(المرأة كالنعل يلبسها الرجل إذا شاء، لا إذا شاءت) هل هذا القول صحيح السند عن الامام علي (ع) ويؤخذ بهِ؟

السلامُ عليكم ورحمةُ وبركاته ورد في كتاب : شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢٠ - الصفحة ٢٩١ قولُ أمير المؤمنين (عليه السلام) : 336 - المرأة كالنعل يلبسها الرجل إذا شاء، لا إذا شاءت. وقد احتجّ السّنة وبعض من ينسبون نفسهم للشيعة بأنّ الإمام علي (عليه السلام) قد أخطأ في قوله هذا فأذن الإمام ليس معصوماً!؟!؟ فأسئلتي هي : س١/هل هذا القول صحيح السند ويؤخذ بهِ؟؟ س٢/ما تفسير قوله عليه السلام وما سببه وتعليله؟؟ س٣/ألا يعدّ هذا سبّاً وإهانةً لجميع النساء منهم نساؤه عليه السلام من غير المعصومات ونساء الأئمة عليهم السلام؟!!؟ أسألكم هذهِ الأسئلة لأنّ النواصب قد كثرت إشكالاتهم على هذا القول

: الشيخ معتصم السيد احمد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :   

قبلَ الكلامِ عَن إمكانيّةِ حملِ الحديثِ على وجوهٍ مقبولة، لابدَّ منَ الإشارةِ إلى سندِ هذا الحديث، فهوَ أوّلاً: غيرُ موجودٍ في المصادرِ الحديثيّة، أي أنَّ ابنَ أبي الحديدِ هوَ الذي تفرّدَ بنقلِه، وثانياً: إنَّ ابنَ أبي الحديدِ أوردَ الحديثَ مِن غيرِ سندٍ يمكنُ مراجعتُه والتأكّدُ مِن صحّتِه، وعليهِ فإنَّ الرّوايةَ مِن هذا البابِ لا يمكنُ الوثوقُ بها.  

وإذا سلّمنا بصحّةِ الحديثِ لا يمكنُ فهمُه بالشكلِ الذي يتصادمُ معَ بقيّةِ النصوصِ أو يتصادمُ معَ الحقيقةِ والواقع، ويبدو أنَّ الذينَ نفروا مِن هذا الحديثِ اعتقدوا أنّهُ يؤسّسُ لقاعدةٍ فيزيائيّةٍ أو قانونٍ مُطلقٍ ولذا رموه بالخرافة، في حينِ أنَّ النّصوصَ التي تتحدّثُ عن القضايا الاجتماعيّةِ والإنسانيّةِ بطبيعتِها تكونُ مُخبرةً عن الواقعِ وليسَت مُنشئَةً أو موجدةً له، فمثلاً القولُ: (أنَّ المرأةَ على دينِ زوجِها - أو أنَّ النّاسَ على دينِ ملوكِهم) فإنَّ مثلَ هذا النصِّ لا يمكنُ فهمُه على أنّهُ أرادَ تأسيسَ قانونٍ عامٍّ وقاعدةٍ مُطلقة، وإنّما أرادَ الإشارةَ إلى واقعِ الحالِ وإلى الصّفةِ الغالبة، وحينَها لا يمكنُ مصادرتُه بحُجّةِ وجودِ سالبةٍ جُزئيّةٍ ناقضةٍ للموجبةِ الكُلّيّةِ، فالنصُّ منَ الأساسِ قائمٌ على الإخبارِ عنِ السّمةِ العامّةِ ضمنَ زمنٍ مُعيّنٍ وظروفٍ خاصّةٍ، وعليه لا يمكنُ فهمُ كلامِ أميرِ المؤمنينَ (عليهِ السّلام) على أنّهُ تأسيسٌ لقانونٍ تكوينيّ أو شرعيّ لعلاقةِ الرّجلِ بالمرأة حتّى يتمَّ رفضُه والنفورُ منه، وإنّما يجبُ فهمُ الحديثِ مِن خلالِ السياقِ الطبيعي الذي تُفهمُ فيهِ النّصوصُ ذاتُ الطابعِ الإخباريّ عن الظواهرِ الاجتماعيّة، ومِن هُنا فإنَّ فهمَ هذا الحديثَ على نحو الدقّةِ لا يكونُ إلّا مِن خلالِ الوقوفِ على الظرفِ الذي وجدَ فيه، فقرائنُ الحالِ هيَ التي تكشفُ لنا عن المُرادِ الجدّي، فدلالةُ الحديثِ قد تُحمَلُ على أكثرِ مِن معنىً بحسبِ السياقِ الذي وجدَ فيه، فقد يكونُ الحديثُ في سياقِ الإخبارِ عَن حالِ البعضِ في تعاملِهم مع أزواجِهم، أو في سياقِ اللومِ والعتاب فيكونُ الحديثُ حينَها انتصاراً لحقِّ المرأة، وقد يكونُ الحديثُ في سياقِ بيانِ العلاقةِ الخاصّةِ بينَ الزّوجِ وزوجتِه فالرجلُ هوَ الذي يطلبُ مواقعتَها متى شاءَ لا متى ما شاءَت هي، وهكذا يختلفُ معنى الحديثِ باختلافِ السياقِ الذي وُجدَ فيه، وكلُّ هذهِ المعاني والتأويلاتِ تكونُ مقبولةً طالما الظرفُ التاريخيُّ للحديثِ غائبٌ عنّا، ومعَ ذلكَ لا يمكنُ حمله على أنّهُ إنشاءٌ على نحوِ التكوينِ أو التشريع.