السّلام عليكم ورحمة اللهِ وبركاته،
هوَ عمرو بنُ ثابتٍ بنِ وَقَش الأوسيّ الأشهليّ، المعروف بأصيرم، ذكرَ المؤرّخونَ أنّه أسلمَ في المعركةِ يومِ أحدٍ واستشهدَ، فكانَ إسلامُه مقروناً بشهادتِه، ولذا قيلَ: إنّه دخلَ الجنّةَ ولم يُصلِّ.
قالَ أحمدُ بنُ حنبلٍ في [المُسندِ ج5 ص428]: « حدّثنا يعقوبُ بنُ إبراهيم، حدّثنا أبي، عن إبنِ إسحاق، حدّثني الحصينُ بنُ عبدِ الرّحمنِ بنِ عمرو بنِ سعدٍ بنِ معاذ، عن أبي سفيان مولى أبي أحمد، عن أبي هريرةَ، قالَ: كانَ يقوُل: حدّثوني عن رجلٍ دخلَ الجنّةَ لم يُصلِّ قطُّ، فإذا لم يعرفهُ النّاسُ سألوه مَن هوَ، فيقولُ أصيرمُ بني عبدِ الأشهلِ عمرو بنُ ثابتٍ بنِ وقش. قاَل الحصينُ: فقلتُ لمحمودٍ بنِ لبيد: كيفَ كانَ شأنُ الأصيرم؟ قالَ: كانَ يأبى الإسلامَ على قومِه، فلمّا كانَ يومُ أحدٍ وخرجَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ [وآله] وسلّم إلى أحدٍ بدا لهُ الإسلامُ فأسلمَ، فأخذَ سيفَه فغدا حتّى أتى القومَ، فدخلَ في عرضِ النّاسِ فقاتلَ حتّى أثبتتهُ الجراحةُ، قالَ: فبينما رجالُ بني عبدِ الأشهلِ يلتمسونَ قتلاهم في المعركةِ إذا هُم به، فقالوا: واللهِ إنَّ هذا للأصيرمُ وما جاءَ، لقد تركناهُ وإنّهُ لمنكرُ هذا الحديثِ، فسألوهُ ما جاءَ بهِ قالوا: ما جاءَ بكَ يا عمرو؟ أحرباً على قومِك أو رغبةً في الإسلامِ؟ قالَ: بل رغبةً في الإسلامِ، آمنتُ باللهِ ورسولِه وأسلمتُ، ثمَّ أخذتُ سيفي فغدوتُ معَ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه [وآله] وسلّم فقاتلتُ حتّى أصابني ما أصابني، قالَ: ثمَّ لم يلبِث أن ماتَ في أيديهم، فذكروهُ لرسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ [وآله] وسلّم، فقالَ: إنّه لمِن أهلِ الجنّة ».
هذا ما وردَ في كتبِ المخالفينَ، وقد وردَ في كتابِ [تفسير القمّي ج1 ص173]: « وكانَ عمرو بن قيسٍ قد تأخّرَ إسلامُه، فلمّا بلغَه أنَّ رسولَ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله في الحربِ أخذَ سيفَه وترسَه وأقبلَ كالليثِ العادي يقولُ: أشهدُ أن لا إلهَ إلّا الله وأنّ محمّداً رسولُ الله، ثمَّ خالطَ القومَ فاستشهدَ، فمرّ بهِ رجلٌ منَ الأنصار فرآهُ صريعاً بين القتلى، فقالَ: يا عمرو، أنتَ على دينِكَ الأوّلِ؟ فقالَ: معاذَ الله، واللهِ إنّي أشهدُ أن لا إلهَ إلّا الله وأنّ محمّداً رسولُ الله، ثمَّ ماتَ، فقالَ رجلٌ مِن أصحابِ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله: يا رسولَ اللهِ، إنَّ عمرو بنَ قيسٍ قد أسلمَ فهوَ شهيدٌ؟ فقالَ: إي واللهِ، إنّهُ شهيدٌ، ما رجلٌ لم يصلِّ للهِ ركعةً دخلَ الجنّةَ غيره ».
ويبدو أنَّ إسمَ « عمرو بنُ قيسٍ » تحرّفَ عن « عمرو بنُ ثابتٍ »، كما نبّهَ عليهِ غيرُ واحدٍ منَ المُحقّقينَ، ومِن جُملتِهم مُحقّقُ تفسيرِ القمّيّ، فإنّه قالَ في الهامشِ: « كذا، والصّوابُ عمرو بنُ ثابتٍ بنِ وقشٍ بنِ زغبةَ الأسى الأشهلي، أخو سلمةَ بنِ ثابتٍ، إستشهدَ يومَ أحد ».
والحمدُ للهِ ربِّ العالمين.