اين دفنِ رأسِ الحُسينِ عليهِ السّلام

٢- إن المتعارف بين مذهب محبي شيعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعترته الطاهرة صلوات الله تعالى وسلامه عليهم أن مرقد الإمام الحسين صلوات الله تعالى وسلامه عليه في كربلاء المقدسة ضم رأسه الطاهر الشريف ورؤوس أهل بيته وأصحابه عليهم السلام الشريفة ولكن هل لدينا دليل قوي بذلك فقد اختلفت الأماكن التي تقول بدفن الرأس الطاهر عندهم كمصر والمدينة المنورة في البقيع الغرقد وجنب مرقد سيدة نساء العالمين البتول الطاهرة فاطمة الزهراء صلوات الله تعالى وسلامه عليها والشام فهل لدينا دليل قوي للرد على هذه الأقوال أجيبونا آجركم الله عز وجل

: السيد رعد المرسومي

السّلامُ عليكم ورحمةُ الله: 

إنّ لعلمائنا الأعلامِ قولينِ مشهورينِ في دفنِ رأسِ الإمامِ الحُسينِ عليه السّلام. 

فأمّا القولُ الأوّلُ، فهوَ رجوعُ الرّأسِ إلى كربلاء المُقدّسة، وهوَ الرّأيُ القائلُ بإلحاقِ الرّأسِ بالجسدِ الشّريفِ الذي يذهبُ إليه كلٌّ منَ: الشّيخِ الصّدوقِ، والسّيّدِ المُرتضى، والسّيّدِ إبنِ طاووس ـ قدّسَ اللهُ أسرارَهم ـ وغيرُهم، عَن غيرِ المعصومِ، ويُفهمُ مِن كلامِ إبنِ نما الحلّي ـ كما سيأتي ذِكرُه ـ إشتهارُه لدى الشّيعةِ الإماميّةِ، ونستعرضُ فيما يلي ما وردَ في هذا الموضعِ. 

1-أوردَ الصّدوقُ (قدّسَ) في الأمالي: ص231 : بإسنادِه عَن فاطمةَ بنتِ عليٍّ، قالَت: ثمّ إنّ يزيد ـ لعنَهُ الله ـ أمرَ بنساءِ الحُسينِ عليه السّلام ، فحُبسنَ مع عليّ بنِ الحُسين عليهما السّلام  في محبسٍ لا يكنُّهم مِن حرٍّ ولا قرّ؛ حتّى تقشّرَت وجوهُهم، ولم يُرفَع في بيتِ المقدسِ حجرٌ عَن وجهِ الأرضِ إلاَّ وُجدَ تحتَه دمٌ عبيطٌ، وأبصرَ النّاسُ الشّمسَ على الحيطانِ حمراء، كأنّها الملاحفُ المُعصفرةُ، إلى أن خرجَ عليُّ بنُ الحسينِ عليهما السّلام بالنّسوةِ، وردّ رأسَ الحُسينِ إلى كربلاء. 

 2-سُئلَ السّيّدُ المُرتضى قدّسَ سرّه : هل ما رويَ مِن حملِ رأسِ مولانا الشهيدِ أبي عبدِ الله عليه السّلام إلى الشّامِ صحيحٌ؟ و ما الوجهُ في ذلك؟ فأجابَ قدّسَ سرّه : ((هذا أمرٌ قد رواهُ جميعُ الرّواةِ والمُصنّفينَ في يومِ الطّفِّ، وأطبقوا عليه، وقد رووا أيضاً أنّ الرّأسَ أعيدَ بعدَ حملِه إلى هناكَ، ودُفنَ معَ الجسدِ بالطّف)) [رسائلُ المُرتضى: ج3، ص130].  

3-ذكرَ إبنُ نما الحلّي قدّس سرّه : ((والذي عليهِ المعوَّلُ منَ الأقوالِ أنّه [أي الرّأسُ الشّريفُ] أعيدَ إلى الجسدِ بعدَ أن طيفَ بهِ في البلادِ، ودُفنَ معه)) [ينظر: مثيرُ الأحزان،ص85].  

4-ذكرَ السيّدُ إبنُ طاووسَ أنّ عملَ الطّائفةِ على هذا المعنى ـ وهو ردُّ الرّأسِ الشريفِ إلى الجسدِ الطّاهرِ في كربلاء، أضِف إلى ذلكَ أنّه عدَّ التّساؤلَ عن كيفيّةِ ضمّ الرّأسِ الشريفِ إلى الجسدِ فيهِ نوعٌ منَ الجهلِ وسوءِ الأدبِ، كالسّؤالِ عَن كيفيّةِ إحيائِه بعدَ شهادتِه. [ينظر:اللّهوفُ على قتلى الطّفوف، ص114]. 

وأمّا القولُ الثاني، فهوَ أنّ الرّأسَ الشريفَ دُفنَ في النّجفِ الأشرفِ عندَ مشهدِ أميرِ المؤمنينَ عليه السّلام، ويستدلُّ على ذلكَ بمجموعةٍ منَ الرّواياتِ الواردةِ في الكتبِ المُعتبرةِ، وهيَ كالتّالي: 

1-في كتابِ الكافي للكُلينيّ (ره) (ج4/ص1157)، رقمُ الحديثِ (8119)  بإسنادِه عن أبي عبدِ اللهِ عليه السّلام روايةٌ تصرّحُ بأنّ الرّأسَ الشريفَ دُفنَ عندَ مشهدِ أميرِ المؤمنينَ عليه السّلام. ورواها إبنُ قولويه في كاملِ الزّيارات. 

2-في كتابِ كاملِ الزّياراتِ (ص86-87): وقد ذكرَت فيهِ جملةٌ منَ الرّواياتِ الدّالّةِ بصريحِها على أنّ الرّأسَ قد دُفنَ عندَ أميرِ المؤمنينَ عليه السّلام.  

3ـ في كتابِ تهذيبِ الأحكامِ (ج6/ص777)، رقمُ الحديثِ (7076): وقد ذُكرَت فيهِ روايتان، إحداهُما تُصرّحُ بدفنِ الرّأسِ عندَ أميرِ المؤمنينَ عليه السّلام أيضاً. 

ولذا ترى آراءَ العُلماءِ في موضعِ أو مدفنِ الرّأسِ الشّريفِ مُتعدّدةً تبعاً لتعدّدِ المنقولِ، وهيَ تؤكّدُ ـ على الأقلِّ ـ أنّ هذا الموضعَ هوَ موضعُ تقديسٍ وإهتمامٍ مِن قِبلِ الأئمّةِ عليهم السّلام والعلماءِ، وأنّه مكانٌ يُزارُ منهُ الإمامُ الحسينُ عليه السّلام. ودمتُم سالِمين.