هل كانَ النبيّ (ص) يُنادي الإمامَ الحسنَ (ع) ـ عندَما كانَ صغيراً ـ بـ«لُكع»؟ ومَن هوَ «لكعُ بنُ لكع» المشهورُ الذي يظهرُ في آخرِ الزّمان؟

: السيد عبدالهادي العلوي

السّلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته، 

أمّا السّؤالُ الأوّلُ: فلم يُعثَر على روايةٍ مِن طرقِ الإماميّةِ أنّ النبيّ صلّى اللهُ عليهِ وآله كانَ يُنادي الإمامَ الحسنَ عليه السّلام عندَما كانَ صغيراً بكلمةِ « لكع ».. وإنّما وردَ ذلكَ في مصادرِ المُخالفين، فروى البخاريّ في [صحيحِه ج7 ص55] وغيرُه عَن أبي هريرةَ، قالَ: « كنتُ معَ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه [وآله] وسلّم في سوقٍ مِن أسواقِ المدينةِ، فانصرفَ فانصرفتُ، فقالَ: أينَ لُكع ـ ثلاثاً ـ، أدعُ الحسنَ ابنَ عليٍّ، فقامَ الحسنُ بنُ عليٍّ يمشي وفي عنقِه السّخابُ، فقالَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه [وآله] وسلم بيدِه هكذا، فقالَ الحسنُ بيدِه هكذا، فالتزمَه، فقاَل: اللهمَّ إنّي أحبّه وأحبُّ مَن يحبُّه، قالَ أبو هريرةَ: فما كانَ أحدٌ أحبَّ إليَّ منَ الحسنِ بنِ عليٍّ بعدَما قالَ رسولُ الله ِصلّى اللهُ عليه [وآله] وسلّم ما قالَ ». 

وقد نصَّ العلماءُ على أنّ «لُكع» قد يُطلقُ على الصبيّ لصغرِه، قالَ الجوهريّ في [الصّحاحِ ج1 ص1280]: «ويقالُ للجحشِ لكع، وللصبيّ الصّغيرِ أيضاً، وفي حديثِ أبي هريرةَ: (أثمَّ لكع؟)  يعني الحسنَ أو الحسينَ رضيَ اللهُ عنهما»، وقالَ إبنُ الأثيرِ في [النّهايةِ ج4 ص268]: « وقد يُطلقُ على الصّغيرِ، ومنهُ الحديثُ: أنّهُ عليهِ السّلام جاءَ يطلبُ الحسنَ بنَ عليٍّ قالَ: أثمَّ لكع؟ »، وقالَ الطريحيّ في [مجمعِ البحرين ج4 ص388]: « قالَ بعضُ الشارحينَ: ويقالُ للصّبيّ الصّغيرِ لُكع، ذهاباً إلى صغرِ جثّتِه »، وقالَ الزرندي الحنفي في [نظمِ دررِ السّمطين ص199]: «قولُه: (لُكع بنُ لكع): سألَ بلالٌ بنُ جريرٍ عَن لُكع، فقالَ: هيَ في لغتِنا الصّغير». 

إذن: الرّوايةُ مُعتبرةٌ عندَ المُخالفين لا عندَ الإماميّةِ لعدمِ ورودِها عندَنا، وهيَ لا تدلّ على التّنقيصِ؛ لصحّةِ إطلاقِها على الصّغيرِ بلا حزازة.  

أمّا السّؤالُ الثاني: فقد روى الشّيخُ الصّدوقُ ـ وهو مِن علمائِنا ـ في [معاني الأخبارِ ص325] بسندِه عن حفصٍ بنِ غياث ، عن جعفرٍ بنِ محمّدٍ، عَن أبيه، عن آبائه عليهم السّلام قالَ: قال رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله: « يأتي على النّاسِ زمانٌ يكونُ أسعدُ الناسِ بالدّنيا لكعٌ بنُ لكع، خيرُ النّاسِ يومئذٍ مؤمنٌ بينَ كريمين ».  

وعلّقَ عليه الصّدوقُ بقولِه: «اللّكعُ: العبدُ اللئيمُ، وقد قيلَ: إنَّ اللكعَ الصّغيرُ، وقد قيلَ: إنّهُ الرديّ، و «مؤمنٌ بينَ كريمين» أي بينَ أبوينِ مؤمنينِ كريمين، وقد قيلَ: بينَ الحجِّ والجهادِ، وقد قيلَ: بينَ الفرسينِ يغزو عليهما، وقيلَ: بينَ بعيرينِ يستقي عليهما ويعتزلُ النّاس». 

وروى أحمدُ بنُ حنبل في [المسندِ ج2 ص326] بسندِه عن أبي هريرةَ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ [وآله] وسلم: « تعوّذوا باللهِ مِن رأسِ السّبعين، ومِن إمارةِ الصّبيان »، وقالَ: « لا تذهبُ الدّنيا حتّى تصيرَ للكعٍ بنِ لكع »، ورُويَ الحديثُ عَن غيرِ واحدٍ منَ الصّحابةِ.. ولم يُعثَر على هذا اللفظِ مِن طرقِنا.   

قالَ أحمدُ بنُ حنبل: «وقالَ الأسودُ [بنُ عامر]: يعني المتّهمَ إبنَ المُتّهم »، وقالَ الزبيديّ في [تاجِ العروسِ ج11 ص439] بعدَ ذكرِ الحديثِ: « قيلَ: أرادَ اللئيمَ، وقيلَ: الوسخَ»، وقالَ إبنُ منظور في [لسانِ العربِ ج8 ص333] بعدَ ذكرِ الحديثِ: «قالَ أبو عبيدةَ: اللّكعُ عندَ العربِ العبدُ أو اللئيم، وقيلَ: الوسخُ، وقيلَ: الأحمقُ». 

ولا يخفى أنّ عنوانَ «لكعٍ بنِ لكع» عامٌّ ومصداقُه غيرُ معيّنٍ، ولهذا إختلفتِ التّفسيراتُ على وجوهٍ:  

منها: إمارةُ بني العبّاسِ: ذكرَ المروزيّ الحديثَ في [الفتن ص115] تحتَ عنوانِ خروجِ بني العبّاسِ، مِن طريقِ عبدِ الرزّاقِ عَن معمّر، وذكرَ فيه: «قالَ عبدُ الرزّاق: قالَ معمّر: وهَو أبو مسلم»، وينظر [البدايةُ والنّهاية ج6 ص377].  

ومنها: الدجّالُ: المعروفُ باسمِ إبنِ صائد أو صيّاد، قالَ البُخاريّ في [التاريخِ الكبير ج3 ص229] بعدَ ذكرِ الحديثِ: « وقالَ يزيد عن الوليدِ بن جميعٍ عَن جهمٍ إبنِ عبدِ الرّحمن بنِ موهب قلتُ لابنِ صائد ».  

والحمدُ للهِ ربِّ العالمين.