كيف يدعوا الامام المعصوم (ع) بالرجوع للفقيه الذي ليس له نصيب من العصمه؟و عقيدة الشيعة اذا أجتمع الامامان في زمن واحد فأمام ناطق والاخر صامت؟

اذا أجتمع الامامان في زمن واحد فأمام ناطق والاخر صامت كما هي عقيدة الشيعة فاذا كان حال المعصوم الاخر هو هذا وهو السكوت في وجود الامام السابق عليه فكيف يدعوا الامام المعصوم عليه السلام بالرجوع للفقيه الذي ليس له نصيب من العصمه

: السيد رعد المرسومي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: ليسَ المقصودُ منَ الإمامِ الصّامتِ ألّا يُجيبَ عنِ الأسئلةِ التي تُوجّهُ إليه، وإنّما لهُ كلُّ الحقِّ في أن يُجيبَ مَن يسألُه، لأنّهُ إمامٌ معصومٌ لا ينطقُ بالحُكمِ الشرعيّ إلّا بالحقّ. نعَم، هو لا يتصدّى للإمامةِ وتدبيرِ شؤونِ المُسلمينَ في مُختلفِ المجالاتِ معَ وجودِ الإمامِ النّاطقِ الأحقّ بالإمامةِ منهُ وفقَ التّرتيبِ الذي رتّبَ اللهُ عزَّ وجلّ بهِ أئمّةَ أهلِ البيتِ عليهم السّلام، ويؤيّدُ ذلكَ أنَّ بعضَ الصّحابةِ كانَ يسألُ بعضَ الأسئلةِ أو يرى أميرَ المؤمنينَ عليه السّلام يحكمُ بأحكامٍ في وقائعَ مُعيّنةٍ يستغربُها منهُ مَن كانَ حاضراً معه، وحينَ يرجعونَ في تلكَ المسائلِ إلى رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله، يجيبُهم عَن ذلكَ بأنّه لا يعلمُ فيها إلّا ما قاله عليٌّ عليه السّلام .(ينظر: منهاجُ الولايةِ في شرحِ نهجِ البلاغةِ للمُلّا عبد الباقي التبريزيّ ج1/ص605)، وشرحُ إحقاقِ الحقّ للسّيّدِ المرعشيّ ج32/ص154). وهكذا الحالُ مع الإمام الحسنِ عليه السّلام لـمّا كان يحكمُ ببعضِ الأحكامِ في حياةِ أبيه أمير المؤمنين عليهِ السّلام، فكانَ جوابه بأنّه لا يعلم في هذهِ المسألةِ جواباً آخرَ إلّا ما قاله ولدُه الحسنُ عليه السّلام.(ينظر تهذيبُ الأحكامِ ج10/ص58). ومعَ ذلك: نعلمُ بأنّ الإمامَ عليّاً ما كانَ يتقدّمُ على رسولِ اللهِ في شؤونِ ولايةِ المُسلمينَ وإدارةِ حياتِهم ومعاشِهم، وهكذا الحالُ معَ الإمامِ الحسنِ عليه السّلام لـمّا كانَ والدُه عليه السّلام هو المتولّي لشؤونِ المُسلمين. وأمّا لماذا يطلبُ الأئمّةُ عليهم السّلام منّا الرّجوعَ إلى الفقيهِ الذي هوَ غيرُ معصومٍ، فجوابُه أنّهم أعرفُ منّا بحقيقةِ هذهِ الأمورِ ، وأنّ ذلكَ جرى منهم لتسهيلِ أمورِ المُسلمينَ في حياتِهم ومعاشِهم وفقَ مُتطلّباتِ الحياةِ، وخصوصاً بعدَ أن أصبحَت مناطقُ سُكناهم بعيدةً عَن موطنِ الإمامِ عليه السّلام الذي ينبغي أن يُجيبَهم عَن أسئلتِهم التي يتعرّضونَ لها ، لترتفعَ عنهُم الحيرةُ واللّبسُ، فعلى سبيلِ المثالِ: أحدُ الرّواةِ وهوَ عليٌّ بنُ المسيّب يقولُ للإمامِ الرّضا عليه السّلام: شقّتي بعيدةٌ، ولستُ أصلُ إليكَ في كلِّ وقتٍ، فعمّن آخذُ معالمَ ديني؟ فيجيبُه الإمامُ عليه السّلام بقوله: مِن زكريّا بنِ آدم المأمونِ على الدّينِ والدّنيا كما في رجالِ الكشيّ، 496. أضِف إلى ذلكَ أنّ هؤلاءِ الفقهاء وإن لم يكونوا معصومينَ لكنّهم مِـمّن عرفوا الفروعَ عنِ الأصولِ التي ألقاها عليهم الأئمّةُ عليهم السّلام كما في قولِ الإمام الصّادق عليه السّلام لبعضِ أصحابه: إنّما علينا أن نُلقي عليكُم الأصولَ، وعليكم التّفريعُ، كما في كتابِ السّرائرِ لإبن إدريس الحلّيّ. أو كما في قولِ الإمامِ العسكريّ عليه السّلام للثقةِ الجليلِ أحمد بن إسحاق القُمّيّ في حقّ السّفيرينِ الأوّلِ والثاني: العُمريّ وإبنُه ثقتانِ، فما أدّيا إليكَ فعنّي يُؤدّيان، كما في كتابِ الكافي (ج1/ص330). وعليه: فإذا كُنّا حقّاً مِن أتباعِ أئمّةِ أهلِ البيتِ عليهم السّلام، فيجبُ علينا أن نُطيعَهم في هذا الأمرِ كما نطيعُهم في بقيّةِ الأمورِ التي حكموا بها وبيّنوها لشيعتِهم وفقَ عقيدةِ الشيعةِ الإماميّة التي ما عادت تخفى على القاصي و الدّاني. ودمتُم سالِمين.