هل بكاءُ عائشةَ وندمُها بعدَ معركةِ الجملِ مِن أجلِ خسارتهِا أو لأجلِ شيءٍ آخر؟

عندما قامت عائشة بنت أبي بكر بجمع كل خيول بني أميّة ومرتديها ، وحاربت أمير المؤمنين عليه السلام خليفة رسول الله ، يقال أنّها قامت تبكي ؛ فهل أنّ بكائها لخسارتها المعركة أم لشيء آخر ندمت على فعلتها ؟

: السيد رعد المرسومي

السلامُ عليكُم ورحمةُ الله،

هناكَ رواياتٌ مِن طرقِ العامّةِ يُزعم فيها أنّ عائشةَ ندمَت على خروجِها في حربِ الجمل، وأنّها كانَت تريدُ الإصلاحَ بينَ المُسلمين، وغيرها منَ المسوّغاتِ الواهيةِ التي لجأ إليها المُخالفونَ ولا يزالونَ يلجؤون إليها لتلميعِ صورةِ الصّحابةِ الذيَن وقفوا صراحةً موقفاً سلبيّاً ضدّ أميرِ المؤمنينَ وحاربوه، ظنّاً مِنهم أنّ ذلكَ ينفعُ في تمريرِ ما يريدونَ تمريرَه على المُسلمين، حتّى يبقى الواقعُ كما هوَ عليه، ونسوا أو تناسوا أنّ الحقَّ سيظهرُ ولو بعدَ حين، ولذا كانَ موقفُ الشيعةِ الإماميّةِ واضحاً تجاهَ عائشة، وبيّنوا أنّها استمرَّت في عدائِها ومُخالفتِها لأميرِ المؤمنينَ عليهِ السلام، ولهم في ذلكَ عدّةُ أدلّة، نذكرُ منها ما أوردوهُ عن محمّدٍ بنِ إسحاق عن جُنادةَ أنَّ عائشةَ لمّا وصلَت إلى المدينةِ راجعةً منَ البصرة لم تزَل تحرّضُ الناسَ على أميرِ المؤمنينَ (عليهِ السلام)، وكتبَت إلى معاويةَ وأهلِ الشام معَ الأسودِ بنِ أبي البختري تحرّضُهم عليه صلواتُ اللهِ عليه. ورويَ عن مسروق أنّه قالَ : دخلتُ على عائشةَ فجلستُ إليها فحدّثتني واستدعَت غلاماً لها أسوداً يقالُ له عبدُ الرحمانِ فجاءَ حتّى وقفَ فقالت : يا مسروق أتدري لمَ سمّيتُه عبدَ الرحمان ؟ فقلتُ : لا . فقالت حبّاً منّي لعبدِ الرحمانِ بنِ ملجم. فأمّا قصّتُها في دفنِ الحسنِ (عليهِ السلام)، فمشهورةٌ حتّى قالَ لها عبدُ الله بنُ عباس: يوماً على بغلٍ ؟ ! ! ويوماً على جمل ؟ ! ! فقالت : أوما نسيتُم يومَ الجملِ يا ابنَ عبّاس إنّكم لذووا أحقادٍ ؟!. [ ينظر: بحارُ الأنوار، ج ٣٢، العلّامةُ المجلسي، ص ٣٤٢، الاقتصادُ، الشيخُ الطوسي، ص ٢٥١، الشافي في الإمامةِ، ج ٤، الشريفُ المُرتضى، ص ٣٥٦، وغيرُها منَ المراجع]. وللشيخِ المُفيدِ رحمَه اللهُ كتابٌ صغيرٌ مطبوعٌ ، اسمُه : « الكافئةُ في إبطالِ توبة الخاطئة» يثبتُ أنّ عائشةَ لم تتب. ومِن هُنا فقد يكونُ بكاؤها لأجلِ خسارتِها الحرب، خصوصاً أنّها لم تُحقّق ما كانَت تصبو إليه، فضلاً عمّن قُتلَ معها في تلكَ الحربِ التي هيَ كانت أحدَ أسبابِ تأجيجها. ودمتُم سالِمين.