هل إقتبسَ الإسلامُ تعاليمَه منَ الزرادشتيّةِ؟ 

511 – الرّجاءُ الردُّ على شُبهةِ التشابهِ بينَ الإسلامِ و الزرادشتيّةِ. نفسُ المُعتقدِ بالإسراءِ والمِعراج، نفسُ الصّلواتِ، نفسُ فكرةِ الوضوءِ، نفسُ فكرةِ الجنّةِ والنارِ والبرزخِ!

: سيد حسن العلوي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :  

سنناقشُ هذهِ الشّبهةَ على شكلِ نقاط: 

النقطةُ الأولى: هناكَ مُشتركاتٌ كثيرةٌ بينَ الأديانِ، الإسلامِ والمسيحيّةِ واليهوديّة، فليسَ كلُّ ما جاءَ في اليهوديّةِ والمسيحيّةِ والمجوسيّةِ يبطله الإسلامُ، لأنَّ مبدأ هذهِ الأديانِ واحدٌ، وهوَ اللهُ تعالى. 

فجميعُ الأديانِ تدعو إلى الإلهِ الواحدِ الخالقِ، وتُخبرُ بوجودِ القيامةِ والجنّةِ والنّارِ، والإيمانِ بالأنبياءِ، والإيمانِ بالغيبِ، ووجودِ التّكاليفِ والعباداتِ، كالصّلاةِ والصّيامِ والزّكاةِ والحجِّ والأمرِ بالمعروفِ والنّهي عنِ المُنكر ... وان كانَت العِباداتُ تأخذُ شكلَها وكيفيّتَها الخاصّةَ في كلِّ شريعةٍ، وغيرِها منَ المشتركاتِ، نعَم هناكَ إضافاتٌ كثيرةٌ وتحريفاتٌ متواصلةٌ طرأت على الأديانِ السّماويّةِ السّابقةِ على الإسلامِ، ووجودُ التّحريفِ لا يعني أنّ كلَّ شيءٍ قَد تمَّ تحريفُه بشكلٍ كامل. 

ووجودُ المُشتركاتِ لا يعني أنّ اللاحقَ أخذَ منَ السّابقِ، وأنّ المُتأخّرَ إقتبسَ منَ المُتقدّمِ، بل يقالُ بأنّ الجميعَ أخذَ مِن عينٍ ومشكاةٍ ونبعٍ واحدةٍ، وهوَ الوحيُ والسّماء. 

فنحنُ المُسلمونَ هذهِ نظرتُنا إلى المُشتركات. 

بعدَ أن ثبتَ صحّةُ دينِ الإسلامِ بالأدلّةِ والبراهينِ الكثيرةِ العقليّةِ والنقليّةِ، فوجودُ المُشتركاتِ لا يبطلُ الدّليلَ الدالَّ على صحّةِ دينِ الإسلامِ، بل يؤكّدُ إرتباطَه بالسّماء. 

وهذهِ النّقطةُ لا بدَّ منَ الإنتباهِ لها في دراسةِ الأديانِ، فهناكَ نغمةٌ جديدةٌ ظهرَت لإبطالِ الأديانِ، وهوَ الدّخولُ مِن خانةِ المُشتركاتِ! 

تعدُّ المُشتركاتُ نقطةَ قوّةٍ في الأديانِ، وليسَت نقطةَ ضعف. 

فإن ثبتَ ما جاءَ في السّؤالِ بأنّ هذهِ الأمورَ موجودةٌ فعلاً في الدّيانةِ المجوسيّةِ قبلَ الإسلامِ، فهوَ مِن قبيلِ المُشتركات. 

وإن ثبتَ أنّها منَ الأمورِ التي أضيفَت بعدَ الفتحِ الإسلاميّ لبلادِ فارس، وبعدَ إنتشارِ الإسلامِ فيها، فهيَ منَ الأمورِ التي إقتبسَتها الزرادشتيّةُ منَ الإسلامِ – كما سيأتي بيانه -. 

