أينَ موقعُ الأرضِ التي دُفنَ فيها سيّدُنا لوط عليهِ السلام؟ وهل حوّلَ اللهُ جلَّ وعلا زوجتَه إلى حجر؟ 

: السيد رعد المرسومي

 

السلامُ عليكُم ورحمةُ الله،

 ليسَ لدينا منَ الأدلّةِ ما يكفينا لتحديدِ قبرِ نبيّ اللهِ لوط (ع)، ولكن ننقلُ لكَ ما هوَ المشهورُ المتداولُ بينَ المَعنيّينَ بالتاريخِ أنّهُ سلامُ اللهِ عليه دُفنَ في قريةِ بني نعيم شرقَ مدينةِ الخليلِ بفلسطين، وهناكَ نقطةٌ دالّة على ذلكَ، وهيَ مسجدُ اليقين، وهوَ على تلٍّ مُرتفعٍ له نورٌ واشراقٌ ليسَ لسواه، ولا يجاورُه إلّا دارٌ واحدةٌ يسكنُها قيّمُه، وفي المسجدِ بمقربةٍ مِن بابِه موضعٌ مُنخفضٌ في حجرِ صلد.  

وبالقربِ مِن هذا المسجدِ قبرُ فاطمةَ بنتِ الحُسينِ بنِ علي، عليهما السلام، وبأعلى القبرِ وأسفلِه لوحانِ منَ الرّخامِ مكتوبٌ منقوشٌ بخطٍّ بديع: بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيم، للهِ العزّةُ والبقاء، ولهُ ما ذرأ وبرأ وعلى خلقهِ كتبَ الفناء، وفي رسولِ اللهِ أسوةٌ، هذا قبرُ أمِّ سلمةَ فاطمة بنتِ الحُسين رضيَ اللهُ عنها، وفي اللوحِ الآخرِ منقوشٌ، صنعَه محمّدٌ بنُ أبي سهل النقاش بمصر، وتحتَ ذلكَ هذهِ الأبيات: 

 

أسكنتُ مَن كانَ في الأحشاءِ مسكنَه***بالرّغمِ منّي بينَ التربِ والحجر 

 

يا قبرَ فاطمةَ بنتَ ابنِ فاطمة***بنتِ الأئمّةِ بنتِ الأنجمِ الزّهر 

 

يا قبرُ ما فيكَ مِن دينٍ ومِن ورعٍ***ومِن عفافٍ ومِن صونٍ ومِن خفر 

 

وممّا جاءَ في الأنسِ الجليلِ عن مسجدِ اليقين: «. ثمَّ مسجدٌ بناهُ أبو بكرٍ محمّدٌ بنُ اسماعيلَ الصّباحي فيهِ مرقدُ إبراهيمَ عليهِ السلام قد غاصَ في الصّخرِ نحواً مِن ذراع يقالُ إنَّ إبراهيمَ لمّا رأى قرياتِ لوط في الهواءِ وقفَ أو رقدَ ثمَّ قال: أشهدُ أنَّ هذا لهوَ الحقُّ اليقينُ فلذلكَ سُمّيَ ذلكَ المسجدُ مسجدُ اليقينِ وكانَ بناءُ ذلكَ المسجدِ في شهرِ شعبانَ سنةَ اثنتينِ وخمسينَ وثلثماية (963هـ) وبظاهرِ المسجدِ قبرُ فاطمةَ بنتِ الحُسينِ بنِ عليّ رضيَ اللهُ عنهم وعندَ قبرِها رخامةٌ مكتوبٌ عليها بالكوفي: (البيتانِ الأوّلانِ المذكورانِ في رحلةِ ابنِ بطوطة). 

وأمّا ما يتعلّقُ بعذابِ زوجتِه، وهل تحوّلَت إلى حجرٍ، فما وردَ في أخبارِ أهلِ البيتِ (ع) أنّها ضُربَت بحجرٍ مِن طينٍ مُتحجّرٍ، شأنُها كشأنِ قومِها، ونحنُ ننقلُ إليكَ ما وردَ في ذلكَ عن أئمّةِ أهلِ البيتِ عليهم السلام عندَ تفسيرِ قولِه تعالى: {قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوا إِلَيكَ فَأَسرِ بِأَهلِكَ بِقِطعٍ مِنَ اللَّيلِ وَلَا يَلتَفِت مِنكُم أَحَدٌ إِلَّا امرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُم إِنَّ مَوعِدَهُمُ الصُّبحُ أَلَيسَ الصُّبحُ بِقَرِيبٍ، فَلَمَّا جَاءَ أَمرُنَا جَعَلنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمطَرنَا عَلَيهَا حِجَارَةً مِن سِجِّيلٍ مَنضُودٍ} [هود: 81- 82]}. 

