سؤال عن عصمة الائمة (ع)

الكُليني –الكافي- بسندٍ حكمَ المجلسيُّ بأنّهُ (حسنٌ أو موثّقٌ) مرآةُ العقولِ 25/194عن عبدِ الملكِ قالَ: وقعَ بينَ أبي جعفرٍ وبينَ ولدِ الحسنِ (عليهما السّلام) كلامٌ فبلغني ذلكَ، فدخلتُ على أبي جعفرٍ (ع) فذهبتُ أتكلّمُ فقالَ لي: مَه، لا تدخُل فيما بينَنا.  قالَ المجلسيُّ في شرحِ الخبرِ: قوله: (وكذلكَ نحنُ) أي: ليسَ لكُم أن تحاكموا بينَنا لأنّ الخصمينِ كلاهُما مِن أولادِ الرّسول.  هل يُنافي العصمة؟ 

: سيد حسن العلوي

السلام عليكم ورحمة اله وبركاته :  

لا يدلُّ قولُ الإمامِ (ع): "لا تدخُل فيما بينَنا" على الإخلالِ بعصمتِهم، فالظاهرُ أنّ مرادَ الإمامِ (ع) هو بيانُ قاعدةٍ كليّةٍ وهوَ أن لا يتدخّلَ العوامُّ في النّزاعاتِ الشخصيّةِ بينَ ذريّةِ رسولِ اللهِ (ص)، وأن لا يذكروهم بسوءٍ بسببِ تلكَ النزاعاتِ، أو الحطِّ مِن شأنِهم، إكراماً لإنتسابِهم إلى رسولِ اللهِ (ص)، ولذا وجبَ تكريمُهم وإحترامُهم، ولا يجوزُ ذكرُهم بسوء. 

وهذا النصُّ لا يدلُّ على أنّ الإمامَ (ع) قد يُخطئ، بل وردَ لبيانِ الضّابطةِ الكليّةِ كما تقدّمَ، أو لبيانِ أنّ خطأ الطّرفِ المُقابلِ وتجاوزَه على الإمامِ المعصومِ (ع) لا يُبرّرُ لنا الخوضَ فيهم وذكرَهم بسوءٍ والبراءةَ منهم، لأنّهم أبناءُ رسولِ اللهِ (ص) والإمامُ (ع) قد عفا عنهم لأنّهم أبناءُ عمومتِه. 

هذا غايةُ ما يُفهمُ منَ النصّ. 

ولكن ... لو إدّعى أحدُ ولدِ فاطمةَ (عليها السّلام) الإمامةَ، أو إبتدعَ في الدّينِ، فيجبُ البراءةُ منه، كما وردَ ذلكَ في رواياتٍ عديدة:  

 

1- روى الكُلينيُّ بسندِه عَن سورةَ إبنِ كُليب ، عن أبي جعفرٍ (عليه السّلام) قالَ : قلتُ له : قولُ اللهِ عزَّ وجلَّ : { ويومَ القيامةِ ترى الذينَ كذّبوا على اللهِ وجوهُهم مسودّةً } ؟ قالَ : مَن قالَ : إنّي إمامٌ وليسَ بإمامٍ قالَ : قلتُ : وإن كانَ علويّاً ؟ قالَ : وإن كانَ علويّاً ، قلتُ وإن كانَ مِن ولدِ عليٍّ إبنِ أبي طالب عليه السّلام ؟ قالَ : وإن كان. (الكافي للكُلينيّ: 1 / 372، الغيبةُ للنّعماني ص 113 - 114). 

2- وروى الكلينيّ عن الحسينِ بنِ المُختار قالَ : قلتُ لأبي عبدِ الله عليه السّلام : جعلتُ فداكَ { ويومَ القيامةِ ترى الذينَ كذبوا على اللهِ } ؟ قالَ : كلُّ مَن زعمَ أنّهُ إمامٌ وليسَ بإمام ، قلتُ : وإن كانَ فاطميّاً علويّاً ؟ قالَ وإن كانَ فاطميّاً علويّاً . (المصدرُ السّابق). 

