ممكن توضيح العلاماتِ الحتميّةِ للظهور بالتسلسل؟

أيمكنُ ترتيبُ العلاماتِ الحتميّةِ للظهور: (اليمانيُّ، السفيانيّ، الصيحةُ، قتلُ النفسِ الزكيّة، الخسفُ بالبيداء) حسبَ الأقربِ للظهورِ بالتسلسل؟

: - اللجنة العلمية

السلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه،إنّ ترتيبَ بعضِ العلاماتِ واضحٌ، كاليمانيّ والسُّفيانيّ الذينِ يكونُ خروجُهما مقرونينَ مع بعضِهما، كما أنّ الخسفَ بالبيداءِ يكونُ بعد خروجِهما؛ باعتبارِ أنَّ الذي يُخسَفُ في البيداءِ هوَ جيشُ السُّفيانيّ، فيكونُ خروجُه مُتقدّماً على الخسفِ بجيشِه كما هوَ واضحٌ. وإنّما الكلامُ في تحديدِ توقيتِ الصيحةِ والخسفِ وما يكونُ قبلَهما وبعدَهما منَ العلاماتِ، فنقولُ:  أوّلاً: تقارن خروجُ اليمانيّ والسفيانيّ:  فقد جاءَت عدّةُ رواياتٍ تبيّنُ تقارنَ خروجِهما، كما جاءَت رواياتٌ أخرى تبيّنُ أنّ خروجَ السُّفيانيّ يكونُ في شهرِ رجب، وهذهِ بعضُها:  روى الشيخُ النُّعمانيّ في [الغيبةِ ص264] بالإسنادِ عن أبي بصيرٍ، عن أبي جعفرٍ محمّدٍ بنِ عليّ (عليهما السلام) أنّه قالَ: « خروجُ السفيانيّ واليمانيّ والخراسانيّ في سنةٍ واحدة، في شهرٍ واحد، في يومٍ واحد ». وروى في [الغيبةِ ص317] بالإسنادِ عن هشامٍ بنِ سالم، عن أبي عبدِ الله (عليهِ السلام) أنّه قال: « اليمانيُّ والسفيانيُّ كفرسي رهان ».  وروى الشيخُ الصدوقُ في [كمالِ الدين ص652] بالإسنادِ عن المُعلّى بنِ خنيس، عن أبي عبدِ الله (عليهِ السلام): « إنّ أمرَ السفيانيّ منَ المحتوم، وخروجَه في رجب ». وروى النعمانيُّ في [الغيبة ص313] بالإسنادِ عن خلادٍ الصائغ، عن أبي عبدِ الله (عليهِ السلام): «السفيانيُّ لا بدّ منه، ولا يخرجُ إلّا في رجب ». ثانياً: الخسفُ بالبيداء:  منَ الواضحِ أنّه مُتأخّرٌ زماناً عن خروجِ السفيانيّ واليمانيّ، كما أنّه مُتأخّرٌ عن الصيحةِ وقتلِ النفسِ الزكيّة ـ كما سيأتي بيانُه ـ وذلكَ أنّها تقعُ قُبيلَ الظهورِ بفترةٍ زمنيّةٍ وجيزةٍ جدّاً..  روى الشيخُ النعمانيّ في [الغيبة ص288] بالإسنادِ عن جابرٍ بنِ يزيد الجُعفي ، قالَ: قالَ أبو جعفرٍ محمّدٌ بنُ عليٍّ الباقرِ (عليهِ السلام): ... فينزلُ أميرُ جيشِ السُّفيانيّ البيداءَ، فيُنادي مُنادٍ منَ السماء: يا بيداءُ، بيدي القومَ، فيُخسفُ بهم، فلا يفلتُ منهُم إلّا ثلاثةُ نفر، يحوّلُ اللهُ وجوهَهم إلى أقفيتِهم، وهُم مِن كلب، وفيهم نزلَت هذهِ الآيةُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلنَا مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبلِ أَن نَّطمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَىٰ أَدبَارِهَا} الآيةُ. قالَ: والقائمُ يومئذٍ بمكّةَ قد أسندَ ظهرَهُ إلى البيتِ الحرام مُستجيراً به، فيُنادي: يا أيّها الناسُ، إنّا نستنصرُ اللهَ فمَن أجابَنا منَ الناسِ فإنّا أهلُ بيتِ نبيّكم محمّدٍ (صلّى اللهُ عليهِ وآله)..  