هل لكُم أن تذكروا لنا مُدّةَ سجنِ الإمامِ الكاظمِ (عليهِ السّلام) في سجونِ هارون؟  

: السيد عبدالهادي العلوي

السلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه،  

إنَّ الأقوالَ والأخبارَ الواردةَ حولَ مدّةِ سجنِ إمامِنا أبي الحسنِ موسى الكاظمِ (عليهِ السّلام) في سجونِ هارونَ الغويّ مُختلفةٌ، فبعضُها تدلُّ على أنّها كانَت أربعَ سنواتٍ تقريباً؛ إذ أخذَه سنةَ 179هـ إلى زمانِ شهادتِه (عليهِ السّلام) سنةَ 183هـ، وبعضُها تدلُّ على أنّها كانَت 13 سنةً تقريباً؛ إذ أخذَه سنةَ 170هـ تقريباً إلى زمانِ شهادتِه (عليهِ السّلام) سنةَ 183هـ، وغيرِ ذلك.   

قالَ الشيخُ الكُلينيّ في [الكافي ج1 ص476] عندَ ذكرِ إمامةِ الإمامِ الكاظمِ (عليهِ السّلام): « وقُبضَ (عليهِ السّلام) ببغداد في حبسِ السندي بنِ شاهك، وكانَ هارونُ حملَه منَ المدينةِ لعشرِ ليالٍ بقينَ مِن شوّالَ سنةَ تسعٍ وسبعينَ ومائة، وقد قدمَ هارونُ المدينةَ مُنصرفه مِن عُمرةِ شهرِ رمضان، ثمَّ شخصَ هارونُ إلى الحجِّ وحمله معه، ثمَّ انصرفَ على طريقِ البصرةِ فحبسَه عندَ عيسى بنِ جعفر، ثمَّ أشخصَه إلى بغداد، فحبسَه عندَ السندي بنِ شاهك، فتوفّيَ (عليهِ السّلام) في حبسِه، ودُفنَ ببغداد في مقبرةِ قريش »، وقد استشهدَ الإمامُ (عليهِ السّلام) سنةَ 183هـ، فتكونُ مُدّةُ حبسِه أربعَ سنوات، ويدلُّ على هذا بعضُ الأخبارِ أيضاً.   

وقد روى الشيخُ الصّدوقُ في [عيونِ أخبارِ الرّضا ج1 ص154] بإسنادِه عن الثوبانيّ قال: « كانَت لأبي الحسنِ موسى بنِ جعفرٍ (عليهِ السّلام) بضعَ عشرةَ سنةٍ كلَّ يومٍ سجدةٌ بعدَ ابيضاضِ الشمسِ إلى وقتِ الزّوال، فكانَ هارونُ ربّما صعدَ سطحاً يشرفُ منهُ على الحبسِ الذي حُبسَ فيه أبو الحسنِ (عليهِ السّلام)، فكانَ يرى أبا الحسنِ (عليهِ السّلام) ساجداً، فقالَ للرّبيعِ: يا ربيعُ، ما ذاكَ الثوبُ الذي أراهُ كلَّ يومٍ في ذلكَ الموضع؟ قالَ: يا أميرَ المؤمنين، ما ذاكَ بثوبٍ، وإنّما هوَ موسى بنُ جعفر، لهُ كلُّ يومٍ سجدةٌ بعدَ طلوعِ الشمسِ إلى وقتِ الزّوال، قالَ الرّبيع: فقالَ لي هارون: أما إنّ هذا مِن رهبانِ بني هاشم، قلتُ: فما لكَ قد ضيّقتَ عليهِ في الحبسِ؟ قالَ: هيهات، لا بدَّ مِن ذلك ».   

وظاهرُ هذا الخبرِ أنّ الإمامَ (عليهِ السّلام) كانَ في السجنِ بضعَ عشرةَ سنة، وتعني كلمةُ (بضع) الرقمُ المُبهمُ مِن ثلاثةٍ إلى تسعة، ولو لاحظنا أنَّ هارونَ الغويّ استلمَ زمامَ الحُكمِ سنةَ 170هـ، وأنَّ الإمامَ الكاظمَ (عليه السّلام) استشهدَ سنةَ 183هـ، فما بينَ استلامِه للحُكمِ وشهادةَ الإمامِ 13 سنة، فيبدو أنَّ هارونَ أمرَ بسجنِ الإمامِ مِن بداياتِ زمانِ مُلكه.