هل رؤيةُ الإمامِ ومُشاهدتُه والتشرّفُ باللقاءِ به أمرٌ مُتاحٌ للجميع ؟

دائما ولايذهب من تفكيري متحيرًا في مسألة رؤية الإمام المهدي عند ظهوره ، هل ان عامة الناس ترى الامام صلوات الله عليه ، هل رؤية الإمام ومشاهدته والتشرف باللقاء به أمرٌ متاح للجميع، وممكن لكل أحد،، في دعائنا الى الله : اللهم أرني الطلعة الرشيدة والغرة الحميدة واكحل ناظري بنظرة مني إليه ، جميعنا ندعو الى الله بتوفيقنا لرؤية الامام لكن من انا حتى اتوفق لهذه الظاهرة العظيمة؟ من انا حتى اسلم على الامام عند خروجه؟ ، وهل يسمح لي بذلك؟ وهناك موانع كثيرة تعثر لقائي مع الامام سلام الله عليه

: الشيخ معتصم السيد احمد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :  يبدو أنَّ الذي دفعَ السائلَ لهذا النوعِ منَ التفكيرِ هوَ عظيمُ حبِّه واحترامهِ لصاحبِ العصرِ والزمان، حيثُ لم يرَ في نفسِه الأهليّة التي يستحقُّ معها التشرّفَ برؤيتِه أو مُخاطبتِه والتحدّث معه، ويبدو أنَّ هذا الإحساسَ وإن كانَ ضروريّاً لكي لا يُزكّي الإنسانُ نفسَه على الله، إلّا أنّه يجبُ ألّا يكونَ سبباً في القنوطِ مِن رحمةِ اللهِ تعالى، فلولا فضلُ اللهِ ورحمتُه لما جازَ للإنسانِ حتّى الدعاءُ ومُخاطبة الله، فمَن هوَ الإنسانُ وما هوَ عظيمُ قدرِه في قبالِ اللهِ حتّى يستحقَّ هذهِ الكرامة؟ فاللهُ بفضلِه هوَ الذي تكرّمَ على الإنسانِ وسمحَ له بمُناجاتِه ومُخاطبتِه في جميعِ حاجاتِه حيثُ قالَ: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادعُونِي أَستَجِب لَكُم)، فالعبدُ في العادةِ وهوَ الذي يستجيبُ لطلباتِ سيّدِه، ومعَ ذلكَ فإنَّ اللهَ برحمتِه هو الذي وعدَ عبادَه باستجابةِ الدّعاء، وعليهِ فالعبادةُ فضلٌ منَ اللهِ على الإنسانِ وليسَت فضلاً منَ الإنسان، ومهما بلغَ الإنسانُ منَ العلمِ والمعرفةِ لا يمكنُه أن يقدّرَ اللهَ حقَّ قدرِه ولا يعرفه حقَّ معرفتِه، قالَ تعالى: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدرِهِ وَالأَرضُ جَمِيعًا قَبضَتُهُ يَومَ القِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ۚ سُبحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشرِكُونَ)، ومِن هُنا فالإنسانُ بنفسِه ومِن ذاتِه ليسَ أهلاً لذلك، وإنّما اللهُ هوَ أهلُ الفضلِ والكرمِ والرحمة، ولولا ذلكَ الفضلُ لكانَ الإنسانُ في خسرانٍ مُبين، قالَ تعالى: (فَلَولَا فَضلُ اللَّهِ عَلَيكُم وَرَحمَتُهُ لَكُنتُم مِّنَ الخَاسِرِينَ)، وعليهِ فإنَّ فضلَ اللهِ ورحمتَه هيَ التي تجعلُ الإنسانَ في حالةٍ منَ التطلّعِ والتوقّعِ لِما يُفيضُه اللهُ مِن نعمٍ على الإنسان. وعندَما بعثَ اللهُ حبيبَه وأعظمَ خلقِه؛ رسولَ اللهِ محمّد (صلّى اللهُ عليه وآله) لم يبعَثه لجماعةٍ دونَ جماعةٍ وإنّما جعلَه لجميعِ البشرِ مَن يستحقُّ ذلكَ الشرفَ ومَن لم يستحقّه، فكما كانَ رسولاً للإمامِ عليّ (عليهِ السلام) كانَ رسولاً لكُفّارِ قُريش أيضاً، وقد خالطهُ الجميعُ وصاحبَه البرُّ والفاجر، ومِن هُنا مُجرّدُ التشرّفِ بالرؤيةِ والمُصحابةِ لأولياءِ اللهِ ليس دليلاً على رِضا اللهِ ومحبّتِه، وإنّما الإيمانُ بهم والإخلاصُ لهم هوَ الذي يُحدّدُ مكانةَ الإنسانِ وموضعَه منهم، فالرؤيةُ البصريّةُ مُتحقّقةٌ للجميعِ ولكنَّ الرّؤيةَ القلبيّةَ خاصّةٌ فقط بالمؤمنينَ، وعندَ ظهورِ صاحبِ العصرِ والزمان سيراهُ الجميعُ دونَ فرقٍ بينَ المؤمنِ والكافر، إلّا أنَّ المؤمنَ هو الذي يستضيئُ بنورِه وينعمُ ببركاتِه، أمّا الكافرُ والجاحدُ لا يزدادُ إلّا بُعداً وحرماناً، قالَ تعالى: (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعلَمُونَ أَنَّهُ الحَقُّ مِن رَّبِّهِم ۖ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلًا ۘ يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهدِي بِهِ كَثِيرًا ۚ وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الفَاسِقِينَ) ومِن ذلكَ يمكنُنا القولُ أنَّ التشرّفَ برؤيةِ الإمامِ المهدي (عليهِ السلام) في وقتِ ظهورِه ستكونُ خاصّةً بمَن عرفَ حقَّ قدرِه، وأمّا الجاحدونَ لإمامتِه والناكرونَ لفضلِه فحتّى لو شاهدوهُ بأبصارِهم إلّا أنَّ قلوبَهم محجوبةٌ عنه.