3- وروى الصّدوقُ بسندٍ صحيحٍ عن عبدِ اللهِ بنِ سنان ، قالَ : قالَ أبو عبدِ اللهِ عليه السّلام : ليسَ بينَكم وبينَ مَن خالفَكم إلّا المطمرُ . قلتُ : وأيُّ شيءٍ المطمرُ؟ قالَ : الذي تسمّونَه التّرَّ فمَن خالفَكم وجازَه فابرؤوا منهُ وإن كانَ علويّاً فاطميّاً. (معاني الأخبارِ ص 213). 

4- وروى الصّدوقُ بسندٍ صحيحٍ عَن محمّدٍ بنِ سنان ، عن حمزةَ ، ومحمّدٍ إبني حمران ، قالا : إجتمعنا عندَ أبي عبدِ اللهِ عليه السّلام في جماعةٍ مِن أجلّةِ مواليهِ وفينا حمرانُ بنُ أعين فخُضنا في المُناظرةِ وحمرانُ ساكتٌ فقالَ لهُ أبو عبدِ اللهِ عليهِ السّلام : مالكَ لا تتكلّمُ يا حمران . فقالَ : يا سيّدي آليتُ على نفسي أنّي لا أتكلّمُ في مجلسٍ تكونُ فيه . فقالَ أبو عبدِ اللهِ عليه السّلام : إنّي قد أذنتُ لكَ في الكلامِ فتكلّم . فقالَ حمرانُ : أشهدُ أن لا إلهَ إلّا الله وحدَه لا شريكَ له ، لم يتّخِذ صاحبةً ولا ولداً ، خارجٌ منَ الحدّينِ حدُّ التّعطيلِ وحدُّ التشبيهِ ، وأنَّ الحقَّ القولُ بينَ القولينِ لا جبرٌ ولا تفويضٌ ، وأنَّ محمّداً عبدُ اللهِ ورسوله أرسلَه بالهُدى ودينِ الحقِّ ليُظهرَه على الدّينِ كلِّه ولو كرهَ المُشركونَ ، وأشهدُ أنَّ الجنّةَ حقٌّ ، وأنَّ النّارَ حقٌّ ، وأنَّ البعثَ بعدَ الموتِ حقٌّ ، وأشهدُ أنَّ عليّاً حُجّةُ اللهِ على خلقِه لا يسعُ النّاسُ جهلَه ، وأنَّ حسناً بعدَه وأنَّ الحُسينَ مِن بعدِه ، ثمَّ عليٌّ بنُ الحُسين ، ثمَّ محمّدٌ بنُ علي ، ثمَّ أنتَ يا سيّدي مِن بعدِهم . فقالَ أبو عبدِ الله عليهِ السّلام : التّرتر حمران . ثمَّ قالَ : يا حمرانُ مدَّ المطمرَ بينَك وبينَ العالِم ، قلتُ : يا سيّدي وما المطمرُ ؟ فقالَ : أنتم تسمّونَه خيطَ البناءِ ، فمَن خالفكَ على هذا الأمرِ فهوَ زنديقٌ . فقالَ حمران : وإن كانَ علويّاً فاطميّاً ؟ فقالَ أبو عبدِ اللهِ عليه السّلام : وإن كانَ محمّديّاً علويّاً فاطميّاً . (معاني الأخبار ص 212 – 213). 

5- وروى القمّيُّ بسندٍ صحيحٍ عن أبي المعزا عن أبي عبدِ اللهِ عليهِ السّلام قالَ : مَن إدّعى أنّهُ إمامٌ وليسَ بإمامٍ يومَ القيامةِ ترى الذينَ كذبوا على اللهِ وجوهُهم مسودّةً ، قلتُ وإن كانَ علويّاً فاطميّاً ؟ قالَ وإن كانَ علويّاً فاطميّاً. (تفسيرُ القمّي: 2 / 251). 

 

والحمدُ للهِ ربِّ العالمين.