ماهي مؤهلات ابو طالب (ع) لتكفل النبي (ص) ولماذا هو من دون الباقين؟

: الشيخ معتصم السيد احمد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

فإذا كانت قريش سيدة العرب وكانت بني هاشم سيدة قريش فأن أبو طالب كان سيد بني هاشم وزعيمها بعد وفاة عبد المطلب، فحتى لو لم يكن عماً للنبي فليس هناك أحق منه بكفالة النبي وحمايته، فقد كان بيته بيت السيادة والشرف وبيت الشهامة والكرم وبيت الحنفية الابراهيمية التي لم تتلوث بعادات الجاهلية، قال الحلبي في سيرته: (كان أبو طالب ممن حرم الخمر على نفسه في الجاهلية كأبيه عبد المطلب) (سيرة الحلبي، ج 1، ص 184)، فكيف لا يكون هذا البيت هو الذي يكفل النبي ويحميه والنبي اساساً ينتمي لهذا البيت؟ وبذلك يكون النبي انتقل من بيت ابيه إلى بيت جده عبد المطلب ومن بيت جده إلى بيت عمه أبو طالب

وقد تولى أبو طالب بوصية من أبيه عبد المطلب كفالة النبي الأكرم (صل الله عليه وآله وسلم) الذي كان عمره حينئذٍ ثماني سنوات بحسب سيرة بن هشام، وقد أشار ابن شهر آشوب إلى هذه الوصية بقوله: لما حضرت عبد المطلب الوفاة دعا ابنه أبا طالب، فقال له: يا بني قد علمت شدة حبي لمحمد (صل الله عليه وآله وسلم) ووجدي به، انظر كيف تحفظني فيه. قال أبو طالب: يا أبتي لا توصني بمحمد (صل الله عليه وآله وسلم)، فإنه ابني وابن أخي. فلما توفي عبد المطلب كان أبو طالب يؤثره بالنفقة والكسوة على نفسه وعلى جميع أهله‏. وكان أبو طالب إذا أراد أن يعشي أولاده أو يغديهم‏ يقول: كما أنتم – أي امسكوا- حتى يحضر ابني فيأتي رسول الله فيأكل معهم) (مناقب آل أبي طالب، ج 1، ص 36)، وتحدث النبي (صل الله عليه وآله وسلم) عن ذلك العطف والحنان الذي حظي به في بيت عمه، فعندما توفيت فاطمة بنت أسد قال: اليوم ماتت أمي. وكفّنها بقميصه، ونزل في قبرها، واضطجع في لحدها. فقيل له: يا رسول الله لقد اشتد جزعك على فاطمة. قال: إنها كانت أمي، إن كانت لتجيع صبيانها وتشبعني، وتشعثهم وتدهنني‏ (تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 14). وقال صل الله عليه وآله بعد وفاة عمه أبي طالب: ما نالتني قريش شيئاً أكرهه حتى مات أبو طالب‏. (البداية والنهاية، ج3، ص164)

وقد اثبت التاريخ أن أبا طالب كان أهلاً لهذه الكفالة، فقد رعاه صغيراً أفضل الرعاية، وحماه وسانده في دعوته بعد بعثته الشريفة، فقد تصدى لقريش رغم كبر سنّه حيث بلغ عمره عند البعثة الخامسة والسبعين، فوقف منافحاً ومدافعاً عنه بلا أدنى تردد، ولم يزل رسول الله عزيزاً منيعاً من كل أذى واعتداء حتى توفى الله أبا طالب (عليه السلام)، وعندها جاء نداء ربّه يحمله جبرائيل: (أخرج من مكة فقد مات ناصرك) (المفيد، إيمان أبي طالب، ص 24)