هل هناكَ روايةٌ تقولُ أنّ أميرَ المؤمنينَ (عليهِ السلام) تزوّجَ بعدَ وفاةِ فاطمةَ الزهراءِ بتسعِ ليال؟

: السيد رعد المرسومي

السلامُ عليكُم ورحمة الله،الظاهر أنّه لا توجد رواية عن أئمّة أهل البيت (ع) في تحديد مدّة زواج أمير المؤمنين (ع) بعد استشهاد الزهراء (ع)، ولم نرَ من يحدّد هذه المدّة سوى بعض المشايخ المتأخّرين كالشيخ عليّ النمازيّ الشاهروديّ في كتابه (مستدرك سفينة البحار) (ج4/ص336)، إذْ يقول: تزوج أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بعد وفاة فاطمة الزهراء (ع) بتسع ليال وتوفي عن أربعة : أمامة وأمها زينب ، وأسماء ، وليلى التميمية، وأم البنين، ثمَّ وجدنا الشيخ ابن شهر آشوب، في كتابه المناقب، (ج ٣/ص ٣٠٥)، والعلامة المجلسيّ في كتابه بحار الأنوار (ج42/ص94) يذكران مصدر هذه القضيّة، إذْ قالا: (وفي قوت القلوب أنه تزوج بعد وفاتها بتسع ليال)!! ولكنْ حين رجعنا إلى كتاب (قوت القلوب) لمؤلّفه أبي طالب المكّيّ، وجدناه يصوغ أصل هذه العبارة بصيغة صريحةٍ من صيغ التمريض، إذْ قال في كتابه (قوت القلوب)، (ج2/ص412): ((ويقال إنّه تزوّج بعد وفاة فاطمة صلوات الله عليها وعلى أبيها بتسع ليال)). فتأمّل؟! وعليه: فإذا كان مصدر هذا الكلام عن صاحب قوت القلوب، كما أشار إلى ذلك ابن شهر آشوب والمجلسيّ، فلا يمكن الاعتداد به لعلّتين، إحداهما: أنّ أصل العبارة كانت منقولة عن صاحب قوت القلوب بصيغة من صيغ التمريض الواضحة التي لا يمكن الاستناد إليها، لكونه لم يجزم بذلك، ولم يذكر الجهة التي أطلقت ذلك القول كما هو معروفٌ بين أهل العلم. والعلّة الأخرى: أنّ صاحب كتاب (قوت القلوب) هو نفسه لا يحتجُّ به، إذْ إنّه ليس من رجال الشيعة الإماميّة، وإنّما كان من أهل التصوّف الذين يجتهدون في العبادة حسب طريقتهم المعروفة، وبحسب ترجمته فقد قُدِحَ فيه بأمر خطير، إذْ إنّه كان يعظ الناس ببغداد، وخلّط في كلامه، وحفظ عنه أنّه قال: (ليس على المخلوقين أضرُّ من الخالق)، فبدّعه الناس وهجروه. [فانظر ترجمة محمّد بن عليّ بن عطيّة الحارثيّ المكنّى بأبي طالب المكيّ في تاريخ الإسلام للذهبيّ ج16/ص599-600)، رقم الترجمة (229)]، لتقف على حقيقة ذلك. ودمتم سالمين.