكوكُ لأقلِّ الذرائع .  فالعمليّةُ مهما حاولَ الناصبُ التطبيلَ لها هيَ عمليّةُ شراءٍ وكلُّ العقلاءِ يفحصونَ الحاجةَ قبلَ الشراءِ وإلّا فأيُّ نقصٍ وعيبٍ في مثلِه ممّا يتحمّلُ المُشتري مسؤوليّتَه وقد يُقالُ إنّها امرأةٌ فالجوابُ أنّه قد عرفَ بينَ الفقهاءِ تبعاً للشرائعِ الإلهيّةِ أنّه يجوزُ لمَن يُقدِمُ على الزواجِ أن يرى صاحبتَه فيرى محاسِنها فكيفَ إذا كانَت مُلكَ يمين قد أجمعَ المسلمونَ على جوازِ الشراءِ والبيعِ فيهم وفي العبيدِ فهوَ حُكمٌ عامٌّ وإن كانَ الذوقُ الحاليُّ لا يستسيغُه لكنَّه لا يعني قُبحَه الذاتيَّ إطلاقاً وكانَ مُتعارفاً في الأممِ ولفتراتٍ قريبة. فالأحكامُ الخاصةُ بالجواري لا علاقةَ لها بالواقع الذي يعيشهُ المسلمُ المعاصر، ومن هنا قد يكونُ من الصّعبِ على المسلم المعاصرِ تفهّمُ تلكَ الاستثناءات؛ وذلكَ لوجود تباينٍ ثقافي واجتماعي كبيرٍ بينَ المرحلتين، فقد تكونُ الحِكمةُ من ذلك التشريع واضحةً في تلك الفترةِ التاريخية إلا أنها غامضةٌ بالنسبةِ لهذا العصر، هذا بالإضافةِ الى ما أشرنا إليهِ من أنّ الإمامَ عليه السلام مسؤولٌ عن بيانِ الأحكامِ الشرعيةِ لسائرِ المكلفين.إلّا أنَّ المُستشكلَ أرادَ أن يستغفلَ قليلي الاِطّلاعِ والمعرفةِ منَ القُرّاءِ بل يشحنَ فيهم روحَ التمرّدِ على حُججِ اللهِ والتسليمَ لهم.  قالَ الفقيهُ الطباطبائي في كتابِ الفتوى المعروفِ ب العروةِ الوثقى : و كذا يجوزُ النظرُ إلى جاريةٍ يريدُ شراءَها  و إن كانَ بغيرِ إذنِ سيِّدها. و الظاهرُ اختصاصُ ذلكَ بالمُشتري لنفسِه، فلا يشملُ الوكيلَ و الولي .  وهوَ كتابٌ فتوائيٌّ لجميعِ المُكلّفين . انتهى فمِن أينَ يعرفُ هؤلاءِ الفقهاءُ هذهِ الأحكامَ لولا أقوالِ حُججِ اللهِ وأفعالهم ؟ وسوفَ نضعُ في هذا البابِ بعضَ الرواياتِ ذاتِ العلاقة  ولكن أوّلاً سوفَ ترى منَ الأسئلةِ الموجّهةِ للأئمّةِ عليهم السّلام حجمَ المشاكلِ التي يجدونها في شراءِ الجواري نتيجةً لقلّةِ الفحصِ  أو تغريرِ المُشتري بها قبلَ البيع .  الكافي (ط - الإسلاميّة)؛ ج‌5، ص: 215 فعن حُمَيد عَنِ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدٍ عَن غَيرِ وَاحِدٍ عَن أَبَانٍ عَن عَبدِ الرَّحمَنِ بنِ أَبِي عَبدِ اللَّهِ عَن أَبِي عَبدِ اللَّهِ ع عَنِ الرَّجُلِ يَشتَرِي الجَارِيَةَ فَيَقَعُ عَلَيهَا فَيَجِدُهَا حُبلَى قَالَ يَرُدُّهَا وَ يَرُدُّ مَعَهَا شَيئاً. وعن أَبَان عَن مُحَمَّدِ بنِ مُسلِمٍ عَن أَبِي جَعفَرٍ ع فِي الرَّجُلِ يَشتَرِي الجَارِيَةَ الحُبلَى فَيَنكِحُهَا وَ هُوَ لَا يَعلَمُ قَالَ يَرُدُّهَا وَ يَكسُوهَا. وعن عَلِي بن إِبرَاهِيمَ عَن أَبِيهِ عَنِ ابنِ أَبِي عُمَيرٍ عَن جَمِيلِ بنِ دَرَّاجٍ عَن بَعضِ أَصحَابِنَا عَن أَبِي عَبدِ اللَّهِ ع فِي رَجُلٍ اشتَرَى جَارِيَةً فَأَولَدَهَا فَوُجِدَت مَسرُوقَةً قَالَ يَأخُذُ الجَارِيَةَ صَاحِبُهَا وَ يَأخُذُ الرَّجُلُ وَلَدَهُ بِقِيمَتِهِ.  وعن مُحَمَّد بن يَحيَى عَن أَحمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ عَمَّن حَدَّثَهُ عَن زُرعَةَ بنِ مُحَمَّدٍ عَن سَمَاعَةَ قَالَ: سَأَلتُ أَبَا عَبدِ اللَّهِ ع- عَن رَجُلٍ بَاعَ جَارِيَةً عَلَى أَنَّهَا بِكرٌ فَلَم يَجِدهَا عَلَى ذَلِكَ قَالَ لَا تُرَدُّ عَلَيهِ وَ لَا يُوجَبُ عَلَيهِ شَي‌ءٌ إِنَّهُ يَكُونُ يَذهَبُ فِي حَالِ مَرَضٍ أَو أَمرٍ يُصِيبُهَا.فالأدلةُ وإن أجازتِ النظرَ للجاريةِ، إلا أنها مقيدةٌ بكونهِ يريدُ شراءها، كما جاز لمن أرادَ الزواجَ ان ينظرَ الى من يريدُ أن يتزوّجها، هذا أولاً، وثانياً يجبُ أن يكون النظرُ من دون تلذذ، وإلا فلا يجوز، كما نصَّ على ذلك الفقهاءُ، قال السيدُ الخوئي (ره) في مبحثِ جواز النظر الى الجارية عند شرائها ما نصّهُ: "وتدلّ عليه الآيةُ الكريمة (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ). فإنّها تدلّ على لزوم كفِّ النظر الذي هو بمعنى الانصرافِ عن الشيء تماماً فتدلُّ على حرمةِ جميع أنواع الاستمتاع من المرأةِ ما عدا المملوكةِ والزوجة. وعليهِ فإذا ثبتَ من الخارج جوازُ النظر إلى بعض أعضاءِ المرأة، عُلم أنّ المرادَ من ذلك إنما هو النظرُ البحتُ لا المشوبُ بنوعٍ من الاستمتاعِ والتلذّذ". كتابُ النكاح - السيد الخوئي - ج ١ - الصفحة ٣٧.