لماذا طلب نبي الله سليمان (ع) ملكاً لا ينبغي لأحد من بعده؟ أليس يتوهم من ذلك الأنانية ؟ ولماذا أراد هكذا شيئاً لنفسه أصلاً؟

: السيد رعد المرسومي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: 

أنّ طلب سليمان عليه السلام الملك من الله عزّ وجلّ لا يقتضي البخل والمنافسة كما يظنُّ بعضهم أو يخيّل إليهم، وذلك لأنّ هذا الطلب له عدّة أجوبة ذكرها العلماء حين عرضوا لهذه الآية، أحدها: أنّ الأنبياء لا يسألون إلَّا ما يؤذن لهم في مسألته. وجائز أن يكون اللَّه - تعالى - أعلم سليمان أنّه إنْ سأل ملكا لا ينبغي لأحد غيره ، كان أصلح له في الدّين ، وأعلمه أنّه لا صلاح لغيره في ذلك . ولو أنّ أحدا صرّح في دعائه بهذا الشّرط ، حتّى يقول : « اللَّهمّ اجعلني أكثر [ أهل زماني ] مالا إن علمت ذلك أصلح لي » لكان ذلك منه حسنا جائزا ، ولا ينسب في ذلك إلى شحّ وضنّ . واختاره الجبّائيّ .

وثانيها : أنّه يجوز أن يكون - عليه السّلام - التمس من اللَّه - تعالى - آية لنبوّته يبيّن بها من غيره وأراد : لا ينبغي لأحد غيري ممّن أنا مبعوث إليه . ولم يرد من بعده إلى يوم القيامة من النّبيّين . كما يقال : أنا لا أطيع أحدا بعدك ، أي : لا أطيع أحدا سواك .

وثالثها : ما قاله المرتضى - قدّس اللَّه سرّه - : أنّه يجوز أن يكون [ إنّما ] سأل ملك الآخرة وثواب الجنّة . ويكون معنى قوله : « لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي ». لا يستحقّه أحد بعد وصولي إليه ، من حيث لا يصحّ أن يعمل ما يستحقّ به ذلك لانقطاع التّكليف .

ورابعها : أنّه التمس معجزة تختصّ به . كما أنّ موسى اختصّ بالعصا واليد [ البيضاء ]، واختصّ صالح بالنّاقة ، ومحمّد بالمعراج والقرآن .

ينظر: مجمع البيان للطبرسيّ عند تفسيره لهذه الآية، وتفسير كنز الدقائق للميرزا المشهديّ (ج11/ص227). ودمتم سالمين.