هل مدرسةُ أهلِ البيتِ أصوليّةٌ مِن أساسِها؟ ومتى بدأ الفكرُ الأصولي، وما ملخّصُ هذا الفكر؟ 

: السيد رعد المرسومي

السّلام عليكم ورحمة الله، 

أمّا الجوابُ عنِ الشقِّ الأوّلِ مِن سؤالِك، فنقولُ: لا شكَّ في أنّ جمهورَ علماءِ مدرسةِ أهلِ البيتِ (ع) هُم منَ الأصوليّينَ المعروفينَ بذلكَ، ونظرةٌ عجلى في كتبِ الشيخِ المفيدِ (قدّس) في كيفيّةِ إستدلالِه لإثباتِ أمرٍ ما، أو نقضِه لأمرٍ آخر من خلالِ ما يُطرحُ مِن مسائلَ على بساطِ البحثِ والمناقشةِ، وكذلكَ الحالُ معَ تلميذيهِ الجليلينِ علمِ الهُدى المُرتضى (ره)، والشيخ الطوسيّ (ره)، ومَن جاءَ مِن بعدِهما إلى القرنِ الحادي عشرَ، فتأمَّلَ في أسلوبِهم الإستدلاليّ لإثباتِ أمرٍ أو نقضِه تنجلي لهُ حقيقةُ ذلك.   

وأمّا الجوابُ عنِ الشقِّ الثاني مِن سؤالِك، فنقولُ: إنّ الأخباريّينَ هُم فرقةٌ منَ الفقهاءِ الإماميّةِ الذينَ يَعُدُّونَ أخبارَ أئمّةِ أهلِ البيتِ وأحاديثَهم عليهم السّلام مصدراً وحيداً للفقهِ وإستنباطِ الحُكمِ الشرعي، إذ برزَت هذهِ الفرقةُ في القرنِ الحادي عشرَ، وكانَت لا تجوّزُ إستخدامَ الطّرقِ الإجتهاديّةِ وعلمِ أصولِ الفقه. وفي مقابلِها يقعُ الفكرُ الأصوليّ الذي يرى ضرورةَ العملِ بالطرقِ الإجتهاديّةِ والإتّكالِ على علمِ أصولِ الفقهِ لإستنباطِ الحُكمِ الشّرعي. 

وقد وقعَ الصّراعُ بينَ الأخباريّينَ والأصوليّينَ الإماميّةِ وإشتدّ بينَهم في القرنِ الحادي عشرَ للهجرة. وكانَ محمّد أمين الأسترابادي وعبدُ اللهِ بنُ صالٍح السماهيجي وميرزا محمّد الأخباري منَ الأخباريّينَ المُتشدّدينَ، كما أنّ الشيخَ يوسفَ البحراني والسيّدَ نعمةَ اللهِ الجزائري والملّا مُحسِن فيض الكاشاني ومحمّد تقي المجلسي ومحمّد طاهِر القُمّي والشيخَ الحرَّ العاملي منَ المُعتدلينَ لهذهِ الفرقة. وكانَ يقابلهم في مُعسكرِ الأصوليّينَ الوحيدُ البهبهاني والشيخُ الأنصاري والشيخُ جعفر كاشف الغطاء. ومجملُ الخلافاتِ التي وقعَت بينَ الأخباريّينَ والأصوليّينَ كانَت في مسائلَ، مثلِ الحُرمةِ والجوازِ في الإجتهادِ، إنحصارُ الأدلّةِ الشرعيّةِ بالكتابِ والسنّةِ، المنعُ مِن إفادةِ الظّنِّ، أسلوبُ تقسيمِ الأحاديثِ، جوازُ التقليدِ لغيرِ المعصوم، الأخذُ بظاهرِ الكتابِ، الحسنُ والقبحُ العقليّين، إجراءُ أصالةِ البراءةِ في بعضِ المواردِ، حرمةُ تطبيقِ بعضِ أنواعِ القياسِ (المنطقي)، الإعتقادُ بصحّةِ كلِّ ما جاءَ في الكتبِ الأربعةِ. [ينظر: روضاتُ الجنّاتِ للخوانساريّ، ج 2، ص 94 ، 95 )، و(رسالةُ «الفرقِ بینَ الأخباریّینَ و الأصولیّینَ ، للحسینی القزوینی)، وكتابُ كليّاتٌ في علمِ الرّجالِ للسبحانيّ، ص35 وما بعدَها، وكتابُ أصولُ علمِ الرّجالِ بينَ النّظريّةِ والتّطبيقِ للداوريّ، ج1/ص23 وما بعدَها). ودمتُم سالِمين.