فهذهِ التشابهاتُ – إن لم تكُن مأخوذةً منَ الإسلامِ – فهيَ تدلُّ على أنّ الزرادشتيّةَ فيها تعاليمُ سماويّةٌ، سواءٌ قُلنا بأنّ زرادشت نبيٌّ، وتعاليمُه وكتابُه تعرّضا للتحريفِ، أو قلنا بأنّهُ ليسَ بنبيٍّ، ولكنّهُ تتلمذَ على يدِ تلامذةِ الأنبياءِ، فقَد تشبّعَ بالتّعاليمِ السّماويّة. 

 

النّقطةُ الثانيةُ: إنّ المجوسيّةَ أقدمُ مِن الزرادشتيّةِ، والزّرادشتيّةُ إمتدادٌ للمجوسيّةِ، أو تحريفٌ لها، ولا يُعدُّ زرادشت مؤسّسَ الدّيانةِ المجوسيّةِ، فالمجوسيّةُ أقدمُ منَ الزرادشتيّة. 

 

النقطةُ الثّالثة: أجمعَ المُسلمونَ أنّ المجوسَ يُعاملونَ معاملةَ أهلِ الكتابِ، لِما رويَ عنِ النبيّ (ص): سنّوا بهِم سنّةَ أهلِ الكتاب. ووردَ في الرّواياتِ: أنّ المجوسَ فيهم شبهةُ كتابٍ، وهُم مِن أهلِ الذمّةِ، وتؤخذُ منهُم الجزيةُ، ويلحقونَ باليهودِ والنّصارى، وأنّ اللهَ بعثَ فيهم نبيّاً فقتلوهُ، وكتاباً فأحرقوهُ، وليسَ هوَ زرادشت، فإنّ زرادشت أتى بزمزمةٍ وإدّعى النبوّةَ، فآمنَ منهُم قومٌ، وجحدَه قومٌ فأخرجوهُ، فأكلَتهُ السّباعُ في بريّةٍ منَ الأرض. 

روى الكُلينيُّ بسندِه عَن أبي يحيى الواسطيّ، عَن بعضِ أصحابِنا قالَ: سُئلَ أبو عبدِ اللهِ (عليهِ السّلام) عنِ المجوسِ أكانَ لهم نبيٌّ؟ فقالَ: نعَم أما بلغكَ كتابُ رسولِ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) إلى أهلِ مكّةَ ان أسلموا وإلّا نابذتُكم بحربٍ فكتبوا إلى رسولِ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) أن خُذ منّا الجزيةَ ودعنا على عبادةِ الأوثانِ، فكتبَ إليهم النّبيُّ (صلّى اللهُ عليهِ وآله): أنّي لستُ آخذاً الجزيةَ إلّا مِن أهلِ الكتابِ فكتبوا إليه - يريدونَ بذلكَ تكذيبَه -: زعمتَ أنّكَ لا تأخذُ الجزيةَ إلّا مِن أهلِ الكتابِ ثمَّ أخذتَ الجزيةَ مِن مجوسِ هجر، فكتبَ إليهم النبيُّ (صلّى اللهُ عليهِ وآله): أنَّ المجوسَ كانَ لهُم نبيٌّ فقتلوهُ وكتابٌ أحرقوهُ، أتاهُم نبيُّهم بكتابِهم في إثني عشرَ ألفَ جلدِ ثور. (الكافي للكُلينيّ: 3 / 567).