تفسيرُ كنزِ الدقائقِ وبحرِ الغرائب، ج ٦، الشيخُ محمّد بنُ محمّد رضا القمّي المشهدي، ص ٢٠٦ 

ففي كتابِ عللِ الشّرائع (550) 

: عن الباقرِ - عليهِ السّلام - : « فَأَسرِ بِأَهلِكَ » يا لوط ، إذا مضى لكَ من يومِك هذا سبعةَ أيّامٍ ولياليها . « بِقِطعٍ مِنَ اللَّيلِ » إذا مضى نصفُ اللَّيلِ، قالَ : فلمّا كانَ اليومُ الثّامنُ مِن طلوعِ الفجر ، قدّمَ اللَّهُ رسلاً إلى إبراهيمَ يُبشّرونَه بإسحاقَ ويعزّونَه بهلاكِ قومِ لوط. وذلكَ قولهُ - تعالى - : « ولَقَد جاءَت رُسُلُنا إِبراهِيمَ بِالبُشرى.  

« فَلَمَّا جاءَ أَمرُنا » : عذابُنا ، أو أمرُنا به . ويؤيّدُه الأصلُ ، وجعلَ التّعذيبَ مُسبّباً عنه بقولِه : « جَعَلنا عالِيَها سافِلَها » . فإنّه جوابُ « لمّا » . وكانَ حقّه : جعلوا عاليها ، أي : الملائكةُ المأمورونَ به . فأسندَ إلى نفسِه مِن حيثُ أنّه المُسبّب ، تعظيماً للأمر . فإنّه رويَ : أنّ جبرئيلَ - عليهِ السّلام - أدخلَ جناحَه تحتَ مدائنِهم ورفعَها إلى السّماءِ ، ثمّ قلبها عليهم. 

(( حِجارَةً مِن سِجِّيلٍ » : مِن طينٍ مُتحجّرٍ ، لقولِه : حِجارَةً مِن طِينٍ .  

. ((وأَمطَرنا عَلَيها » : على المُدنِ ، أو على شُذّاذها .

وفي كتابِ عللِ الشّرائع (551 ) : أبي - رحمَه اللَّه - قالَ : حدّثنا سعدٌ بنُ عبدِ اللَّه ، عن أحمدَ بنِ محمّدٍ بنِ عيسى ، عن أحمدَ بنِ محمّدٍ بنِ أبي نصرٍ ، عن أبان ، عن أبي بصيرٍ [ وغيرِه ] عن أحدِهما - عليهما السّلام - قالَ : إنّ الملائكةَ لمّا جاءَت في هلاكِ قومِ لوط قالُوا إِنَّا مُهلِكُوا أَهلِ هذِهِ القَريَةِ .

وفي عيونِ الأخبارِ (247 ) ، في بابِ ما جاءَ عن الرّضا - عليهِ السّلام - مِن خبرِ الشّاميّ وما سألَ عنهُ أميرَ المؤمنين - عليهِ السّلام - في جامعِ الكوفةِ حديثٌ طويل. وفيه : ثمّ قامَ إليهِ آخر ، فقالَ : يا أميرَ المؤمنين ، أخبِرني عن يومِ الأربعاءِ وتطيّرنا منهُ وثقله ، وأيُّ أربعاء هو ؟ قالَ : آخرُ أربعاء في الشّهر . ، وهوَ المحاقُ ، وفيهِ قتلَ قابيلُ هابيلَ أخاه إلى أن قال - عليهِ السّلام

قالَ : ما مِن عبدٍ يخرجُ منَ الدّنيا يستحلُّ عملَ قومِ لوط إلَّا رمى اللَّهُ كبدَه مِن تلكَ الحجارة، تكونُ مَنيّتُه فيها ولكنَّ الخلقَ لا يرونه. »  

ومَن أرادَ المزيدَ فليرجِع إلى تفسيرِ كنزِ الدقائقِ وبحرِ الغرائبِ، ج ٦، ص208 وما بعدَها للشيخِ محمّد بنِ محمّد رضا القمّي المشهدي، ودمتُم سالِمين.