قالَ: فيجمعُ اللهُ عليهِ أصحابَه ثلاثمائة وثلاثةَ عشرَ رجلاً، ويجمعُهم اللهُ له على غيرِ ميعادٍ قزعاً كقزعِ الخريف.. ». روى ابنُ حمّاد المروزيّ في [الفتنِ ص215] عن الإمامِ الباقرِ (عليهِ السلام) قالَ: «إذا سمعَ العائذُ الذي بمكّةَ بالخسفِ خرجَ معَ إثني عشرَ ألفاً، فيهم الأبدالُ حتّى ينزلوا إيليا، فيقولُ الذي بعثَ الجيشَ حينَ يبلغُه الخبرُ بإيليا: لعمرُ اللهِ لقد جعلَ اللهُ في هذا الرجلِ عبرةً، بعثتُ إليهِ ما بعثت فساخوا في الأرضِ، إنَّ هذا لعبرة وبصيرة.. ».  وهاتانِ الروايتانِ وغيرُها ظاهرةٌ في أنّ الفاصلةَ الزمنيّةَ بينَ الظهورِ المُقدّسِ وبينَ الخسفِ بالبيداءِ هيَ فترةٌ زمنيّةٌ قصيرةٌ جدّاً، وهيَ المُدّةُ الزمنيّةُ التي يستغرقُها الناجي منَ البيداءِ للوصولِ إلى مكّةَ وإخبارِ الإمامِ (عليهِ السلام)، وحينئذٍ يقومُ الإمامُ (سلامُ اللهِ عليه). ويبدو أنّ البيداءَ تقعُ على بُعدِ ميلٍ مِن ذي الحليفة ـ ميقاتِ أهلِ المدينة ـ الذي يبعدُ عن مكّةَ قُرابةَ 330 كم، فالفترةُ الزمنيّةُ هيَ فترةُ وصولِ هذا الناجي منَ الخسفِ إلى مكّة، فربّما يستغرقُ لحظاتٍ لو كانَ بطريقٍ إعجازيّ، أو 4ـ5 ساعات لو ذهبَ بسيّارةٍ، أو أقل لو ذهبَ بهليكوبتر ونحوه، أو أكثرَ لو ذهبَ مشياً.  ثالثاً: الصّيحةُ السماويّة:  تكونُ الصّيحةُ السماويّةُ بعدَ خروجِ السفيانيّ بفترةٍ كما يُستفادُ مِن جُملةٍ منَ الروايات، نذكرُ منها:  روى الشيخُ الصّدوقُ في [كمالِ الدين ص653] بالإسنادِ عن أبي حمزةَ الثماليّ أنّه سألَ الإمامَ الباقرَ (عليهِ السلام)، قالَ: « فقلتُ له: كيفَ يكونُ النداء؟ قال: يُنادي منادٍ منَ السماءِ أوّلَ النهارِ: ألا إنَّ الحقَّ في عليٍّ وشيعتِه، ثمّ يُنادي إبليسُ (لعنَه الله) في آخرِ النهار: ألا إنّ الحقّ في السفيانيّ وشيعتِه، فيرتابُ عندَ ذلكَ المُبطلون ». وروى في [كمالِ الدينِ ص652] بالإسنادِ عن الحارثِ بنِ المُغيرة عن أبي عبدِ الله (عليهِ السلام) قالَ: « الصيحةُ التي في شهرِ رمضان تكونُ ليلةَ الجُمعة لثلاثٍ وعشرينَ مضينَ مِن شهرِ رمضان »، وغيرُها.ووجهُ التقريبِ: أنّ الصّيحةَ الإبليسيّةَ تكونُ في السفيانيّ وهذا يقتضي أنّه خرجَ، كما أنّ الصّيحةَ تكونُ في شهرِ رمضان بينَما يكونُ خروجُ السفيانيّ في شهرِ رجب، فيُستنتجُ منها أنَّ الصّيحةَ تكونُ بعدَ خروجِ السفيانيّ؛ إذ الالتزامُ بأنّها تكونُ في شهرِ رمضان قبلَ خروجِ السفيانيّ الذي يظهرُ في شهرِ رجب يلزمُه أن تسبقَ الصيحةُ خروجَ السفيانيّ 11 شهراً، وهوَ بعيد.نعم، توجدُ رواياتٌ أخرى قد يُستفادُ مِنها أنّ الصّيحةَ هيَ أولى العلاماتِ ـ كما في روايةِ النعمانيّ في [الغيبةِ ص301] ـ، أو أنّها آخرُ العلامات ـ كما في روايةِ النعمانيّ في [الغيبة ص269] والصّدوقُ في [كمالِ الدين ص330]. وفيها نقاشٌ لا يسعُه المقام.  رابعاً: قتلُ النفسِ الزكيّة:  وهذه العلامةُ تكونُ بعدَ خروجِ السفيانيّ واليمانيّ والصيحةِ، وتكونُ قُبيلَ الظهورِ بخمسةَ عشرَ ليلة..  قد روى الشيخُ الصدوقُ في [كمالِ الدين ص649] بإسنادِه عن أبي عبدِ الله الصادقِ (عليهِ السلام) قال: « ليسَ بينَ قيامِ قائمِ آلِ محمّدٍ وبينَ قتلِ النفسِ الزكيّةِ إلّا خمسةَ عشرَ ليلة ».   الخلاصةُ:  الظاهرُ أنّ علاماتِ الظهورِ الخمسةِ الحتميّةِ تكونُ على هذا النحو:  اليمانيُّ والسفيانيّ، ثمّ الصّيحةُ، ثمَّ قتلُ النفسِ الزكيّة، ثمَّ الخسفُ بالبيداء.