وروى الصّدوقُ بسندِه عنِ الأصبغِ بنِ نُباتة قالَ: أنّ أميرَ المؤمنينَ (ع) جلسَ على المنبرِ ... ثمَّ قالَ (عليهِ السّلام): سلوني قبلَ أن تفقدوني. فقامَ إليهِ الأشعثُ بنُ قيسٍ، فقالَ: يا أميرَ المؤمنين، كيفَ تؤخذُ منَ المجوسِ الجزيةُ ولم ينزِل عليهم كتابٌ، ولم يُبعَث إليهم نبيٌّ؟ فقالَ: بلى يا أشعثُ، قد أنزلَ اللهُ عليهم كتاباً، وبعثَ إليهم نبيّاً، وكانَ لهُم ملكٌ سكرَ ذاتَ ليلةٍ، فدعا بابنتِه إلى فراشِه فارتكبَها، فلمّا أصبحَ تسامعَ بهِ قومُه، فاجتمعوا إلى بابِه، فقالوا: أيُّها الملكُ، دنّستَ علينا دينَنا فأهلكتَه، فاخرُج نُطَهّرُكَ ونُقِم عليكَ الحدَّ. فقالَ لهُم: إجتمعوا واسمعُوا كلامي، فإن يكُن لي مخرجٌ ممّا إرتكبتُ وإلّا فشأنُكم. فاجتمعوا، فقالَ لهُم: هل علمتُم أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ لم يخلِق خلقاً أكرمَ عليهِ مِن أبينا آدمَ وأمِّنا حواء؟ قالوا: صدقتَ أيّها الملكُ. قالَ: أفليسَ قَد زوّجَ بنيهِ مِن بناتِه، وبناتِه مِن بنيهِ؟ قالوا: صدقتَ، هذا هوَ الدّينُ، فتعاقدوا على ذلكَ، فمحا اللهُ ما في صدورِهم منَ العلمِ، ورفعَ عنهُم الكتابَ، فهُم الكفرةُ، يدخلونَ النّارَ بلا حسابٍ، والمنافقونَ أشدُّ حالاً منهُم. (الأمالي للصّدوقِ ص424).

وفي خبرِ الإحتجاجِ: في خبرِ الزّنديقِ الذي سألَ الصّادقَ عليهِ السّلام عن مسائلَ، فكانَ فيما سأله: أخبِرني عنِ المجوسِ أبعثَ اللهُ إليهم نبيّاً؟ فإنّي أجدُ لهُم كتباً مُحكمةً، ومواعظَ بليغة، وأمثالاً شافيةً يقرّونَ بالثّوابِ والعقابِ، ولهُم شرائعُ يعملونَ بها، فقالَ عليهِ السّلام: ما مِن أمّةٍ إلّا خلا فيها نذيرٌ، وقد بعثَ إليهم نبيٌّ بكتابٍ مِن عندِ اللهِ فأنكروهُ وجحدوا كتابَه، قالَ: ومَن هوَ؟ فإنَّ النّاسَ يزعمونَ أنّهُ خالدٌ بنُ سنان، قالَ عليهِ السّلام: إنَّ خالداً كانَ عربيّاً بدويّاً ما كانَ نبيّاً، وإنّما ذلكَ شيءٌ يقوله النّاسُ، قالَ: أفزردشت؟ قالَ: إنَّ زردشتَ أتاهم بزمزمةٍ وإدّعى النبوّةَ، فآمنَ منهُم قومٌ، وجحدَه قومٌ فأخرجوهُ، فأكلتهُ السّباعُ في بريّةٍ منَ الأرضِ، قالَ: فأخبرني عنِ المجوسِ كانوا أقربَ إلى الصّوابِ في دهرِهم أم العرب؟ قالَ: العربُ في الجاهليّة كانَت أقربَ إلى الدّينِ الحنيفيّ منَ المجوسِ، وذلكَ أنَّ المجوسَ كفرَت بكلِّ الأنبياءِ، وجحدَت كتبَها، وأنكرَت براهينَها، ولم تأخُذ بشيءٍ مِن سُننِها وآثارِها وأنَّ كيخسرو ملكَ المجوسِ في الدّهرِ الأوّلِ قتلَ ثلاثَ مائةِ نبيّ. (الإحتجاجُ للطّبرسي: 2 / 91).  

وقالَ الصّدوقُ: والمجوسُ تؤخذُ منهُم الجزيةُ لأنَّ النبيَّ صلّى اللهُ عليهِ وآله قالَ: سنّوا بهِم سنّةَ أهلِ الكتاب.  

وكانَ لهُم نبيٌّ إسمُه دامسب فقتلوهُ، وكتابٌ يقالُ لهُ جاماسب كانَ يقعُ في إثني عشرَ ألفَ جلدِ ثورٍ فحرقوه. (مَن لا يحضرُه الفقيه: 2 / 53). 

