كيف ابطل شبهة (الاجتهاد باطل) وارد عليه ؟

334 - قالَ اللهُ تعالى ذاكراً المُقلّدةَ منَ الكفّارِ وذامّاً لهم على تقليدِهم: ﴿إنّا وجدنا آباءَنا على أمّةٍ وإنّا على آثارِهم مُقتدون * قالَ أولو جئتُكم بأهدى ممّا وجدتُم عليهِ آباءكم﴾ .   وقالَ الصّادقُ - عليهِ السلام -: (مَن أخذَ دينَه مِن أفواهِ الرّجالِ أزالته الرّجال، ومَن أخذَ دينَه منَ الكتابِ والسُنّة زالت الجبالُ ولم يزل)   وقالَ - عليهِ السّلام -: (إيّاكُم والتقليد، فإنّهُ مَن قلّدَ في دينِه هلك) إنَّ اللهَ تعالى يقول: ﴿اتّخذوا أحبارَهم ورهبانَهم أرباباً مِن دونِ الله﴾ فلا واللهِ ما صلّوا لهم ولا صاموا، ولكنّهم أحلّوا لهم حراماً، وحرّموا عليهم حلالاً، فقلّدوهم في ذلكَ، فعبدوهم وهُم لا يشعرون .    وقالَ - عليهِ السلام -: (مَن أجابَ ناطقاً فقد عبدَه، فإن كانَ الناطقُ عن اللهِ تعالى فقد عبدَ الله، وإن كانَ الناطقُ عن الشيطانِ فقد عبدَ الشيطان )   وقالَ أبو عبدِ الله - عليهِ السّلام - لبعضِ أصحابِنا (حاجّوا الناسَ بكلامي، فإن حاجّوكم فأنا المحجوج )   ... قالَ أميرُ المؤمنينَ ع: إنّما نحنُ ننفي القولَ بالاجتهادِ لأنَّ الحقَّ عندنا بما قدّمنا ذكرَه منَ الأمورِ التي نصبَها اللهُ تعالى والدلائلِ التي أقامَها لنا كالكتابِ والسنّةِ والإمامِ الحُجّةِ ولم يخلُ الخلقُ مِن هذهِ الوجوهِ التي ذكرناها ،ومُخالفُها فهوَ باطلٌ ثمَّ ذكرَ ع كلاماً طويلاً في الردِّ على مَن قالَ بالاجتهاد.   شبهةُ (الاجتهادِ باطلٌ)، كيفَ أُبطلُ شُبهتَه وأردُّ عليه ؟  

: سيد حسن العلوي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

المنشورُ يتضمّنُ شبهتين: التقليدُ والاجتهاد، ونجيبُ عنهما بشكلٍ مُختصر، فنقول:  

أمّا شبهةُ بطلانِ التقليد: فالروايةُ الواردةُ في ذمِّ التقليد، (إيّاكم والتقليد) روايةٌ مُرسلةٌ، ذكرَها الشيخُ المُفيدُ في كتابِ تصحيحِ الاعتقادات، والمُرسلُ مِن أقسامِ الحديثِ الضّعيف.   

وهذا الحديثُ أو ما كانَ في مضمونِه المرادُ منه إمّا نفيُ التقليدِ في العقائدِ، وإمّا نفيُ التقليدِ المذموم.  

إذن التقليدُ الممدوح: هوَ إتّباعُ قولِ مَن يكونُ قولهُ حجّةً، كالأنبياءِ والأئمّةِ (ع) مُطلقاً، والمراجعِ في الأحكامِ الشرعيّة.  

والتقليدُ المذموم: هو إتّباعُ قولِ مَن لا يكونُ قولهُ حجّةً، كتقليدِ واتّباعِ اليهودِ والنصارى لعلمائِهم فيما يحرّمونَه ويحلّونَه، على خلافِ التوراةِ والإنجيل، معَ علمِهم بذلك.  

وكذلكَ اتّباعُ الكفّارِ والمُشركينَ لآبائهم وأجدادِهم، وجعلهم المحورَ في أخذِ العقائد، بحيثُ لو سألتَهم عَن تلكَ العقائدِ لقالوا: { إِنّا وَجَدنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنّا عَلى آثارِهِم مُهتَدونَ } [الزخرف: ٢٢].  

بخلافِ الشيعيّ الإثني عشري فإنّه لم يجعلِ الآباءَ والأجدادَ محوراً لعقائدِه، بل محورُ العقائدِ عندَهم هوَ العقلُ والقرآنُ وكلماتُ المعصومينَ عليهم السّلام.  

وهكذا لو قلّدَ الشيعيُّ فقيهاً فاسقاً، يُفتي بخلافِ الحجّةِ الشرعيّة، فهذا ممّا قامَ الدليلُ على عدمِ حُجّيّتِه، وهوَ تقليدٌ مذموم.  

  

وأمّا شبهةُ بطلانِ الاجتهادِ: فنقولُ: المرادُ منَ الاجتهادِ المذمومِ في كلماتِ علمائِنا والروايات، هوَ الاجتهادُ المبنيُّ على الرأي والقياسِ والاستحسانِ والمصالحِ المُرسلة، الذي يعملُ به علماءُ العامّة، وهذا المعنى للاجتهادِ هوَ السّائدُ في زمانِ أئمّتِنا عليهم السّلام، ولذا وردَ النهيُ عنهُ وذمّه.   

والرواياتُ متواترةٌ في تحريمِ هذا النوعِ منَ الاجتهاد.  

عن عبدِ الرحمنِ بنِ الحجّاجِ قالَ: سألتُ أبا عبدِ الله (عليه السّلام) عن مجالسةِ أصحابِ الرأي فقال: جالسهم وأنهاكَ عَن خصلتين تهلكُ فيهما الرّجال: أن تدينَ بشيءٍ مِن رأيك، أو تفتيَ الناسَ بغيرِ علم. (وسائل الشيعة: 27 / 29).  

وأمّا الاجتهادُ المبنيُّ على الكتابِ والسنّةِ، فلا ردعَ عنه، ولا تشملهُ هذه الرّوايات.  

  

والحمدُ للهِ ربّ العالمين.