من الذي أغضب فاطمة الزهراء : هل هو سيدنا أبو بكر الصديق أم سيدنا علي بن أبي طالب ؟

الشبهة: روى الصدوق...أتى رجل أبا عبد الله " ع " فقال له : يرحمك الله هل تشيع الجنازة بنار ويمشي معها بمجمرة أو قنديل أو غير ذلك مما يضاء به ؟ قال فتغير لون أبى عبد الله " ع " من ذلك واستوى جالساً ، ثم قال: انه جاء شقي من الأشقياء إلى فاطمة بنت رسول الله (ص) فقال لها : أما علمت أن علياً قد خطب بنت أبى جهل فقالت : حقاً ما تقول ؟ فقال : حقاً ما أقول ثلاث مرات ، فدخلها من الغيرة مالا تملك نفسها ، وذلك أن الله تبارك وتعالى كتب على النساء غيرة ، وكتب على الرجال جهاداً ، وجعل للمحتسبة الصابرة منهن من الأجر ما جعل للمرابط المهاجر في سبيل الله ، قال: فاشتد غم فاطمة من ذلك وبقيت متفكرة  حتى أمست ، وجاء الليل حملت الحسن على عاتقها الأيمن والحسين على عاتقها الأيسر وأخذت بيد أم كلثوم اليسرى بيدها اليمنى ثم تحولت إلى حجرة أبيها فجاء علي فدخل حجرته فلم ير فاطمة فاشتد لذلك غمه وعظم عليه ولم يعلم القصة ما هي ، فاستحى أن يدعوها من منزل أبيها فخرج إلى المسجد يصلي فيه ما شاء الله ، ثم جمع شيئاً من كثيب المسجد واتكى عليه ، فلما رأى النبي صلى الله عليه وآله ما بفاطمة من الحزن ، أفاض عليها من الماء ، ثم لبس ثوبه ودخل المسجد فلم يزل يصلي بين راكع وساجد ، وكلما  صلى ركعتين دعا الله أن يذهب ما بفاطمة من الحزن والغم ، وذلك أنه خرج من عندها وهى تتقلب وتتنفس الصعداء ، فلما رآها النبي صلى الله عليه وآله أنها لا يهنيها النوم وليس لها قرار ، قال لها :  قومي يا بنية ، فقامت فحمل النبي صلى الله عليه وآله الحسن وحملت فاطمة الحسين وأخذت بيد أم كلثوم فانتهى إلى علي " ع " وهو نائم فوضع النبي صلى الله عليه وآله رجله على رجل علي فغمزه وقال : قم يا أبا تراب فكم ساكن أزعجته ، ادع لي أبا بكر من داره وعمر من مجلسه وطلحة ، فخرج علي فاستخرجهما من منزلهما واجتمعوا عند رسول الله صلى الله عليه وآله فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : يا علي : أما علمت أن فاطمة بضعة مني وأنا منها ، فمن آذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ، ومن آذاها بعد موتى كان كمن آذاها في حياتي ، ومن آذاها في حياتي كان كمن آذاها بعد موتى...)( علل الشرائع للقمي الجزء الأول  ص185-186).

: اللجنة العلمية

     أولاً : لو سلمنا بما فُهِمَ من هذا المقطع من الرواية أنّ الإمام علي (ع) هو من آذى الزهراء (ع) ، فهذا يتعارض مع كثير من الروايات التي تثبت أذية الشيخين لمولاتنا الزهراء(ع) , والترجيح للكثرة , كما هو واضح .

      ثانياً : إنّ مسألة تقطيع الرواية متعارفة عند المخالفين , فيأخذون ما يُظن أنه ينفعهم , ويتركون ما يُعلم أنه يضرهم.

نعم ممكن ترك ما قيل في الرواية مما لا يؤثر على فهم المقطوع، وأما إنْ كان قرينة متصلة على فهم المقطوع، فهذا لا يصح مطلقاً.

      والرواية المذكورة من هذا السلوك الخاطئ، ولذا نضطر إلى ذكر الرواية كاملة. 

     ثالثاً : سيتضح أنّ الرواية فيها مدح لمولانا علي (ع) وذمٌ للشيخين , وهما اللذان آذيا مولاتنا الزهراء (ع) وليس مولانا علي (ع) .