وقالَ الطبريُّ: قالَ هشام:ٌ وفى زمانِ بشتاسب ظهرَ زرادشت الذي تزعمُ المجوسَ أنّه نبيُّهم، وكانَ زرادشت فيما زعمَ قومٌ مِن علماءِ أهلِ الكتابِ مِن أهلِ فلسطينَ خادِماً لبعضِ تلامذةِ أرميا النبيّ، خاصّاً بهِ أثيراً عندَه، فخانَه فكذّبَ عليهِ، فدعا اللهَ عليهِ، فبرصَ، فلحقَ ببلادِ آذربيجان، فشرعَ بها دينَ المجوسيّةِ، ثمَّ خرجَ منها متوجّهاً نحوَ بشتاسب، وهوَ ببلخٍ، فلمّا قدمَ عليهِ وشرعَ لهُ دينَه أعجبَه، فقسرَ النّاسَ على الدّخولِ فيه، وقتلَ في ذلكَ مِن رعيّتِه مقتلةً عظيمةً، ودانوا بهِ، فكانَ مُلكُ بشتاسب مائةَ سنةٍ وإثنتي عشرةَ سنة. (تاريخُ الطبري: 1 / 384). 

بناءً على هذهِ الرّواياتِ: إنّ اللهَ بعثَ إلى المجوسِ نبيّاً، فقتلوهُ وأحرقوا كتابَه، أو إرتفعَ كتابُه مِن بينِهم وذلكَ بعدَ تحليلِهم نكاحَ المحارمِ، فلا يوجدُ علمٌ في صدورِهم، وكتابُهم قد إرتفعَ أو قد أُحرقَ، فلا وجودَ لكتابٍ لهم. 

وأمّا زرادشت فهوَ مدّعٍ للنّبوّةِ، وليسَ نبيّاً، كما مرّ في النّصوصِ السّابقة، وكانَ تلميذاً عندَ بعضِ تلامذةِ نبيِّ اللهِ أرميا. 

 

النّقطةُ الرّابعةُ: إنّ ما ذُكرَ مِن تشابهٍ بينَ الإسلامِ والزرادشتيّةِ، وأنّ الإسلامَ إقتبسَ منَ الزرادشتيّةِ بإعتبارِها سابقةً على الإسلامِ، فهذا الكلامُ غيرُ صحيحٍ، ولا يصمدُ أمامَ المُداققةِ التاريخيّةِ، وذلكَ لأنَّ مصدرَ هذا التشابهِ (الصّلوات الخمس والوضوء والجنّة والنار والإسراءِ والمعراجِ والبرزخِ) هوَ كتابُ الآفستا المنسوبِ لزرادشت، وكتابُ أردا فيراف للكاهنِ المجوسيّ فيراف. 

ملاحظة: إنّ المجوسَ والزرادشتيّينَ قد تعرّضوا لحملةٍ مِن قِبلِ الإسكندرِ فأحرقَ وأبادَ جميعَ كتبِهم الدينيّةِ، ومنعَ المجوسيّةَ والزرادشتيّةَ، فقاموا بكتابةِ الآفستا بعدَ عقودٍ طويلةٍ، وجُمعَ ما تبقّى مِنها مِن هُنا وهناكَ – حسبَ ما جاءَ في اردا فيراف -  

وأمّا كتابُ الأردا فيراف فلا يُعلمُ تاريخُ كتابتِه، ولكنّهُ كُتبَ – كما جاءَ في نفسِ الكتابِ - بعدَ أن فقدَت المجوسيّةُ والزرادشتيّةُ جميعَ كتبِها الدينيّةِ، فلم يبقَ بأيديهم شيءٌ يتأكّدونَ مِن صحّةِ عقائدِهم إلّا أن يُرسلوا شخصاً إلى السّماءِ! فشربَ فيراف الخمرَ والمُخدّراتِ! فدخلَ في غيبوبةٍ لمدّةِ سبعةِ أيّام، وبعدَ إستيقاظِه إدّعى أنّهُ عُرِجَ بروحِه إلى السّماءِ، ليُخبرَهم عنِ الجنّةِ والنّار و.و.  

