امتثال النبي (ص) أمر الله تعالى في اختيار الصحابة الصالحين

أنور سعيد/ : نحن أهل السنة نقول إن النبي صلى الله عليه وسلم امتثل أمر الله ولم يصاحب إلا الصالحين واجتنب نهيه وترك صحبة الأشرار؛ بذلك يتبين الأمر جلياً لمن كان له قلب أن الرافضة اتهموا النبي صلى الله عليه وسلم بعدم إطاعة أوامر الله لكونه كما يزعمون أنه صاحب الفجار، بل تزوج منهم وتزوجوا منه، ولا ننسى أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير»، وهذا فيه تنبيه من النبي للصحابة أن لا يصاحبوا إلا الصالحين؛ فهل بالله عليكم النبي صلى الله عليه وسلم يقول ما لا يفعل، ويصاحب المفسدين، والله ذم من يقول ما لا يفعل، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾.

: اللجنة العلمية

الأخ أنور .. السلام عليكم

 تنبغي الإشارة هنا بأن النبي الأقدس  (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يُراعي الكم دون النوع في دعوته الناس للإسلام، ومن هنا نراه يمتنع عن قتل حتى المنافق الظاهري المُعلن للنفاق فضلاً عن المنافق الخفي غير المعلن، وكلامه معلوم مشهور عندما واجهه ابن أبي سلول بقوله: لو رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل. فقال عمر بن الخطاب يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق. فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): دعه لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه. صحيح البخاري ج6 ص 66.

  فأصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)  لم يكن كلهم على نمط واحد، ففيهم الصالح وفيهم من هو دون ذلك، ولو رجعنا إلى سورة التوبة لوجدنا  تقسيماً واضحاً لحال الأصحاب, فاقرأوا الآيات 102 و106 و107 من سورة التوبة حتى تقفوا على التقسيم الإلهي لواقع الأصحاب وما هم عليه. 

وإذا قرأنا قوله تعالى: {ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم} التوبة الآية 101، يكون الأمر واضحاً في عدم جواز التمسك بعمومات تعديل الصحابة، سواءا الواردة منها في القرآن أو السنة، خاصة إذا ضممنا إليه قول النبي الأقدس (صلى الله عليه وآله وسلم)  في صحيح مسلم ج8 ص 122: (في أصحابي إثنا عشر منافقاً فيهم ثمانية لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط).

 فهذا العلم الإجمالي بوجود المنافقين في أصحاب رسول الله يمنع من التمسك بعمومات التعديل ويكون حملها على العموم المجموعي لا الجمعي، أي القول بخيرية مجموع الصحابة بما هم مجموع لا القول بخيريتهم فرداً فرداً، فالقول بخيريتهم فرداً فرداً منافي للقرآن والسنة الصحيحة, بل منافي لما هو ثابت من وقوع المعاصي والكبائر من بعضهم.

 فهاهو التفتازاني من كبار علماء الأشاعرة يقول في كتابه (شرح المقاصد) ج2 ص 306: ((وأما ما وقع بين الصحابة من المحاربة والمشاجرات على الوجه المسطور  في كتب التواريخ، والمذكور على ألسنة الثقات يدل بظاهره على أن بعضهم قد حاد عن طريق الحق، وبلغ حد الظلم والفسق،  وكان الباعث له الحقد والحسد واللداد والرياسة والميل إلى اللذات والشهوات)).

  وعن الشيخ ابن عثيمين من كبار علماء السلفية في كتابه (شرح العقيدة الواسطية) ج2 ص 292 في حديثه عن الصحابة يقول: ((ولا شك  أنه قد حصل من بعضهم سرقة وشرب خمر وقذف وزنى بإحصان وزنى بغير إحصان)).

وعليه فالقول بأن أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كلهم أخيار أبرار مناقض للقرآن والسنة الصحيحة والسيرة المعلومة عنهم,  فلا داعي للتمسك بأمور لا واقع لها والتغريد بما لا محصل علمي له.