     روى الصدوق... أتى رجل أبا عبد الله " ع " فقال له : يرحمك الله هل تشيع الجنازة بنار ويمشي معها بمجمرة أو قنديل أو غير ذلك مما يضاء به ؟ قال فتغير لون أبي عبد الله " ع " من ذلك واستوى جالساً ثم قال : إنه جاء شقي من الأشقياء إلى فاطمة بنت رسول الله ( ص ) فقال لها : أما علمت أن علياً قد خطب بنت أبي جهل فقالت : حقا ما تقول ؟ فقال : حقا ما أقول ثلاث مرات ، فدخلها من الغيرة مالا تملك نفسها وذلك أن الله تبارك وتعالى كتب على النساء غيرة ، وكتب على الرجال جهاداً ، وجعل للمحتسبة الصابرة منهن من الأجر ما جعل للمرابط المهاجر في سبيل الله ، قال : فاشتد غم فاطمة من ذلك وبقيت متفكرة  حتى أمست ،  وجاء الليل حملت الحسن على عاتقها الأيمن والحسين على عاتقها الأيسر ، وأخذت بيد أم كلثوم اليسرى بيدها اليمنى ثم تحولت إلى حجرة أبيها ، فجاء علي فدخل حجرته فلم ير فاطمة ، فاشتد لذلك غمه وعظم عليه ولم يعلم القصة ما هي ، فاستحى أن يدعوها من منزل أبيها فخرج إلى المسجد يصلي فيه ما شاء الله ، ثم جمع شيئاً من كثيب المسجد واتكى عليه ، فلما رأى النبي صلى الله عليه وآله ما بفاطمة من الحزن ، أفاض عليها من الماء ، ثم لبس ثوبه ودخل المسجد ، فلم يزل يصلي بين راكع وساجد ، وكلما صلى ركعتين دعا الله أن يذهب ما بفاطمة من الحزن والغم ، وذلك أنه خرج من عندها وهي تتقلب وتتنفس الصعداء ، فلما رآها النبي صلى الله عليه وآله أنها لا  يهنيها النوم وليس لها قرار ، قال لها : قومي يا بنية ،  فقامت فحمل النبي صلى الله عليه وآله الحسن ، وحملت فاطمة الحسين وأخذت بيد أم كلثوم ، فانتهى إلى علي " ع " وهو نائم فوضع النبي صلى الله عليه وآله رجله على رجل علي فغمزه وقال قم يا أبا تراب فكم ساكن أزعجته ، ادع لي أبا بكر من داره وعمر من مجلسه وطلحة ، فخرج علي فاستخرجهما من منزلهما واجتمعوا عند رسول الله صلى الله عليه وآله فقال رسول الله صلى الله عليه وآله يا علي أما علمت أن فاطمة بضعة مني وأنا منها ، فمن آذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ، ومن آذاها بعد موتى كان كمن آذاها في حياتي ، ومن آذاها في حياتي كان كمن آذاها بعد موتى ، قال : فقال علي بلى يا رسول الله ، قال : فما دعاك إلى ما صنعت ؟ فقال علي : والذي بعثك بالحق نبياً ما كان مني مما بلغها شئ ولا حدثت بها نفسي ، فقال النبي : صَدقت وصُدقت . ففرحت فاطمة عليها السلام بذلك وتبسمت حتى رئي ثغرها ، فقال أحدهما لصاحبه : إنه لعجب لحينه ما دعاه إلى ما دعانا هذه الساعة ، قال : ثم أخذ النبي صلى الله عليه وآله بيد علي فشبك أصابعه بأصابعه فحمل النبي صلى الله عليه وآله الحسن وحمل الحسين علي وحملت فاطمة أم كلثوم وأدخلهم النبي بيتهم ووضع عليهم قطيفة ، واستودعهم الله ، ثم خرج وصلى بقية الليل ، فلما مرضت فاطمة مرضها الذي ماتت فيه ، أتياها عايدين واستاذنا عليها ، فأبت أن تأذن لهما ، فلما رأى ذلك أبو بكر أعطى الله عهداً أن لا يظله سقف بيت حتى يدخل على فاطمة ويتراضاها ، فبات ليلة في البقيع ما يظله شئ ، ثم إن عمر أتى علياً " ع " فقال له : إن أبا بكر شيخ رقيق القلب ، وقد كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله في الغار ، فله صحبة ، وقد أتيناها غير هذه المرة مراراً نريد الإذن عليها وهي تأبى أن تأذن لنا حتى ندخل عليها فنتراضى ، فإن رأيت أن تستأذن لنا عليها فافعل ، قال : نعم ، فدخل علي على فاطمة عليها السلام فقال : يا بنت رسول الله صلى الله عليه وآله قد كان من هذين الرجلين ما قد رأيت ، وقد تردد مراراً كثيرة ورددتهما ولم تأذني لهما وقد سألاني أن استأذن لهما عليك ؟ فقالت والله لا آذن لهما ولا أكلمهما كلمة من رأسي حتى ألقى أبى فأشكوهما إليه بما صنعاه وارتكباه مني ، فقال علي " ع " فإني ضمنت لهما ذلك قالت : إن كنت قد ضمنت لهما شيئاً فالبيت بيتك والنساء تتبع الرجال لا أخالف عليك بشئ فاذن لمن أحببت ، فخرج علي " ع " فأذن لهما ، فلما وقع بصرهما على فاطمة عليها السلام سلما عليها ، فلم ترد عليهما وحولت وجهها عنهما ، فتحولا واستقبلا وجهها حتى فعلت مراراً وقالت : يا علي : جاف الثوب وقالت لنسوة حولها : حولن وجهي ، فلما حولن وجهها حولا إليها ، فقال أبو بكر : يا بنت رسول الله إنما أتيناك ابتغاء مرضاتك واجتناب سخطك ، نسألك أن تغفري لنا وتصفحي عما كان منا إليك ، قالت : لا أكلمكما من رأسي كلمة واحدة ابداً حتى القى أبى وأشكوكما إليه وأشكو صنيعكما وفعالكما وما ارتكبتما مني ، قالا : إنا جئنا معتذرين مبتغين مرضاتك فاغفري واصفحي عنا ولا تواخذينا بما كان منا ، فالتفتت إلى علي " ع " وقالت : إني لا اكلمهما من رأسي كلمة حتى أسألهما عن شئ سمعاه من رسول الله ، فإن صدقاني رأيت رأيي ، قالا : اللهم ذلك لها وإنا لا نقول إلا حقاً ولا نشهد إلا صدقاً ، فقالت : أنشدكما الله أتذكران أن رسول الله صلى الله عليه وآله استخرجكا في جوف الليل لشئ كان حدث من أمر علي ؟ فقالا : اللهم نعم ، فقالت : أنشدكما بالله هل سمعتما النبي صلى الله عليه وآله يقول : فاطمة بضعة منى وأنا منها ، من آذاها فقد آذاني ، ومن آذاني فقد اذى الله ، ومن آذاها بعد موتي فكان كمن آذاها في حياتي ومن آذاها في حياتي كان كمن آذاها بعد موتي ؟ قالا : اللهم نعم ، قالت : الحمد لله ، ثم قالت : اللهم إني أشهدك فاشهدوا يا من حضرني أنهما قد آذياني في حياتي وعند موتى ، والله لا أكلمكما من رأسي كلمة حتى القى ربي فأشكوكما بما صنعتما بي وارتكبتما مني ، فدعا أبو بكر بالويل والثبور وقال : ليت أمي لم تلدني فقال عمر : عجباً للناس كيف ولَّوْك أمورهم ،  وأنت شيخ قد خرفت ، تجزع لغضب امرأة وتفرح برضاها ، وما لمن أغضب امرأة ، وقاما وخرجا . قال : فلما نعي إلى فاطمة نفسها ، أرسلت إلى أم أيمن وكانت أوثق نسائها عندها وفي نفسها ، فقالت لها : يا أم أيمن : إن نفسي نعيت إلي فادعي لي علياً ، فدعته لها ، فلما دخل عليها قالت له : يا بن العم أريد أن أوصيك بأشياء فاحفظها عليَّ ، فقال لها : قولي ما أجبت ، قالت له تزوج فلانة تكون لولدي مربية من بعدي مثلي واعمل نعشاً رأيت الملائكة قد صورته لي فقال لها علي أريني كيف صورته ؟ فأرته ذلك كما وصفت له وكما أمرت به ثم قالت : فإذا أنا قضيت نحبي فأخرجني من ساعتك أي ساعة كانت من ليل أو نهار ، ولا يحضرن من أعداء الله وأعداء رسوله للصلاة علي أحد ، قال علي " ع " أفعل ، فلما قضت نحبها صلى الله عليها وهم في ذلك في جوف الليل أخذ علي في جهازها من ساعته كما أوصته فلما فرغ من جهازها أخرج علي الجنازة واشعل النار في جريد النخل ، ومشى مع الجنازة بالنار حتى صلى عليها ودفنها ليلاً ، فلما أصبح أبو بكر وعمر عاودا عايدين لفاطمة فلقيا رجلاً من قريش فقالا له : من أين أقبلت قال عزيت علياً بفاطمة ، قالا : وقد ماتت ؟ قال : نعم ،  ودفنت في جوف الليل ، فجزعا جزعاً شديداً ، ثم أقبلا إلى علي " ع " فلقياه وقالا له : والله ما تركت شيئاً من غوايلنا ومساءتنا ، وما هذا إلا من شيء في صدرك علينا...))(علل الشرائع للقمي الجزء الأول  ص185-186).

 

فلو تأملنا كثيراً في الرواية، سنجد أن موقف الإمام علي (ع) من مولاتنا الزهراء (ع) كان إيجابيا تماماً، وأما موقف الشيخين فهو سلبي تماماً.