خلاصةُ الموضوعِ: إنّ هذينِ الكتابينِ لا يُعلمُ أنّهما كُتبا قبلَ الإسلامِ، فبعضُ الأدلّةِ تشيرُ إلى أنّهما كُتبا بعدَ إنتشارِ الإسلامِ، وبالتّحديدِ بعدَ فتحِ بلادِ فارس، وقامَ بعضُ الكهنةِ المجوسِ بكتابةِ الكتابينِ لحمايةِ المجوسيّةِ منَ الإندثار. 

أمّا ما يرتبطُ بكتابِ أردا فيراف الذي جاءَت فيهِ قصّةُ العروجِ الرّوحيّ إلى السّماءِ: فالدّراساتُ التخصصيّةُ تؤكّدُ أنّ هذا الكتابَ أخذَ شكله الحاليَّ في القرنِ العاشرِ، وأنّ للثّقافةِ الإسلاميّةِ الدورَ الكبير في صياغةِ هذا الكتابِ، وليسَ العكس. 

فقد جاءَ في موقعِ الموسوعةِ الإيرانيّةِ، المُتخصّصةِ بدراسةِ الحضارةِ الإيرانيّةِ، والتابعةِ لجامعةِ كولومبيا في الولاياتِ المُتّحدةِ الأمريكيّةِ، فيما يخصُّ كتابَ أرادا فيراف:

The Ardā Wīrāz-nāmag, like many of the Zoroastrian works, underwent successive redactions. It assumed its definitive form in the 9th-10th centuries A.D 

 

وترجمتُها (حسبَ المُترجمِ الفوريّ):  

خضعَت ارادا فيراف، مثلَ العديدِ منَ الأعمالِ الزرادشتيّةِ، لعملياتِ تنقيحٍ مُتتالية. لقد إفترضَت شكلَها النهائيَّ في القرنينِ التاسعِ والعاشرِ بعدَ الميلاد.  

 

ثمَّ يؤكّدُ الموقعُ أنّ ارادا فيراف بصيغتِه الحاليّةِ نُقلَت عنِ الإسلامِ: 

Some influences, transmitted through Islam, may have been exerted on the latter, but these remain to be fully demonstrated 

 

وترجمتُها (حسبَ المُترجمِ الفوري): 

قد تكونُ بعضُ التأثيراتِ التي تمَّ نقلها مِن خلالِ الإسلامِ، قد مُورسَت على الأخيرِ، لكنَّ هذهِ لا تزالُ بحاجةٍ إلى إظهارِها بالكامل.

المصدرُ: https://iranicaonline.org/articles/arda-wiraz-wiraz?fbclid=IwAR3IIYjv1fspnvcpO-8gnYoFCjeJrD_CwtNIGeFX6DmfOR76hV9myo-R6X8 

 

وأكّدَ موقعُ المكتبةِ البريطانيّةِ – والتي تحتفظُ بنسخةٍ مِن مخطوطةِ أرادا فيراف والتي كُتبَت في العصرِ الإسلاميّ – أنّ الكتابَ أخذَ شكلَه النهائيَّ في القرنينِ التّاسعِ والعاشرِ الميلادي: 

Although the story did not assume its definitive form until the 9th to 10 centuries AD 

وترجمتُها (حسبَ المُترجمِ الفوريّ): 

على الرّغمِ مِن أنَّ القصّةَ لم تتّخِذ شكلَها النهائيَّ حتّى القرنِ التّاسعِ إلى القرنِ العاشرِ الميلاديّ .

