هل حقّاً أنَّ السّبايا و خاصّةً السيّدةَ زينبَ (ع) لم يُضربنَ بالسوطِ أبداً؟

: سيد حسن العلوي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :  إنّ سبايا أهلِ البيتِ قد تعرّضوا للضّربِ في عدّةِ مواطنَ، وقد نقلَ المؤرّخونَ شيئاً مِن ذلكَ في كتبِهم، وأرّخَها الشعراءُ في قصائدِهم، وممَّن نُقِلَ أنّهنّ تعرّضنَ للضربِ فاطمةُ الصّغرى، ومولاتُنا أمُّ كلثوم (سلامُ اللهِ عليها) وبناتُ الرسالةِ، حيثُ نقلت فاطمةُ الصّغرى أنّ نساءَ أهلِ البيتِ (ع) قد تعرّضنَ للضّربِ في يومِ عاشوراء عندَ سلبهنَّ بالضّربِ بكعبِ الرُّمح، وأنّ أحدَهم ضربَها بكعبِ الرمحِ بينَ كتفيها فسقطَت مغشيّاً عليها، وأخبرَت عَن عمّتِها أمّ كلثوم (ع) أنّها قد تعرّضَت للضربِ حتّى اسودَّ متنُها منَ الضّربِ (المُنتخبُ للطريحي، ص174، بحارُ الأنوار: 45 / 61) وعندَ الهجومِ على الخيامِ وسلبِ بناتِ رسولِ اللهِ (ص) حصلَ تدافعٌ بينَهم، ومنَ الطبيعي تعرضهنَّ للضربِ أثناءهُ، روى الصدوقُ بسندِه عن عبدِ اللهِ بنِ الحسنِ المُثنّى ، عن أمِّه فاطمةَ بنتِ الحُسين ( عليهِ السلام ) ، قالت : دخلتِ الغاغة علينا الفسطاط ، وأنا جاريةٌ صغيرة ، وفي رِجليّ خلخالانِ مِن ذهب ، فجعلَ رجلاً يفضُّ الخلخالينِ مِن رِجلي وهوَ يبكي ، فقلتُ : ما يُبكيكَ ، يا عدوَّ الله ؟ ! فقالَ : كيفَ لا أبكي وأنا أسلبُ ابنةَ رسولِ الله ! فقلتُ : لا تسلُبني . قالَ : أخافُ أن يجئَ غيري فيأخذَه . قالت : وانتهبوا ما في الأبنيةِ حتّى كانوا ينزعونَ الملاحفَ عن ظهورِنا. (الأمالي للصّدوق، ص228). قالَ الشيخُ المُفيد في الإرشاد: وانتهبوا رحلهُ وإبلهُ وأثقالهُ وسلبوا نساءَه. قالَ حميدٌ بنُ مسلم: فواللهِ لقد كنتُ أرى المرأةَ مِن نسائِه وبناتِه وأهلِه تُنازعُ ثوبَها عن ظهرِها حتّى تُغلبَ عليه فيذهبُ به منها. (الإرشادُ للمُفيد: 2 / 112). قالَ السيّدُ المُقرّم: وبعدَ الزوالِ ارتحلَ إلى الكوفةِ ومعَه نساءُ الحُسين (ع) وصبيتُه وجواريه وعيالاتُ الأصحابِ وكنَّ عشرينَ امرأة ... فقلنَ النسوةُ: باللهِ عليكم إلّا ما مررتُم بنا على القتلى، ولمّا نظرنَ إليهم مُقطّعي الأوصالِ ... صحنَ ولطمنَ الوجوهَ ... واعتنقَت سكينةُ جسدَ أبيها الحُسين (ع) ... وأتاهنّ زجرٌ بنُ قيس وصاحَ بهنّ فلم يقمنَ، فأخذَ يضربهنّ بالسوطِ، واجتمعَ عليهنَ الناسُ حتّى أركبوهنَّ على الجِمالِ. (مقتلُ الحُسينِ للمُقرّم، ص305 – 309 عن تظلّمِ الزهراء، ص177).  قالَ الخليعي ( ت 650 هـ ): لهفي على فاطمَ الصُّغرى مقرّحةً *** بالدمعِ أجفانُها مسلوبةُ الوسنِ تدعو إلى زينبَ يا عمّتا سلبَ العلجُ *** القناعَ ليسبيني ويهتكَني فرُمُت أسترُ وجهي عندَ رؤيتِه *** فظلَّ يشتمُني عمداً ويضربُني المنتخبُ للطّريحي، ص146.  قالَ الشيخُ مفلح الصيمري (القرنُ التاسعُ الهجري) تقبِّلُ جثمانَ الحُسينِ سكينةُ *** وشمرٌ لها بالسوطِ ضرباً يقنع ُفيؤلمُها ضربُ السياطِ فتلتجي *** لعمّتِها مِن حيثُ بالضربِ توجع تقولُ له يا شمرُ ويحَك خلّها *** إذا كانَ بالتقبيلِ ترضى وتقنعُ وترفعُ صوتاً اُمّ كلثوم بالبكا *** وتشكو إلى اللهِ العليّ وتضرّع وتندبُ مِن عظمِ الرزيّة جدّها *** فلو جدّنا ينظرُ إلينا ويسمع إلى أن يقولَ:  أيا جدّنا شمرُ يبزُّ قناعَنا *** ويضربُنا ضربَ الإماءِ ويوجعُ المُنتخبُ للطريحي، ص135.  قالَ الشيخُ محمّدُ بنُ السمين (القرنُ الحادي عشر) وهوَ يصفُ حالَ مولاتِنا زينب (ع): ثمّ لما رأته ملقى ًعلى الترِب *** تريبَ الخدّينِ دامي الجبين صرخَت صرخةً وقالت أجدة *** العيسُ رفقاً هنيةَ أوقفوني لأودّعه كي أبلُّ غليلي *** بوداعي منهُ ولا تمنعوني إلى أن يقول:  فأجابوا صوتَ الشجيّ بسوطٍ *** وبضربٍ يُبدي خفيَّ الأنين فاستغاثَت بجدّها وأبيها *** وأخيها الزاكي الإمامِ المُبين إلى أن يقول: جدّي هذا القناعُ يسلبُ منّي *** ثمَّ بالسوطِ بعدَ قنعوني إلى أن يقولَ:  وإذا ما شكوتُ ضرّاً وبؤساً *** رجموني بغياً وما رحموني المُنتخبُ للطريحي، ص70  وقالَ الشيخُ داود البحراني ( ت 1012 هـ ) وهو يصوّرُ لسانَ حالِ السبايا: أبي هذي اُميّةُ ذاتُ صونٍ *** ونحنُ نساقُ جهراً بالفلاء تصانُ اُميّةُ ولها خدورٌ *** ونبرزُ مِن خِبانا للسباء كأنّا مِن بناتِ الزنجِ نُسبى *** ونضربُ بالسياطِ بلا خطاء المُنتخبُ للطريحي، ص203 – 204.