 

المصدرُ: https://blogs.bl.uk/asian-and-african/2013/12/zoroastrian-visions-of-heaven-and-hell.html?fbclid=IwAR3R6-HXh_uhAipd6Ju2cvUclmBrsR6OG7hYcW8vK1WtCmbtaWhEO2xgnoE 

 

النّتيجةُ: الموسوعةُ الفارسيّةُ والمكتبةُ البريطانيّةُ كلاهُما يؤكّدانِ أنّ كتابَ أرادا فيراف، قد أخذَ شكلَهُ النهائيَّ ما بينَ القرنينِ التّاسعِ والعاشرِ الميلاديّ، يعني ما بينَ ( 801 م - 1000 م ) 

وتاريخُ وفاةِ نبيّنا محمّدٍ (ص) سنةَ 632 ميلادي ، فيكونُ كتابُ أردا فيراف قد أخذَ شكلَه الحاليَّ بعدَ ( 169 ) سنةٍ مِن وفاةِ النبيّ (ص) على أقلِّ التقديرات.  

بناءً على هذا: فلا يمكنُنا القولُ بأنّ الإسلامَ قد إقتبسَ قصّةَ المعراجِ منَ الزرادشتيّةِ والمجوسيّةِ، لأنّ المصدرَ الذي وُجِدَت فيهِ قصّةُ المعراجِ عندَ الزرادشتيّةِ هوَ كتابُ أرادا فيراف فقَط، وقد تبيّنَ أنّهُ بصيغتِه الحاليّةِ قد تمَّ كتابتُه بعدَ وفاةِ نبيّنا (ص) بفترةٍ زمنيّةٍ طويلةٍ جدّاً، وهذا ممّا يورثُ الإطمئنانَ أنّ الزرادشتيّةَ هيَ التي إقتبسَت فكرةَ المعراجِ منَ الإسلام. 

تنبيه: ليسَ لكتابِ أرادا فيراف أيُّ نسخٍ خطيّةٍ قديمةٍ تعودُ إلى ما قبلَ الإسلامِ، كي يمكنَ الإستدلالُ بتلكَ المخطوطاتِ على أنّ الإسلامَ قد إقتبسَ حادثةَ المعراجِ منها، فتنبّه. 

هذا ما يرتبط بحادثةِ المعراجِ، وحالُ كتابِ أرادا فيراف. 

 

أمّا ما يرتبطُ بكتابِ آفستا: المنسوبِ إلى زرادشت: والتي يقالُ أنّ الصّلواتِ الخمسِ والوضوءَ وغيرَها، قد وردَ فيها. 

فإنّ أقدمَ نسخةٍ مِن كتابِ الآفستا تعودُ إلى القرنِ العاشرِ الميلاديّ، يعني كُتبَت ما بينَ سنةِ 901 إلى 1000 ميلادي، وجدَت هذهِ النّسخة في الصّينِ، وهيَ محفوظةٌ في المُتحفِ البريطاني. 

وهذا يعني أنّ أقدمَ نُسخةٍ بأيدينا مِن كتابِ الآفستا كُتبَت بعدَ ظهورِ الإسلامِ بأكثرِ مِن ثلاثمائةِ سنةٍ! 

وثاني أقدمِ مخطوطةٍ تعودُ إلى القرنِ الرّابعِ عشرَ ميلادي! يعني بعدَ أكثرِ مِن سبعمائةِ سنةٍ مِن ظهورِ الإسلامِ! 

أنظُر: 

http://www.heritageinstitute.com/zoroastrianism/scriptures/manuscripts.htm?fbclid=IwAR3tbyjq3GiRywUmbU_raqV5qq4f64o3BjDCEhSt-7knNAjPelt9RZwR-AQ 

إقتباس:  

The earliest surviving Avestan manuscript (the Avesta being the Zoroastrian scriptures), is a the 10th century CE fragment found in Dunhuang, China (see below). The next earliest extant Avestan texts come from Iran and India and date from the end of the 13th century ACE - three hundred years after the Sogdian manuscript was written. 

The manuscript is presently housed in the British Library.  

 

التّرجمةُ (حسبَ المُترجمِ الفوري): 

أقدمُ مخطوطةِ أفستان باقية (أفستا هيَ الكتبُ المُقدّسةُ الزرادشتيّةُ)، هيَ جزءٌ منَ القرنِ العاشرِ الميلاديّ تمَّ العثورُ عليهِ في دونهوانغ ، الصّين (انظر أدناه).  

تأتي نصوصُ Avestan الأقدمُ التّاليةُ مِن إيرانَ والهندِ ويعودُ تاريخُها إلى نهايةِ القرنِ الثالثَ عشرَ ACE - بعدَ ثلاثمائةِ عامٍ مِن كتابةِ مخطوطةِ Sogdian. 

المخطوطةُ موجودةٌ حاليّاً في المكتبةِ البريطانيّة. 

 

 

بناءً على هذا: فهل يمكنُ القولُ بأنَّ الإسلامَ إقتبسَ فكرةَ الصّلواتِ الخمسِ منَ الزرادشتيّةِ؟! معَ العلمِ أنّ الإشتراكَ فقَط في العددِ، وليسَ هناكَ أيُّ تشابهٍ في أفعالِ الصّلاةِ أبداً، فصلاتُهم تختلفُ عَن صلاتِنا تماماً، ولا تشبهُها لا مِن قريبٍ ولا مِن بعيد. 

 

وهُنا نصٌّ ذكرَه إبنُ النّديمِ ( ت 438 هـ ) يكشفُ أنّ الصّلواتِ الخمسَ قد دخلَت على الديانةِ الزرادشتيّةِ في القرنِ الثاني الهجري، وليسَ للصّلواتِ الخمسةِ أيُّ ذكرٍ قبلَ هذا التّاريخِ، قالَ إبنُ النّديم:

ظهرَ في صدرِ الدّولةِ العبّاسيّةِ وقبلَ ظهورِ أبي العبّاسِ رجلٌ يقالُ لهُ: بها فريد، مِن قريةٍ يُقالُ لها روى مِن ابرشهر، مجوسيٌّ يُصلّي الصّلواتِ الخمسَ بلا سجودٍ، مُتياسرٌ عنِ القبلة. وتكهّنَ ودعا المجوسَ إلى مذهبِه، فاستجابَ لهُ خلقٌ كثير. فوجَّه إليهِ أبو مسلمٍ شبيبٌ بنُ داح وعبدُ اللهِ بنُ سعيد فعرضا عليهِ الإسلامَ وأسلمَ وسود. ثمَّ لم يُقبَل إسلامُه لتكهّنِه فقُتلَ، وعلى مذهبِه بخراسانَ جماعةٌ إلى هذا الوقت. (الفهرستُ لإبنِ النّديم ص 407). 

هذا النّصُّ يكشفُ أنّ الصّلواتِ الخمسَ لم تكُن موجودةً عندَ المجوسِ والزرادشتيّةِ، وإنّما إبتدعَها شخصٌ إسمُه: بها فريد، وأدخلَها في الديانةِ المجوسيّةِ، في القرنِ الثاني الهجري، وإستجابَ لهُ الكثيرُ منَ المجوس.

فإذا لاحظنا هذا الحدثَ والذي وقعَ في القرنِ الثامنِ الميلادي، ولاحظنا أقدمَ نُسخةٍ منَ الآفستا والذي يعودُ إلى القرنِ العاشرِ الميلادي، نعرفُ أنّ الصّلواتِ الخمس قَد أضيفَت إلى الآفستا، وهيَ مِن تعاليمِ بها فريد، وليسَت مِن تعاليمِ الزرادشتيّةِ الأصليّةِ، وقد أخذَها بها فريد منَ الإسلامِ، لأنّهُ ظهرَ في بداياتِ القرنِ الثاني الهجري، وقد جاءَ بعدَ وفاةِ النبيّ (ص) بأكثر مِن مئةِ سنة. 

فمِن هُنا يُعلمُ أنّ الصّلواتِ الخمسَ والوضوءَ قد إقتبسَها علماءُ المجوسِ والزرادشت منَ الإسلامِ، وليسَ العكس. 

 

وأمّا الجنّةُ والنّارُ والبرزخُ فهيَ مِن أبجديّاتِ جميعِ الأديان. 

والحمدُ للهِ ربِّ العالمين.